The Swiss voice in the world since 1935

صعود اليمين المتطرف في غيلزنكيرشن يمثل تحديا للمستشار الألماني الجديد

afp_tickers

أعرب محمد الذي قدم جده من تركيا منذ خمسين عاما للعمل في مناجم غيلزنكيرشن في غرب ألمانيا، عن “تفهمه” للناخبين اليمينيين المتطرفين نظرا لوجود عدد كبير من الأجانب في هذه المدينة العمالية التي كانت لفترة طويلة معقلا منيعا لليسار.

ويمثل تنامي شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا في هذه المدينة مؤشرا على صعوده على المستوى الوطني، وتحديا للمستشار المحافظ الجديد فريدريش ميرتس الذي سيتولى مهامه الثلاثاء.

ومن أمام مدخل مكان عمله في توصيل البيتزا، ينظر محمد البالغ 28 عاما إلى المبنى الأزرق والأبيض المقابل حيث يسعى أشخاص يقول إنهم على الأرجح من رومانيا او بلغاريا، لكسب كفاف يومهم.

وقال من مسقط رأسه في حي شالكه حيث تأسس نادي كرة القدم المحلي الشهير الذي يحمل الاسم نفسه، “بالطبع أنا أتفهم أولئك الذين يصوتون لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا. إنهم يائسون”.

وأشار إلى أن هؤلاء المهاجرين هم “أشخاص من القاع، عاطلون عن العمل، أشخاص لا يتحدثون الألمانية، ومختلفون ثقافيا للغاية”.

تصدّر حزب البديل من أجل ألمانيا للمرة الأولى في غيلزنكيرشن الانتخابات البرلمانية التي جرت في شباط/فبراير، بحصوله على 24,7% من الأصوات.

حتى ذلك الحين، كان ثقل الحزب يتركز بشكل رئيسي في شرق البلاد.

وأظهرت بعض استطلاعات الرأي الأخيرة تقدم الحزب اليميني المتطرف على تحالف ميرتس.

– “مزايا اجتماعية” –

وأوضح محمد “عندما تخرج مساء، لا ترى إلا القليل من الألمان. في بعض الأحياء، من الأفضل عدم مغادرة المنزل بعد الساعة الثامنة مساء”.

ويشاطره الرأي كثر مثل بريجيت (77 عاما) التي قالت إن “محفظتها سُرقت ثلاث مرات” في غيلزنكيرشن.

واعتمدت هذه المدينة الواقعة في حوض الرور الصناعي في ازدهارها على الفحم والصلب. ولكن على عكس جيرانها، فشلت في النهوض بنفسها بعد إغلاق المناجم. 

وتعاني الآن من نسبة بطالة تناهز 14,8%، وهي الأعلى في البلاد وتمثل نحو ثلاثة أضعاف المعدل الوطني. ويواجه طفل من بين اثنين خطر الفقر، مقارنة بطفل من بين خمسة في مجمل البلاد.

ودفع الافتقار إلى فرص العمل السكان إلى مغادرة المدينة تدريجيا، وبقي فيها نحو 272 ألف شخص، بينهم 75 ألف أجنبي، مقارنة بـ 400 ألف شخص في مطلع الستينيات. 

في 2014، بعد رفع القيود المفروضة على توظيف مواطني بلغاريا ورومانيا اللتين انضمتا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2007، توافد العديد منهم للعيش في المباني المتداعية التي تعتبر غير صالحة للسكن في غيلزنكيرشن، فيما افترشت بعض العائلات الأرض.

واعتبر النائب عن الحزب الديموقراطي الاجتماعي ماركوس تونس أن “ليس لديهم أي فرصة للاندماج في سوق العمل، ولهذا السبب فإن العيش معهم أمر صعب”. 

وأشار تونس إلى أنه بالنسبة لهؤلاء المهاجرين الذين يقدّر عددهم في غيلزنكيرشن بنحو 13 ألف شخص “من الطبيعي أن يكون النظام الاجتماعي الألماني مغريا”.

وتقول البلدية أن هؤلاء المواطنين باعتبارهم رعايا دول في الاتحاد الأوروبي، يمكنهم الحصول على مزايا اجتماعية وبالتالي يعيشون في كثير من الأحيان في ظروف أفضل من موطنهم في قراهم الفقيرة للغاية، مشيرة إلى حالات احتيال تتعلق بأطفال مسجلين في ألمانيا ولكنهم في الواقع بقوا في بلدانهم. 

ويرى تونس أنه ينبغي زيادة عدد ساعات العمل المطلوبة أسبوعيا للحصول على الإعانات.

– “النظافة والنظام والأمن” –

ويعتبر حزب البديل من أجل ألمانيا، المعارض الرئيسي في البرلمان، أن الإحباط الذي يشعر به سكان غيلزنكيرشن مبرر.

وتعهد مرشحه للانتخابات البلدية المقررة في أيلول/سبتمبر نوربرت إميريش بإحلال “النظافة والنظام والأمن”.

واعتبر “أن صعودنا ما هو إلا انعكاس لاستياء الناس”.

وتقول لورا روزن، المرشحة عن حزب ميرتس المحافظ، إن “المدينة مكتظة بالمهاجرين”.

وأوضحت روزن (32 عاما) “عندما كنت في المدرسة، كان من بين 25 طالبا في الفصل سبعة مهاجرون. الآن أصبحوا 24” مشيرة إلى صعوبة تدريس هذا العدد الكبير من الطلاب الذين لا يجيدون جميعا اللغة الألمانية.

والمدينة التي استقبلت في البداية البولنديين ثم الأتراك للعمل في مناجمها، شهدت في السنوات الأخيرة وصول البلغاريين والرومانيين، وكذلك السوريين والأفغان منذ 2015، ثم الأوكرانيين بعد الهجوم الروسي في 2022. 

وقال داركو مانوجلوفيتش، رئيس مجلس عمال مصفاة بي بي التي توظف ألفي شخص، “لم يعد هناك أي وظائف جيدة تقريبا في غيلزنكيرشن”. ومن المرجح أن يزداد الأمر سوءا مع قرار الشركة البريطانية العملاقة بيع المصفاة.

سلب/ريم/ح س

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية