مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عولمة: سويسرا ضمن العشر الأوائل

ImagePoint

نشر معهد أبحاث النمو الاقتصادي في زيورخ مؤخرا تقريرا حول تفاعل الشركات في أكثر من 100 دولة مع تيار العولمة الجارف، فكانت سويسرا من بين أول 10 بلدان هي الأكثر سرعة في التأقلم مع العولمة.

ويقيم التقرير تجاوب الدول مع العولمة من خلال مؤشر يربط بين 23 متغير، اقتصادي واجتماعي وسياسي في الفترة ما بين عامي 1970 2003.

فيما يعتقد البعض أن العولمة بدأت منذ تسعينيات القرن العشرين، رأي معهد أبحاث النمو الاقتصادي التابع للمعهد الفدرالي العالي للتقنية في زيورخ ETHZ أن مؤشرات الانطلاق نحو العولمة بدأت منذ عام 1970، وسارت بخطوات متصاعدة بطيئة إلى عام 1990 ثم انطلقت بسرعة جارفة إلى اليوم، وذلك حسب تقريره السنوي الصادر في 8 فبراير 2006.

سويسرا، احتلت المركز التاسع قبل هونغ كونغ والصين، وبعد استراليا وفرنسا في الترتيب العام لأكثر البلدان اندماجا في العولمة، بينما استأثرت الولايات المتحدة بالمركز الأول، تليها السويد وكندا ثم بريطانيا ولكسمبورغ والنمسا، على الترتيب.

ويرتفع ترتيب سويسرا إلى المرتبة السابعة، في التقييم الخاص بالعولمة الاقتصادية، بينما قفزت فيه لوكسمبورغ إلى المرتبة الأولى ثم الصين وهونغ كونغ فأيرلندا وهولندا وسنغافورة على الترتيب.

لكن هذا الترتيب الجيد في العولمة، يهبط إلى المرتبة 33 عند قياس عولمة سويسرا على الصعيد السياسي، ليس عن فشل في هذا المجال، بل بالمقارنة بعدد السفارات الأجنبية التي تستضيفها والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، حيث استأثرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والسويد بالمراكز الأولى في القائمة.

العولمة حملت معها إيجابيات

ويعتقد البروفيسور اكسل دريهير مؤلف التقرير، بأن هذا الترتيب الجيد لسويسرا في قائمة الدول الأكثر تفاعلا في العولمة بشكل عام، أو الاقتصادية بالتحديد، سينعكس بشكل إيجابي على علاقات سويسرا الخارجية مع الدول ذات الاهتمام المشترك، حسب قوله إلى سويس انفو.

ومن المفارقات، أن البروفيسور دريهر يرى بأن العولمة لم تسفر عن أية سلبيات في نظام الضرائب أو الالتزامات الاجتماعية للدولة، لأنها (أي العولمة) تشجع على دفع عجلة الاقتصاد، وهو رأي يخالف العديد من الدراسات التي تحذر من تراجع دور الدولة اجتماعيا لمواجهة متطلبات العولمة، كما يتناقض مع عدة تقارير حذرت في السنوات الأخيرة من انتشار البطالة والفقر في الدول الصناعية المعروفة بالثراء مثل سويسرا.

إلا أن معهد أبحاث النمو الاقتصادي صاحب الدراسة، أرفق نتائج تقريره، بنظرة مستقبلية لمسار النمو الاقتصادي السويسري والذي يرى بأنه في تقدم إيجابي، وذلك استنادا إلى استطلاع للرأي أجراه مع حوالي 4000 شركة في جميع المجالات الصناعية والتجارية والخدمات المالية والمصرفية، ليصل إلى نتيجة مفادها أن “الغالبية سعيدة بما هي عليه الآن”.

وقد وجد التقرير أن قوة الصادرات السويسرية هي من أهم أسباب انخراط الإقتصاد المحلي في تيار العولمة الجارف، كما رصد نشاطا جيدا في مجالات الخدمات والبناء والأعمال المصرفية بشتى أنواعها.

أسباب التفاؤل

ويشرح البروفيسور ريتشارد ايتر هذه النتيجة الإيجابية في حديثه إلى سويس انفو، على اعتبار أنها “انعكاس لنتائج اقتصادية لم تكن متوقعة في النصف الأخير من العام 2005، وستتواصل على نفس المنوال في النصف الأول من عام 2006″، مشيرا إلى بعض الشواهد التي تعزز رأيه، مثل عدم وجود ضغوط لزيادة الرواتب أو حدوث أزمة في الأسعار أو أية مشكلات أخرى من هذه النوعية.

ومن قبيل المصادفة، أن يأتي نشر هذا التقرير بعد يوم واحد من إعلان كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية SECO عن نتيجة سبر للآراء، شارك فيه 1100 شخص، اظهر ارتفاعا في نسبة الإقبال على الشراء والإستهلاك، بشكل واضح عما أظهره استطلاع مشابه أجري في أكتوبر 2005.

وقد اعتبر الخبراء أن هذه النظرة الإيجابية انعكاس واضح لتحسن الحالة المالية في الربع الأخير من السنة الماضية، تبعها تفاؤل بأنها ستكون كذلك أيضا خلال العام الحالي، مع تراجع الخوف من البطالة أو فقدان الوظيفة، على الرغم من ارتفاع نسبة البطالة في سويسرا في شهر يناير 2006 إلى 3.9% بعدما كانت في ديسمبر 3.8% وهو تغيير طفيف لا ينجم عنه أي تغيير في متوسط معدل البطالة الذي استقر عند 3.6% في العام الماضي.

مؤشر العولمة .. عربيا

الإمارات العربية المتحدة كانت في المرتبة الحادية والعشرين في مؤشر العولمة، تلتها الكويت في المركز 32 ثم البحرين 34 والأردن 38 ومصر 45 وعمان 61 وتونس 82 والمغرب 90 وسوريا 99 وأخيرا المملكة العربية السعودية 123.

لكن الترتيب اختلف في قائمة أكثر الدول إقبالا على العولمة الإقتصادية بالتحديد، فكانت البحرين هي الأولى عربيا في المركز التاسع ثم عمان 23 فالكويت 29 والاردن 48 فمصر 74، والمغرب 85 وتونس 94 وسوريا 95 والسعودية 121

ثم وضع المؤشر ترتيبا آخر للعولمة الاجتماعية والسياسية، وفق معايير قد لا تكون قياسية بشكل محايد بل مثار جدل بين الخبراء.

فعلى سبيل المثال يقيس العولمة الاجتماعية بنسبة المكالمات الهاتفية بين الدول المعنية والولايات المتحدة وعدد مطاعم ماكدونالدز لكل مائة ألف ساكن، أي أنه ربط العولمة بمقدار الإقبال على الثقافة الأمريكية، وهو معيار أقل ما يُقال فيه أنه غير دقيق.

إذ أن العولمة لا تعني بالضرورة الارتباط الوثيق بالاقتصاد الأمريكي أو التشبع بثقافة الولايات المتحدة بقدر ما تعني التعامل مع الآخرين حسب الاهتمامات والمصالح المشتركة، وهنا يلعب التقارب بالتأثير اللغوي دوره، وفي هذا السياق أغفل المؤشر مثلا العلاقة القائمة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في المغرب العربي أو افريقيا جنوب الصحراء، أو تلك الموجودة بين اللغات الآسيوية المتعددة مثل الصينية واليابانية والهندية داخل القارة وخارجها، وكذلك الإسبانية في أمريكا اللاتينية.

من جهة أخرى، استند التقرير بشكل أساسي إلى بيانات صادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ووفق هذه المعايير كانت الكويت الأولى عربيا في العولمة الاجتماعية في المرتبة 24، ثم البحرين 26 والإمارات 29 والأردن 52 وعمان 53 ومصر 80 فتونس 82 ثم المغرب 87 والجزائر 97 والسعودية 123.

أما في العولمة السياسية فكانت مصر هي الأولى عربيا في المرتبة الحادية عشرة، تلتها الأردن 25 ثم تونس 48 فالجزائر 50 والمغرب 58 والسعودية 62 والكويت 75 ثم سوريا 78 وعمان94 والبحرين 97.

سويس انفو – تامر أبوالعينين

توقعات الخبراء حول نسبة النمو الاقتصادي السويسري لعام 2006:-
1.8% حسب كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية
2.0% وفق تقدير البنك الوطني السويسري
1.7% طبقا لتوقعات مجموعة كريدي سويس
1.5% بحسابات معهد أبحاث النمو الاقتصادي في زيورخ
1.8% كما يرى خبراء الاقتصاد في بازل
1.75% في تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا

احتلت سويسرا المرتبة التاسعة في مؤشر العولمة السنوي الصادر عن معهد ابحاث النمو الإقتصادي في زيورخ وتناول إستجابة 123 دولة لتيار العولمة.
استعرض التقرير أيضا ترتيب الدول وفقا لما وصفه بإنخراطها في العولمة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
يستند التقرير إلى معدلات الإتصال مع الولايات المتحدة وعدد مطاعم ماكدونالدز بالنسبة لعدد السكان، باعتبارها نوعا من التفاعل مع العولمة الإجتماعية، بينما ينظر إلى معدلات الإستثمارات الخارجية ونسبة المشاركة في حقائب الشهادات المالية، والحواجز الجمركية الخفية، كعوامل لتقييم مدى إلتزام الدولة بمعايير العولمة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية