The Swiss voice in the world since 1935

فرحة رسولوف بتمثيل فيلمه ألمانيا في السباق إلى الأوسكار مشوبة بالمرارة

afp_tickers

رغم امتنان المخرج الإيراني محمد رسولوف لاختيار فيلمه “دانه انجیر مقدس” (أي “بذرة التين المقدس”) لتمثيل ألمانيا في السباق إلى جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، تشوب المرارة فرحته لعدم تمكّنه من خوض المنافسة باسم بلده الذي غادره سرّا. 

وكان فيلم رسولوف التشويقي الذي صُوِّر سرّا في إيران ويحمل بالإنكليزية عنوان The Seed of the Sacred Fig لقيَ استحسان النقاد، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان كان السينمائي.

لكنّ سلطات النظام الديني في طهران لم ترشح هذا العمل الذي يتناول عائلة تفككت تحت وطأة القمع الحكومي لتمثيل الجمهورية الإسلامية في السباق إلى جائزة الأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي. 

وقال محمد رسولوف لوكالة فرانس برس قبل أيام من بدء عرض “بذرة التين المقدس” في الولايات المتحدة الأربعاء إن “فكرة اختيار الجمهورية الإسلامية هذا الفيلم لتمثيل إيران في الأوسكار غير واردة طبعا”. وأضاف “في الواقع، لو كان ذلك ممكنا، لما كان الفيلم موجودا أصلا”.

إلاّ أن ألمانيا التي اختار رسولوف الإقامة فيها منذ مغادرته إيران خلسة هي التي تبنّت ترشيح هذا الفيلم الروائي الذي يُتوقع بشدّة أن يتأهل إلى المرحلة الأخيرة من الترشيحات، إذ أنه مموَّل من شركات إنتاج فرنسية وألمانية.

وأعرب رسولوف عن ارتياحه لِكَون ألمانيا “أدركت الأهمية الدولية للفيلم وفتحت ذراعيها له”. ورأى أن الأمر “أشبه بحمل الشعلة”، وهو “إشارة للمخرجين الذين يعملون في ظل القيود في مختلف أنحاء العالم”.

لكنّ المخرج الإيراني يقرّ مع ذلك بأن فرحته باختيار فيلمه مشوبة بالمرارة. وقال “لديّ مشاعر متضاربة جدا”. 

– “ضغط” –

وتدور أحداث الفيلم في خضمّ قمع حركة “مرأة، حياة، حرية” التي قُتل خلالها مئات الأشخاص، بحسب منظمات غير حكومية.

ويروي “بذرة التين المقدس” قصة قاضي التحقيق إيمان الذي يعمل في خدمة النظام فيما كانت تتسع حركة الاحتجاج في العاصمة طهران ضد النظام بعد وفاة الشابة مهسا أميني التي اعتُقَلَت في نهاية عام 2022 لعدم احترامها قواعد اللباس الديني الصارمة.

أما زوجته نجمة فتُبقي التواصل قائما مع ابنتيه المتمردتين رضوان وسناء اللتين تدعمان التظاهرات الاحتجاجية سرّا من دون أن تُشاركا فيها.

ويتردد إيمان بداية في توقيع أوامر بإعدام المتظاهرين من دون أي دليل. لكن ضغوط النظام تزداد وتغرس في نفسه الشكوك تجاه الشباب.

وعندما يختفي المسدس الذي أُعطي له لحماية نفسه، يتسبب جنون العظمة لديه في ضرب وحدة عائلته.

وخلال العرض الأول للفيلم في مهرجان كان السينمائي، كان محمد رسولوف الذي أمضى بعض الوقت خلف القضبان قد فرّ للتوّ من إيران مشيا عبر الجبال للوصول إلى أوروبا.

وكان حكم بالسجن ثماني سنوات صدر بحق المخرج قبل مدة قصيرة من فراره بتهمة “التواطؤ ضد الأمن القومي” و”الدعاية ضد النظام”، بعد انتقاده “الفساد” و”عدم كفاية” السلطات الإيرانية.

وذكّر رسولوف بأن الممثلة سهيلة غلستاني التي تؤدي دور الأم نجمة في فيلمه، لا تزال في إيران، وتتعرض ل”الضغط الأكبر”.

ولاحظ أن الملاحقات القضائية ضد المخرجين تصاعدت في إيران خلال الأسابيع الأخيرة. 

– “مشتاق إلى إيران” –

والفيلم الذي اختارته إيران رسميا لجائزة الأوسكار هو “در آغوش درخت” (“في أحضان الشجرة”)، وتصفه وسائل الإعلام الرسمية بأنه “دراما عائلية عن تعايش القوميات الإيرانية الاصيلة من خلال تصوير ما يواجهه زوجان إيرانيان مع أبنائهما في الحياة بطريقة بسيطة”، معتبرة أنه يُبرز “جمال” إيران.

وقال رسولوف إن الأفلام “التي يتم إنتاجها وفقا لإملاءات الرقابة الإيرانية” لا تهمّه.

ورأى أنها “تميل إلى أن تكون بعيدة تماما عن الواقع، فمن يحضرها يشعر بأنها بمثابة إهانة لذكائه”.

وأوضح رسولوف أن ثمة تأثيرات هوليوودية طبعت فيلمه التشويقي، خصوصا الفصل الأخير منه.

وشرح أنه تأثر بفيلمَي “سترو دوغز” Straw Dogs للمخرج سام بيكينباه و”شاينينغ” Shining للمخرج ستانلي كوبريك، وعمد إلى “التلاعب بالأنواع (السينمائية) ومزجها بطريقة جديدة”.

ويعمل المخرج راهنا على فيلم رسوم متحركة عن عباس نلبانديان، وهو كاتب مسرحي ملتزم “كانت لديه تجارب بالغة الأهمية عن الثورة الإيرانية”.

وأمل رسولوف الذي دَرَجَ على إخراج أفلامه من دون أن يكون في موقع التصوير لتجنب رقابة السلطات، في أن يتمكن من إنجاز هذا المشروع رغم وجوده خارج إيران، وهو واقع لا يزال يجد صعوبة في تقبُّله كليّا.

وقال “استمرار هذا الأمر منذ ستة أشهر أمر قاسٍ جدا. أنا مشتاق كثيرا إلى إيران”.

أمز/ب ح/الح

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية