The Swiss voice in the world since 1935

فرنسا وأوروبا تخصصان استثمارات طائلة لاستقطاب الباحثين بمواجهة “إملاءات” ترامب

afp_tickers

في مواجهة “إملاءات” إدارة دونالد ترامب في مجال الأبحاث، أعلنت أورسولا فون دير لايين وإيمانويل ماكرون الاثنين عن ميزانيات بمئات ملايين اليورو لجذب العلماء الأجانب إلى أوروبا وفرنسا، في ظل التهديدات التي تطاول عملهم في الولايات المتحدة.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية في ختام فعاليات “اختر أوروبا من أجل العلم” (“Choose Europe for science”) التي نُظمت في باريس بمبادرة من الرئيس الفرنسي، إن التشكيك في دور العلم يشكل “سوء تقدير كبيرا”.

وقال ماكرون من جانبه “لم يكن أحد ليتصور أن هذه الديموقراطية العظيمة في العالم، التي يعتمد نموذجها الاقتصادي بشكل كبير على العلم الحر”، “سترتكب مثل هذا الخطأ”، منددا بأي “إملاءات تتمثل في القول إن حكومة ما” يمكنها منع “البحث في هذا أو ذاك”.

وتواجه الجامعات ومعاهد البحوث في الولايات المتحدة ضغوطا سياسية ومالية متزايدة خلال ولاية ترامب الحالية، بما في ذلك تهديدات بخفض كبير للتمويل الفدرالي.

وتواجه برامج البحوث خطر الوقف، وقد سرّح عشرات آلاف الموظفين الفدراليين، فيما يخشى الطلاب الأجانب ترحيلا محتملا بسبب آرائهم السياسية.

كما أنّ علماء كثيرين يتساءلون عن إمكان نقل بحوثهم إلى أماكن أخرى من العالم.

ولتشجيعهم على “اختيار أوروبا”، ستقترح المفوضية الأوروبية “تمويلا جديدا بـ500 مليون يورو” للفترة 2025-2027، كما أعلنت رئيستها في حرم جامعة السوربون العريقة في قلب باريس.

وفي معرض الترويج “للاستثمارات المستقرة والمستدامة” و”البنية الأساسية” المواتية للبحث العلمي في أوروبا، أعلنت أورسولا فون دير لايين عن تدابير لمعالجة “الفجوات”، بينها خصوصا “منحة ضخمة جديدة لمدة سبع سنوات” ومضاعفة “المبلغ التكميلي” المدفوع لمنح البحث العلمي حتى عام 2027.

وأضافت “على المدى المتوسط والطويل، وبالتعاون مع الدول الأعضاء، نريد تحقيق هدف تخصيص 3% من الناتج المحلي الإجمالي للاستثمار في البحث والتطوير بحلول عام 2030″، مؤكدة رغبتها في “ترسيخ حرية البحث العلمي في التشريعات من خلال قانون جديد بشأن منطقة البحث الأوروبية”.

كذلك، أعلن ماكرون أن الحكومة الفرنسية ستستثمر مبلغا “إضافيا” قدره 100 مليون يورو، سيتم تمويله من احتياطي برنامج الاستثمار العام فرنسا 2030 الذي لم يتم تخصيصه حتى الآن، وفق ما أوضح قصر الإليزيه.

كما أعرب ماكرون عن دعمه “للمقترحات، بما في ذلك التشريعية، الرامية إلى توفير حماية أفضل للاجئين العلميين”، في إشارة واضحة إلى مشروع القانون الذي قدمه سلفه الاشتراكي فرنسوا هولاند في الجمعية الوطنية الفرنسية.

– “نقص مزمن في التمويل” –

وأعلن الرئيس الفرنسي عن المؤتمر في منتصف نيسان/ابريل، تزامنا مع إطلاق منصة “اختر فرنسا للعلوم” Choose France for Science، والتي “سجلت مذاك أكثر من 30 ألف طلب، ثلثها من الولايات المتحدة”.

وأثارت المبادرة استياء اتحادات التعليم العالي والبحث العلمي في فرنسا، إذ اعتبرتها “صادمة، بل غير لائقة”.

كما نددت هذه الاتحادات بـ”النقص المزمن في التمويل” للقطاع، و”عمليات الدمج القسرية” للمؤسسات، لكنهما انتقدت أيضا “الهجمات شبه المستمرة على الحرية الأكاديمية”، مذكرة بالجدل حول تيار الـ”woke” (الرافض للتمييز بأشكاله كافة) في الجامعات.

وقال مدير المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية ديدييه سامويل “حصلت إعادة استثمار في الأبحاث” في السنوات الأخيرة، ولكن “لم نتمكن بعد من سد الفجوة”. وأوضح في تصريحات لإذاعة “فرانس إنفو” الفرنسية “يتعين علينا الحفاظ على هذا الزخم وتوسيعه”.

ويتمثل الهدف في جعل فرنسا وأوروبا عموما أكثر جاذبية، فيما الرواتب والمبالغ المخصصة للأبحاث في القارة العجوز أقل بكثير من تلك الموجودة في الولايات المتحدة، رغم أن أوروبا تتمتع بميزات تفاضلية في هذا المجال، سواء في جودة البنى التحتية للأبحاث أو في إطار الاستقبال لأسر الباحثين.

وفي افتتاح المؤتمر، أشارت المفوضة الأوروبية للأبحاث إيكاترينا زاهارييفا إلى أن الاتحاد الأوروبي يستضيف بالفعل “25% من الباحثين في العالم” و”كل يورو يتم استثماره اليوم من خلال برنامج إطار عمل أفق أوروبا سيولد 11 يورو من مكاسب الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2045″.

– تبعيات أوروبية –

وتضمّن الحدث أيضا جلستي نقاش شارك فيهما أكاديميون أميركيون وشخصيات من القطاع.

وتناولت إحدى الجلستين سبل مكافحة التبعيات الأوروبية في مجال البحث العلمي، في حين أن الانسحاب الأميركي من شراكات عدة “قد تكون له عواقب على أمننا، خصوصا في ما يتصل بالرعاية الصحية، وعلى برامج تعاون كبرى” كتلك المرتبطة بالمناخ، بحسب الإليزيه.

أما الجلسة الأخرى فتناولت موضوع الحرية الأكاديمية ومساهمة البحث في تحقيق المنافع العامة العالمية. ويشمل ذلك على سبيل المثال قواعد البيانات، وكثير منها دولية، والتي قد يواجه الوصول إلى بعضها تهديدات بقرارات من الإدارة الأميركية.

وقال ماكرون “لا يمكن لفرنسا وأوروبا السماح بحدوث ذلك. لهذا، نحن بحاجة ماسة لحماية أو إعادة إنشاء قواعد البيانات هذه للمضي قدما”.

بسل-ففف-بير/جك/ب ق

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية