مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قلقٌ من الجدار وتحذير من الموقف الأمريكي

دعم جورج بوش لمخطط شارون يثير قلق الفلسطيينيين وغضبهم Keystone

تحولت ندوة الأمم المتحدة لمناقشة تأثيرات إقامة الجدار العازل على الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى محفل للمطالبة بتحرك دولي عاجل لدعم حقوق الفلسطينيين، وذلك إُثر دعم الرئيس بوش لأرييل شارون.

وترى عدة شخصيات فلسطينية أن ما قام به الرئيس الأمريكي لا يزيد عن “تدمير نهائي لخارطة الطريق”.

تطبيقا لقرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة الصادر في 3 ديسمبر من العام الماضي، تنظم الأمم المتحدة اجتماعا دوليا في قصر الأمم بجنيف يومي 15 و16 ابريل، لمناقشة التأثيرات المترتبة عن إقامة إسرائيل للجدار العازل على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتزامن عقد هذا الاجتماع الذي تشارك فيه عدة شخصيات فلسطينية ودولية وشخصيات إسرائيلية مناهضة لسياسة حكومة بلادهم، مع تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش الداعمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون بخصوص خطة الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة. وقد تحول الاجتماع إلى منبر للتعبير عن ردود فعل غاضبة تجاه الموقف الأمريكي.

قلق وتحذير من كوفي أنان

كلمة الأمين العام أمام الاجتماع حول تأثير إقامة الجدار، حتى إن حاولت التمسك بلب الموضوع المخصص للجدار، فإنها أشارت إلى المخاطر التي قد تنجم “عن محاولات هذا الطرف أو ذاك للحصول على امتيازات سياسية عن طريق إجراءات قد تضر بالطرف الثاني والتي مآلها الفشل حتى إن كانت ستحقق بعض المكاسب على المدى القصير”.

وقد ذكر الأمين العام في كلمة تمت قراءتها امام الحاضرين بالوضع الإنساني الذي يعيشه الشعب الفلسطيني والذي قال عنه “إنه مأساوي وقد يعمل على تعريض أمن منطقة غير مستقرة بالكامل للخطر”.

ممثل منظمة المؤتمر الإسلامي السيد بابكر با، أدان من جهته ما وصفه “بإقامة جدار عنصري ترغب إسرائيل من ورائه عرقلة إقامة دولة فلسطينية بتحويل ترابها إلى بانتوستانات معزولة عن بعضها البعض”.

وسيسمح الاجتماع الذي يتواصل يومين، لأكثر من عشرين خبير فلسطيني وإسرائيلي ودولي بتقديم وجهة نظرهم فيما يتعلق بالتأثيرات المحتملة لإقامة هذا الجدار.

“تحويل غزة إلى سجن كبير”

الوفد الفلسطيني المشارك في هذا الاجتماع بشخصيات رسمية وغير حكومية هامة، استغل هذا المحفل لتوضيح مخاطر إقامة الجدار ومخاطر سياسة الوزير الأول الإسرائيلي آرييل شارون.

فقد شدد ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك ناصر القدوة “على أهمية عقد هذا الاجتماع أثناء هذه التطورات التي تمت أمس في واشنطن”، واصفا إقامة الجدار “بأنه يمثل التهديد الأساسي للوصول إلى سلام في الشرق الأوسط”.

كما وصف الممثل الفلسطيني “حكومة شارون بأنها حكومة لا ترغب في سلام نهائي ودائم، وأنها تقوم بكل ما في وسعها لتحطيم المبادرات السلامية المتتالية، من مبادرة جورج تينيت مرورا بتوصيات ميتشل وانتهاء بخارطة الطريق اليوم”.

وبعد أن ذكر السيد القدوة بتعارض ما يقترحه شارون بدعم من جورج بوش مع القانون الدولي والشرعية الدولية، انتهى إلى خاتمة مفادها أن ما هو مقترح لقطاع غزة بدون وضع حدودها الجغرافية او توضيح للسيادة الترابية والمائية يعني “تحويلها إلى سجن كبير… وهذا بمثابة عقاب جماعي”.

الأثر التدميري لتصريحات بوش

اما سكرتير المبادرة الوطنية الفلسطينية المشارك في هذا الاجتماع السيد مصطفى البرغوتي، فقد عبر لسويس إنفو عن أفكار سيعرضها أمام الاجتماع، وبلغة اقل دبلوماسية تعكس ما يشعر به الفلسطينيون تجاه الدعم الذي عبر عنه الرئيس الأمريكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي. إذ يعتقد السيد البرغوتي “أن الرئيس الأمريكي غير واع لنتائج أعماله وخطابه، ولا يقدر بصورة صحيحة الأثر التدميري الهائل لما تحدث عنه”.

من هذه التأثيرات “التدميرية” لخطاب جورج بوش عدد السيد البرغوتي “تمزيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، وتوجيه رسالة مفادها أن العالم تحول إلى غابة تحكمها قوة الدبابات والطائرات، ولا قيمة لكل ما حققته الإنسانية من شرعية دولية وقوانين تحكم تصرف الناس”.

كما يرى السيد البرغوتي أن تصريحات الرئيس الأمريكي هي بمثابة “تدمير لخارطة الطريق وإنهاء لأي دور وساطة تقوم به الولايات المتحدة، وإنهاء لما يمكن أن يسمى بعملية السلام”.

خيار “دولة ثنائية القومية”

ويرى السيد مصطفى البرغوتي أن الرئيس الأمريكي بدعمه للمخطط الإسرائيلي، في وقت يتردد فيه بعض القادة العرب على العاصمة الأمريكية واشنطن، هو بمثابة “احراج فاضح لهؤلاء القادة العرب “خصوصا وانه قرر حسم الأمور بين اسرائيل والولايات المتحدة بدون مشاركة فلسطينية او عربية”.

وعن هامش المناورة الذي يبقى امام الفلسطينيين في ظل التطورات الأخيرة يرى أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية “أن لا خيار غير العودة إلى إقامة دولة واحدة ديموقراطية وثنائية القومية، وعلى إسرائيل أن تتحمل ما يترتب عن ذلك من نتائج”.

ويشرح السيد البرغوتي أن قبول قيام الدولة الفلسطينية المستقلة “كان بمثابة مساومة تاريخية وحل وسط”. وما دامت إسرائيل قد نسفت مقومات إقامة هذه الدولة المستقلة، يرى السيد البرغوتي أن ما تبقى امام الفلسطينيين هو العودة إلى ما نصت عليه الشرعية الدولية أي “العودة إلى إقامة دولة واحدة فوق أرض فلسطين تضم كل من يقطن على ارض فلسطين وكل من يعود إليها من اللاجئين”.

وعما إذا كان في ذلك تشددا من قبل الفلسطينيين، يرى السيد البرغوتي “أنه الخيار الوحيد المتبقى أمام الفلسطينيين وإلا تحولوا إلى عبيد للاحتلال ولنظام اضطهاد عنصري إلى الأبد”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية