مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لا أحد في مأمن من التنصت…

الوزيرة البريطانية السابقة كلير شورت أثناء لقاء مع الأمين العام كوفي أنان Keystone Archive

أثارت قضية التنصت على مكالمات الأمين العام للأمم المتحدة زوبعة سياسية في أروقة المنظمة الأممية والساحة البريطانية على حد سواء.

اتهام الحكومة البريطانية بالتجسس على السيد كوفي أنان يثير قضية حرمة المنظمة الأممية، ويحرج موقف رئيس الوزراء توني بلير.

إن مثل هذه الممارسات قد تضر بسرية ونزاهة المبادلات الدبلوماسية، لأن الذين يتحدثون إلى الأمين العام للأمم المتحدة ينطلقون من مبدأ أن محادثاتهم سرية”.

بهذه العبارات رد الناطق بأسم الأمين العام للأمم المتحدة فريد إيكهارت يوم الخميس على التقارير الصحفية التي أوردت تصريح لوزيرة بريطانية سابقة، اتهمت فيه أجهزة المخابرات البريطانية بالتنصت على مكالمات الأمين العام كوفي أنان قبل شن الحرب ضد العراق.

وأوضح الناطق باسم الأمين العام أن رد فعل السيد كوفي أنان تمثل ببساطة في المطالبة ب”ضرورة الوقف الفوري لهذه الممارسات في حال وقوعها فعلا”.

انتهاك للعديد من المواثيق والمعاهدات الدولية..

وفي رده على أسئلة الصحفيين في نيويورك، اضطر المتحدث باسم الأمين العام لوصف ما حدث “بأنه غير شرعي، ويتنافى مع بنود ثلاث معاهدات دولية”.

فمعاهدة عام 1946 حول الامتيازات والحصانة التي تتمتع بها منظمة الأمم المتحدة، تنص على “عدم تعريض موظفي وممتلكات الأمم المتحدة لأي نوع من التفتيش والحجز والمصادرة والتأميم، وأي نوع آخر من التدخلات، سواء من قبل جهات حكومية أو إدارية أو قضائية أو شرعية”.

كما أن هناك معاهدة عام 1947 التي تنظم العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية كبلد مضيف، وبين الأمم المتحدة كمنظمةٍ دولية يقع مقرها الرئيس فوق التراب الأمريكي.

وأخيرا هناك معاهدة فيينا للعام 1961، والتي تقنن العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وتفرض حصانة على موظفي وممتلكات البعثات الدبلوماسية في البلد المضيف.

ويجدر بالذكر، أنه حتى لو حاولت الأمم المتحدة تجنب تصعيد الموقف في الوقت الحالي، فإن الإفشاء بهذه المعلومات من قبل وزيرة بريطانية سابقة، يثير قلق المنظمة.

وتبدى ذلك في مسارعتها بالتعبير عن أنها “تتخذ من حين لآخر إجراءات إضافية لتأمين مكالمات الأمين العام، وتفتيش مكاتب المنظمة في محاولة لاكتشاف أجهزة تصنت”. لكن الناطق باسم المنظمة لم يرغب في الإفشاء بما تم العثور عليه بعد خروج تلك التصريحات إلى العلن.

وعما إذا كانت أمام المنظمة وسائل قانونية يمكن استعمالها، اكتفى السيد إيكهارت بالتعبير “عن أمل الأمين العام في أن يتم وضع حد لهذه الممارسات”، مذكراً بضرورة إيفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها التي وقعت عليها في المعاهدات المختلفة.

التنصت ممارسة معتادة؟

لكن اللافت في القضية برمتها، هو أنها سلطت الأضواء على مسألة تبدو ممارسة بصورة متكررة. فقد صرحت عدة شخصيات أممية أنها تعرضت لعمليات تنصت، أو أنها تعتقد أنها كانت معرضة لمثل هذا الانتهاك.

فالأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي، صرح في حديث صحفي بأنه “كان عرضة لعمليات تنصت من أول يوم تولى فيه مهمته كأمين عام”.

وأوضح الدكتور بطرس غالي بأنه لم يفاجأ عند سماع هذا الخبر، “لأنه قيل لي من أول يوم توليت فيه هذه المهمة، إن مكتبي ومنزلي قد يكونا عرضة للتنصت، لأن الدول التي لديها القدرة على ذلك لن تتردد في القيام به”.

كبير مفتشي الأمم المتحدة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، الأسترالي ريتشارد باتلر أوضح هو الآخر في تصريحات صحفية، أنه كان عرضة للتنصت من قبل أجهزة أربع دول على الأقل، هي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وبريطانيا.

وذهب ريتشارد باتلر إلى حد القول إن الذين كانوا مشرفين على عمليات التنصت “قدموا له عينات من عمليات تصنت على أشخاص آخرين”، وقالوا له إن الهدف منها مساعدته في نزع أسلحة دمار العراق..

ويردف السيد باتلر بأنه من المعروف في أوساط الدبلوماسيين في نيويورك “أنهم يذهبون إلى الطابق السفلي بمبنى الأمم المتحدة حيث الهرج الكبير، من أجل تبادل أسرارهم بصوت خافت”.

أو أنه شخصيا كان “يخرج إلى مقهى عمومي خارج البناية للتحادث مع شخصيات هامة في قضايا حساسة”.

وسواء تطورت قضية التصنت على مكالمات الأمين العام، أم تم الاكتفاء بما قيل عنها لحد الآن، فأن المؤكد أنها ستمثل بداية مشكلة جديدة بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذي ما فتئ يخرج من أزمة ليجد نفسه في مواجهة أخرى.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

عملية التصنت على مكتب الأمين العام للأمم المتحدة من قبل أجهزة المخابرات البريطانية، التي أفشت بها الوزيرة البريطانية السابقة كلير شورت، ليست العملية الأولى التي تتعرض لها الأمم المتحدة، بل سبق التجسس على الأمين العام السابق بطرس بطرس غالي وكبير مفتشي اسلحة الدمار الشامل العراقية الأسترالي ريتشارد بوتلر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية