مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لا سلام بدون الأمن والرفاهية

كلاواس شفاب رئيس ومؤسس منتدى دافوس الاقتصادي الدولي أثناء الندوة الصحفية في جنيف Keystone

هذا هو المحور الذي اختار المنتدى الاقتصادي العالمي التركيز عليه في دورة هذا العام التي تبدأ أشغالها يوم 21 يناير في منتج دافوس.

وستكون قضايا العالمين، العربي والإسلامي، حاضرة في مداولات المنتدى الرئيسية، وورش العمل الجانبية التي ستشهد مشاركة عربية ودولية مُـلفتة.

احتضنت جنيف صبيحة الثلاثاء الندوة الصحفية التقليدية لكلاوس شفاب، المدير المؤسّـس للمنتدى الاقتصادي العالمي، لاستعراض برنامج دورة هذا العام التي تنتظم من 21 إلى 25 يناير في منتجع دافوس شرق سويسرا.

ويرى السيد شفاب أن الأجواء التي ينعقد فيها المنتدى هذه المرة “تدعو إلى التفاؤل مقارنة مع أوضاع العام الماضي”. ويبدو أن المشرفين على هذه التظاهرة الدولية المرموقة قد تجاوزوا “حالة الطوارئ” التي طبعت أشغالها في العامين الماضيين عندما تحوّلت إلى محفل لاستعراض ردود الفعل حول الأحداث، مثلما حصل في دورة نيويورك الاستثنائية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أو في دورة العام الماضي عشية الاستعداد لحرب الولايات المتحدة على العراق.

هذا العام، عاد منتدى دافوس إلى سالف عهده، واختار البحث في المسارات الجديدة التي يقترحها على رجال السياسية والاقتصاد والمال للسنوات القادمة. ويقول الشعار الذي تم اختياره هذا العام أن الأمن والرفاهية الاقتصادية شرط لتحقيق السلام في العالم.

وفي معرض شرحه لهذا الاختيار، يقول مدير المنتدى: “إنه لا يمكن تحقيق نمو اقتصادي مستديم، إذا لم يتوفر الأمن، كما لا يمكن تحقيق الأمن في بعض المناطق المضطربة من العالم إذا لم يكن هناك أمل في تحقيق الرفاهية”، أي أن “توفير الأمن والرفاهية معناه تحقيق السلام” على حد قول السيد شفاب.

ومن المؤكّـد أن إطلاق شعار من هذا القبيل، يُـعزّز انتقادات المعارضين للمنتدى وللعولمة بشكل عام، الذين لا يتردّدون في اتهامه بالترويج لرؤية غربية أحادية الجانب قائمة على أسس غير عادلة.

وفي ردّ على سؤال لسويس انفو حول سبب غياب عبارة “العدالة” عن شعار دورة هذا العام، أكّـد السيد كلاوس شفاب أنه “قصد ذلك ضمنيا لأن العدالة تتطلب أيضا تحقيق الأمن والرفاهية”.

بريمر ومشرف والبرادعي

وتُـفيد الأرقام التي قدّمها المشرفون على المنتدى أن دورة هذا العام ستستقطب اكثر من 2100 مشارك من 94 بلدا، تتميّـز بمشاركة أوروبية مكثّـفة، وخاصة من طرف البلدان العشرة التي ستلتحق بالاتحاد الأوروبي في شهر مايو القادم.

أما المشاركة الأمريكية فستكون استثنائية إلى حدّ ما، حيث أُعلن عن مشاركة وزير العدل جون آشكروفت، والحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر، إضافة إلى الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتن.

وبالاطلاع على قائمة رؤساء الدول والحكومات (أكثر من 30)، الذين سيتحولون إلى منتجع دافوس، يتأكّـد مرة أخرى أن المنتدى الاقتصادي العالمي لا زال يحظى باهتمام أصحاب القرار في العالم من سياسيين، واقتصاديين، إضافة إلى أعداد متزايدة من رجال الدين والثقافة والأكاديميين والإعلاميين.

لذلك، لم يكُـن مستغربا أن يُـعلن عن مشاركة الرئيس الباكستاني برفيز مشرف، والرئيس النيجيري اولوسيجون اوباسانجو، والرئيس الجورجي الجديد ميخائيل ساخاشفيلي، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي، والأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي جوب دو شيفر.

من جهة أخرى، يشارك في أشغال المنتدى ممثلون عن اكثر من 50 منظمة غير حكومية في سياق المحاولات التي يبذلها المشرفون عليه منذ بضعة أعوام للرد على ما يُـتّـهم به من ترويج للسياسات والتوجّـهات التي يرسمها رجال المال والأعمال في الدول المتقدمة دون أي مراعاة لمطالب ممثلي المجتمع المدني.

وكالعادة، سيكون للحكومة السويسرية حضور مكثف، حيث سيتحول إلى دافوس رئيس الكنفدرالية لهذا العام جوزيف دايس، ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي راي، ووزير الشؤون الداخلية باسكال كوشبان.

العالم العربي بالقديم والجديد

في حقبة التسعينيات، تحوّل منتدى دافوس إلى موقع مميّـز لإطلاق أفكار ومبادرات لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وذهب البعض إلى أن حضور ياسر عرفات وإسحاق رابين وشمعون بيريز وحسني مبارك في تلك السنوات، كان المبرر الرئيسي لاهتمام وسائل الإعلام الدولية بما يحدّث في المنتجع السويسري.

لكن دورة هذا العام التي ستشهد مشاركة نائب الوزير الأول الإسرائيلي ايهود أولمرت، ووزير الخارجية سيلفان شالوم، إضافة إلى وزيري التخطيط والمالية الفلسطينيين، نبيل شعث وسلام فياض، لن تُـغفِـل قضابا الشرق الأوسط تماما، بل “ستهتم بها من خلال عدّة محاور”، على حدّ ما جاء في رد فريدريك سيكري، أحد مدراء المنتدى على سؤال لسويس انفو. كما سيتم التطرق إلى “مبادرة جنيف” من خلال مشاركة ياسر عبد ربه، وابراهام بورغ في الملتقى الجانبي، باعتبارها واحدة من مبادرات المجتمع المدني.

من جهة أخرى، يُـنتظر أن يحتل العراق الصدارة في اهتمامات دورة هذا العام لمنتدى دافوس، حيث سيحضُـر أشغاله الحاكم المدني الأمريكي في العراق مرفوقا بستة أعضاء في مجلس الحكم الانتقالي، شارك البعض منهم في دافوس العام الماضي كممثلين عن المعارضة العراقية لنظام صدام حسين. وقد تم تخصيص العديد من جلسات المنتدى لمناقشة الأوضاع القائمة في العراق من منظور أمني، واقتصادي، ومؤسساتي، والبحث في الآفاق المستقبلية.

تســــاؤل

ويمكن القول بدون تردّد أن إحدى مفاجآت هذه السنة، تتمثل في استضافة دافوس للوزير الأول الليبي شكري غانم، وذلك رغم حداثة عهد الانفتاح العالمي على ليبيا بعد تسوية مشاكلها مع القوى العظمى. وأفادت بعض المصادر المقربة من المنتدى أن جهودا بُـذِلت لاستضافة سيف الإسلام القذافي، لكنها لم تُـفلح.

وبالإضافة إلى حضور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي يعد من المشاركين التقليديين في منتدى دافوس، من المتوقع حضور الوزير الأول المغربي إدريس جطو، كما سيكون للخليجيين حضور مميز من خلال مشاركة العديد من وزراء الطاقة والاقتصاد في بلدان مجلس التعاون. أما المملكة العربية السعودية فسوف تحظى بعدة جلسات نقاش تهتم احداها بالإصلاحات الجارية في المملكة.

ويرى ريتشارد سامانس، مدير معهد الشراكة والإدارة التابع للمنتدى أن الندوة التي ستنظم بين ممثلين عن العالمين العربي والإسلامي وممثلين عن العالم الغربي لدعم حوار الح ضارات “ستكون فرصة لتعميق الفهم المتبادل بين الطرفين فيما يتعلق بمفاهيم مثل التسامح، ودور الإعلام، والتربية والتعليم، والتبادل الثقافي، سواء على المستوى العلمي او على المستوى الشعبي”.

وإذا كان “الأمن والرفاهية والسلام” الذي اختاره منتدى دافوس شعارا له هذا العام يمثل ملخصا لمطالب كل شعوب وسكان العالم، إلا أنه يشكّـل بلا ريب أولوية مُـطلقة بالنسبة لشعوب العالمين العربي والإسلامي. لكن السؤال الذي يظل معلّـقاإلى حين انتهاء أشغال المنتدة الاقتصادي العالمي: “هل لهذه العبارات نفس المفهوم والمدلولات لدى الجميع؟

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

منتدى دافوس الدولي بالارقام
2100 مشارك في اكثر من 200 إجتماع من 94 بلدا
أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة و75 وزيرا
أكثر من 50 ممثل لمنظمات المجتمع المدني
18 ممثلا عن الأديان، و 18 ممثلا للنقابات العمالية
50% من مجموع المشاركين من رجال المال والأعمال

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية