مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لكل عاصمة دوافعها

التنديد المغاربي بالهجوم الأرهابي كان شاملا لكن المنطلقات تختلف من عاصمة إلى اخرى swissinfo.ch

كغيرها من حكومات دول العالم، سارعت حكومات دول المغرب العربي الخمس لإعلان استنكارها لتفجيرات الثلاثاء الأمريكية. و بعضها بالغ في استنكاره و في التعبير عن حزنه على الضحايا وإدانته لمرتكبي للتفجيرات.

وإذا كان كسب رضا واشنطن القاسم المشترك فيما بين استنكارات الحكومات الخمس، فإن منطلقاتها تختلف وتتباين ما بين الخوف من توجيه الاتهام أو التبرير لسياسات متبعة كانت تلقى رفضا أو الاستفادة من الحادث لكسب نقطة في حسابات لا علاقة لها بالتفجيرات.

وإذا كانت مواقف تونس ونواكشوط لم تخرج عن إطار الحماس العالمي لتأييد واشنطن، فإن اكثر الاستنكارات إثارة وغرابة كان الاستنكار الليبي. الذي لم يكن سباقا فقط بل متشددا. إذ كانت طرابلس وزعيمها العقيد معمر القذافي من أوائل من استنكروا وأدانوا أضاف لها العقيد القذافي إثارة جديدة بتأييده أية ضربة عسكرية ستوجهها واشنطن للجهات التي تقف وراء هذه التفجيرات أو الدول التي تأويها.

ليبيا والماضي

وعودة للتاريخ القريب، تسهل فهم الموقف الليبي، الذي بقي متجاهلا من طرف الإدارة الأميركية على عكس الموقف السوري والإيراني. فليبيا، مثل إيران وسوريا، حسب لوائح وزارة الخارجية الأمريكية، من الدول الراعية للإرهاب ويسهل الربط بينها و منفذي التفجيرات في واشنطن ونيويورك.

الملف الليبي، أميركيا، يضم أوراق قضية تفجير الملهى الليلي في ألمانيا 1986الذي دفعت ليبيا ثمنها غارات جوية على مقر العقيد القذافي في طرابلس . ويضم أيضا أوراق قضية لوكربي التي لا زالت تدفع ثمنها بعد حصار جوي وعزلة سياسية دولية دام سبع سنوات واحد رعاياها في السجن.

وإضافة إلى هذه القضايا هناك الكثير الذي يمكن لواشنطن أن تعلنه بين فترة وأخرى ضد ليبيا، ليس فقط دعم ” الإرهاب ” العربي و إيوائه بل أيضا دعم وإيواء العديد من المنظمات الغربية والأفريقية الموصوفة بالإرهاب.

وقد تكون ليبيا تخشى، في ظل الغموض الذي لازال قائما، من أن يكون أحد مخططي ومنفذي تفجيرات واشنطن ونيويورك، قد مر في ليبيا في يوم من الأيام.

الجزائر والملف الداخلي

الجزائر، اعتبر مسئولوها أن التفجيرات برهانا لواشنطن على أحقية المطالبة الجزائرية بدعم دولي وتحديدا أمريكي، في الحرب التي تخوضها، على مدى السنوات العشر الماضية، ضد الإسلاميين والجماعات الذين وجهت لهم أصابع الاتهام في التفجيرات الأمريكية وينتمون إلى نفس الأيديولوجية والفكر و الخط السياسي. ولا تأمل فقط بهذه المساعدة في الجزائر بل أيضا في ملاحقة أنصار التيارات الإسلامية الجزائرية المعارضة المقيمة في أوروبا والولايات المتحدة.

إلا أن الهدف الجزائري الأبرز، من المبالغة في إظهار الاستنكار و الظهور بمظهر توحد الضحايا ضد جبهة الإرهاب، هو تمزيق أو على الأقل طي الصفحات التي كتبت طوال السنوات الماضية، وتكثفت في الشهور الأخيرة، حول الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الجزائرية والتي كانت تمهد لتقديم كبار المسؤولين في الجزائر إلى محاكم دولية.

المغرب وعين على الأفغان المغاربة

الجانب المغربي الذي وضع البلاد في حالة استنفار قصوى، واعلن استعداده للمساهمة والمشاركة في الحرب العالمية ضد الإرهاب، كان يفكر في تطورات نزاع الصحراء الغربية والنقطة في ملف الحرب الدبلوماسية التي يخوضها التي يمكن أن يحققها ذهابه إلى أقصى ما يمكن أن يحتمله الموقف المغربي من مظاهر التأييد لواشنطن، دون أن يغيب عن بال المسؤول المغربي وجود عدد من الأفغان المغاربة الذين عادوا للمغرب ولازالوا ينشطون بدون ضجيج.

و لا ينسى المسؤول المغربي أن الإدارة الأمريكية وضعت المغرب قبل أسابيع في قائمة الدول التي على الرعايا الأمريكيين أن يحذروا في زيارتها وان واشنطن أغلقت قاعدة بن جرير العسكرية، على خلفية أن هناك جماعات إسلامية مغربية تستهدف المصالح والرعايا الأمريكان.

وإذا كان المسؤول المغربي أعاد هذه الإجراءات الأمريكية، التي سرعان ما تم الراجع عنها، إلى الزيارة التي كان يقوم بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لواشنطن، فإن اتخاذها ولو خطأ يوحي بأن واشنطن لا تنظر بالأمان الكامل تجاه الرباط.

استنكارات مغاربية في ظل أحجام شعبي عن الذهاب إلى ما ذهبت إليه الحكومات، وتذكير صحفي بمواقف واشنطن العدائية لكل ما هو عربي ومسلم، كل ذلك لا يخرج المغرب العربي عن سياقات الوضع العربي العام.

محمود معروف – الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية