مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لم صوتوا بلا؟

إعتبر بعض السويسريين من إصول عربية أنه لا جدوى من إنضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة! Keystone

الحفاظُ على مبدأ الحياد وعدمُ فعالية الأمم المتحدة كانا من أهم الحجج التي أستخدمها المعارضون لانضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة.

أما أسبابُ معارضة بعض السويسريين من أصول عربية فهي وإن لم تبتعد كثيرا عن المبررين السابقين فإن مبعثها أساساً كان واقع إحباط العالم العربي.

لم صَوتَ بلا؟ يجيب السيد عاطف سليم السويسري من أصل فلسطيني بطريقةٍ تصدمُ بمباشرتها. فهو يقول ببساطة: “لأن وجودنا في الأمم المتحدة كعدم وجودنا. كما أنه لن يقدم كثيرا، بل بالعكس سيؤخر بعض المرات”.

هكذا يتحدث وهو يشرح موقفه من انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة الذي حسمه استفتاء شعبي في شهر مارس الماضي.

اعتراض .. له أسبابه!

لا يمكن القول إن موقف السيد سليم يمثل اتجاهاً عاما بين السويسريين من أصول عربية، ففعلُ ذلك يحتاج إلى استطلاع أراء عينة ممثلة. لكن المؤكد أن موقفه يعبرُ عن توجهات شريحةٍ من هذه الفئة.

وهي شريحة تنظر إلى المنظمة الأممية بعدسات لونتها مواقفُ الذراع السياسية للمنظمة، أي مجلس الأمن، من القضايا العربية، وأضفت عليها قتامةً وتشاؤما واضحين.

فعدا عن إحساسها المتعاظم أن مجلس الأمن يتعامل بقدر من المعايير المزدوجة عند تطبيق قراراته، فأنها تبدو متأكدة من أن دولة واحدة، وبالتحديد الولايات المتحدة، هي القوة الحاسمة في توجيه دفة الهيئة الأممية.

تضرب تلك الشريحة مثلا بالكيفية التي دأب فيها مجلس الأمن على إشهار سيفه مهددا ومتوعدا العراق إذا لم يلتزم بقرارات الأسرة الدولية، في الوقت الذي يبدي فيه تراخيا إن لم يكن عجزا عن ردع إسرائيل عن تجاوزاتها المستمرة في الأراضي الفلسطينية.

ومادام الحال كذلك فما الجدوى إذن من انضمام دولة معروفة بحيادها مثل سويسرا إلى المنظمة الأممية؟ تتساءل تلك الشريحة. أليس الأجدى أن تبقى خارجها كصوت مستقل يدافع عن مبادئ القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان بعيدا عن مستنقع السياسة الدولية ومتاهاتها؟

وتأييدٌ .. له وجاهته أيضاً!

يردُ بعض السويسريين من أصول عربية على نظرائهم من المعترضين بمنطقٍ مقابل. ف”ما الجدوى من بقاءنا كجزيرة منعزلة في أوروبا والعالم من حولنا، في الوقت الذي تدفع فيه سويسرا مساهمات مالية طائلة للأمم المتحدة”. هكذا يبرر الدكتور عبد الله سكر الغزالي السويسري من أصل عراقي سبب تصويته بنعم في استفتاء شهر مارس الماضي.

يمثل الدكتور الغزالي شريحة أخرى من السويسريين العرب التي تعاملت مع انضمام برن إلى الأمم المتحدة من منطلق يدفع بانتمائها إلى المجتمع الدولي، ويؤكد على قدرتها على لعب دور إيجابي وإن كان محدودا.

لا تنفى تلك الشريحة أن مصالح الدول الكبرى هي المحركة للعديد من قرارات مجلس الأمن. هذا أمر لا شك فيه. لكن تجارب عددٍ من الدول الصغرى المحايدة، كفنلندا والنمسا، أثبتت أن حجم الدولة وحيادها لا يقفان عائقا أمام مقدرتها على لعبِ دورٍ فعال.

ثم إن من مصلحة سويسرا نفسها أن تكون عضوة في الهيئة الأممية. ألا يكفيها أنها معزولة عن محيطها الأوروبي الذي أختار أعضاؤه طريق الاتحاد. هل يتوجب عليها أيضا أن تقف وحيدة في مواقفها بين أعضاء الأسرة الدولية؟

ولأن الأمر كذلك، فالفائدة من دفن سويسرا لرأسها في الرمال؟ تتساءل هذه الشريحة بدورها. أليس من الأجدى لها أن تستغل مكانتها الأدبية كراعية لمعاهدة جنيف الرابعة وأن توظفها بفعالية من داخل الأمم المتحدة لخدمة القوانين الإنسانية الدولية وحقوق الإنسان؟

سؤالٌ لا يجَبُّ ما سبقه من استفسار الشريحة العربية المعارضة لانضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة. فكلا الشريحتين كانتا على حق.. كلٌ على طريقته. كلٌ أختار أن ينظر إلى وجه العملة من ناحيته، وكان الحاسم بينهما نتيجة استفتاء الثالث من مارس الماضي.

إلهام مانع – سويس إنفو

السويسريون من أصل عربي يمثلون أقلية سكانية. لكنهم يشاركون بفعالية في المواعيد الانتخابية.
وفي ظل غياب أرقام دقيقة عن كيفية تصويتهم في استفتاء الثاني من مارس 2002 ، يبدو أن شريحة منهم رفضت انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية