مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ليبيا ترأس لجنة حقوق الإنسان

رئيسة الدورة 59 للجنة حقوق الانسان السفيرة الليبية نجاة الحجاجي swissinfo.ch

رغم معارضة الولايات المتحدة، تم انتخاب سفيرة ليبيا لرئاسة الدورة الـ59 للجنة حقوق الإنسان، وهي أول مرة تتولى فيها سيدة عربية ومسلمة هذا المنصب.

ويعد اللجوء إلى الانتخاب السري سابقة في تاريخ اللجنة ومن المحتمل أن يترك بعض الانعكاسات التي قد تعرقل سير عمل لجنة بها ما يكفي من الحساسيات والحسابات السياسية.

في جلسة للجنة حقوق الإنسان، تمَّ صباح الاثنين وبطريقة غير اعتيادية، انتخابُ الرئيس الجديد وأعضاء مكتب الدورة التاسعة والخمسين التي ستنطلق أشغالها في 17 مارس القادم.

وعلى الرغم من معارضة الولايات المتحدة الأمريكية المعلنة، ومحاولات ممارسة الضغوط على الدول الأعضاء الثلاثة والخمسين في لجنة حقوق الإنسان، حصلت مرشحة المجموعة الإفريقية وممثلة ليبيا لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف السفيرة نجاة الحجاجي على 33 صوتا لصالحها، مقابل معارضة ثلاث دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغواتيمالا. في حين امتنعت 17 دولة عن التصويت من ضمنها الدول الأوربية.

وفي رد فعلها بعد انتخابها رئيسة للجنة حقوق الإنسان، صرحت السفيرة نجاة الحجاجي لسويس إنفو: “لا غرابة في انتخاب سيدة عربية ومسلمة لرئاسة لجنة حقوق الإنسان”.

أما عن اللجوء لأول مرة منذ قيام لجنة حقوق الإنسان في عام 1947، للتصويت السري بدل الإجماع على مرشح مجموعة جغرافية، فترى فيه السيدة الحجاجي “أن هذا الحق موجود في قوانين اللجنة ومن حق أية دولة استعماله، لكن لجوء البعض لاستعماله اليوم تم لدوافع معروفة وهي دوافع لا تتعلق لا باللجنة ولا بحقوق الإنسان إطلاقا”.

استياء أمريكي وإدانة إسرائيلية

وفي تعقيبه على انتخاب سفيرة ليبيا لتولي رئاسة الدورة الأ59 للجنة حقوق الإنسان، أعرب سفير الولايات المتحدة الأمريكية في جنيف كيفين مولي عن “استيائه لكون البلدان الأعضاء اختارت ليبيا المعروفة كمنتهك لحقوق الإنسان والبلد الواقع تحت عقوبات أممية”. ويرى السفير الأمريكي “أن ليبيا لا تستحق القيام بدور قيادي في النظام الأممي”.

سفير إسرائيل لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة جاكوب ليفي، الذي ذهب إلى حد إدانة انتخاب ليبيا كرئيس للجنة حقوق الإنسان، يرى أن هذا الإختيار “يعكس تدهورا جديدا في المناورات الهادفة للمساس بمؤسسات الأمم المتحدة من قبل دول تنصح الآخرين باحترام حقوق الإنسان دون أن تطبقها هي”.

الضحية حقوق الإنسان

اذا كان الجديد من حيث الاجراءات في تولي ليبيا رئاسة دورة حقوق الإنسان هو أن هذا الانتخاب تم لأول مرة عبر تصويت سري بدل الإجماع المتبع على اختيار مجموعة جغرافية، فإنه من حيث المضمون لا يخرج عما كان متبعا من قبل بحيث شاهدنا دولا تولت رئاسة اللجنة ولم تكن مثالا يُقتدى به في مجال احترام حقوق الإنسان. كما أنه من المؤكد أن دولا أخرى ستتولى رئاسة اللجنة في المستقبل بعد ليبيا ولم ترق فيها حقوق الإنسان إلى المستوى المنشود. ومَن بإمكانه اليوم حتى من ضمن الذين يعارضون علانية الترشيح الليبي، التشدق بأنه يحترم حقوق الإنسان بالشكل المطلوب؟

لكن الاعتراف لليبيا بحق تولي هذا المنصب كباقى الدول الأعضاء، لا يعني غض الطرف عما ينتظر منها كبلد يرأس أهم وأسمى محفل لحقوق الإنسان. فقد انتقدت عدة منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان ومن ضمنها منظمة هومان رايتس واتش (Human Rights Watch) أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا واصفة إياها “بأنها مأساوية منذ ثلاثين سنة”. وما تنتقده هذه المنظمات بالتحديد اللجوء إلى اغتيال المعارضين السياسيين وتعريضهم للتعذيب والاختفاءات. وترى منظمة “هومان رايتس واتش” أن ليبيا “تعد بلدا مغلوقا في وجه مفتشي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية العاملة في ميدان حقوق الإنسان”.

تشدد لا حاجة له

إذا كانت لجنة حقوق الإنسان قد عانت في السنوات الماضية من “تسييس حقوق الإنسان” أثناء مداولاتها مما عرضها لشتى الأزمات، فإن خرقها هذه السنة لعرف متداول وهو انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب بالإجماع، قد يعزز سياسة التكتلات الإقليمية أثناء مداولات اللجنة على حساب الدفاع عن حقوق الإنسان.

ولئن قدمت الدول الإفريقية تنازلا بالتخلي عن التصويت، وقبول باقي أعضاء المكتب ونواب الرئيس ومن ضمنهم ممثل المجموعة الغربية بالإجماع، فإن هذه السابقة سيكون لها وقع على أشغال دورة تعقد في ظروف مشحونة بالتوترات وتخيم عليها أشباح حرب قد تعصف بالمنطقة العربية.

ويبدو أن الرئيسة الليبية لدورة حقوق الإنسان والسيدة العربية والمسلمة الأولى التي تتولى هذا المنصب، تعي كل هذه التحديات جيدا وكما أعلنت ستحاول “تسخير خبرتها في متابعة دورات حقوق الإنسان خلال الخمسة عشر عاما الماضية للتخفيف من حدة التوتر والتسييس داخل اللجنة”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية