ماكرون يستقبل الشرع ويدعوه لحماية كل السوريين “من دون استثناء”

حضّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع على حماية كل السوريين “من دون استثناء”، وذلك خلال استقباله في باريس الأربعاء في أول زيارة له الى دولة غربية، على رغم انتقادات من أطراف محلية فرنسية.
وأقام ماكرون للشرع استقبالا رسميا في باحة الإليزيه، حيث صافحه بحضور ثلة من حرس الشرف، بحسب ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس، قبل عقد لقاء امتد زهاء ساعتين وتلاه مؤتمر صحافي مشترك في القصر الرئاسي الفرنسي.
وشدد ماكرون خلال المؤتمر على ضرورة “حماية جميع السوريين من دون استثناء” بصرف النظر عن “أصلهم ودينهم ومعتقدهم وآرائهم”.
وأكد ضرورة “ملاحقة ومحاكمة مرتكبي” أعمال العنف الطائفية ضدّ الدروز في أيار/مايو ومرتكبي “المجازر” بحق العلويين في آذار/مارس، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1800 شخص بينهم عناصر من الأمن ومسلحين مرتبطين به، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وشدّد الشرع على أنّ “سلامة المواطنين السوريين هي أولويتنا القصوى، وقد أكدنا ذلك للرئيس ماكرون اليوم”.
وأثارت الاشتباكات الطائفية والانتهاكات التي وثّقتها منظمات غير حكومية، الشكوك حول قدرة السلطات التي تولت الحكم بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر، على ضبط مقاتلين متطرفين مرتبطين بها.
وتزامنا مع زيارة الشرع، تظاهر عشرات في باريس ينتمون لأقليات دينية سورية، رافعين شعارات تدعوه الى “الرحيل”.
– وساطة مع إسرائيل –
الى ذلك، كشف الشرع أن دمشق تجري عبر وسطاء “مفاوضات غير مباشرة” مع اسرائيل التي شنّت مئات الغارات الجوية خلال الأشهر الأخيرة وكررت تهديداتها للسلطات الجديدة في سوريا.
وقال “بالنسبة للمفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل، هناك مفاوضات غير مباشرة تجري عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع ومحاولة امتصاص الوضع لكي لا تصل الامور الى حد يفقد السيطرة عليه من كلا الطرفين”.
ومنذ سقوط الأسد في كانون الأول/ديسمبر، شنّت إسرائيل مئات الضربات على مواقع عسكرية سورية، مبررة ذلك بمنع وقوع الترسانة العسكرية للحكم السابق بين يدي السلطات التي تعدها “جهادية”.
وتوغل الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله الدولة العبرية من الهضبة السورية. وتتقدم قواتها بين الحين والآخر الى مناطق في عمق الجنوب السوري.
وندّد ماكرون من جهته بالضربات والتوغلات، معتبرا أنها لن تضمن “أمن” إسرائيل على المدى الطويل.
وكرر الشرع مطالبة الدول الغربية برفع العقوبات التي فرضتها على دمشق خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وقال “هذه العقوبات وضعت على النظام السابق بسبب الجرائم التي ارتكبها وقد زال هذا النظام، وزوال النظام يجب أن تزول معه هذه العقوبات، وليس هناك أي مبرر لبقاء العقوبات”.
وفي حين دعا ماكرون الاتحاد الأوروبي الى “فرض عقوبات منهجية على مرتكبي هذه الجرائم” ذات الطابع الطائفي، أعرب عن تأييده لمواصلة “الرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية الأوروبية” إذا تمكّنت السلطات الحاكمة من تحقيق الاستقرار في سوريا.
وشدد الرئيس الفرنسي على أنه سيدفع في اتجاه رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته المفروضة على سوريا في حزيران/يونيو، داعيا واشنطن بدورها الى “الإسراع في رفع العقوبات” عن البلاد التي بات 90 في المئة من سكانها تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة، بعد 14 عاما من نزاع مدمّر أسفر عن مقتل مئات الآلاف.
– تأخير الانسحاب الأميركي –
وإذ رأى ماكرون أنه “من مصلحة الجميع اليوم، بما في ذلك مصلحة الأميركيين، التحرك لمرافقتنا في رفع العقوبات عن الشعب السوري”، شدد على أن المصلحة تقتضي كذلك “تأخير” انسحاب القوات الأميركية المنتشرة في سوريا لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية.
وتعرّض ماكرون لانتقادات شديدة من اليمين الفرنسي واليمين المتطرف بسبب دعوته للشرع الذي كان زعيما لجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، قبل أن تعلن فك ارتباطها معه.
وأعربت زعيمة “التجمع الوطني” مارين لوبن عن “الصدمة والاستياء” واصفة الرئيس السوري بـ”الجهادي الذي انضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة”.
ويأمل ماكرون من خلال استقباله الشرع المساعدة في بناء “سوريا حرّة ومستقرّة وسيدة تحترم كلّ مكوّنات المجتمع السوري”، على ما أفاد قصر الإليزيه وكالة فرانس برس الثلاثاء.
وأكّدت دوائر الرئيس ماكرون أنها على دراية بـ”ماضي” بعض المسؤولين السوريين وهي حريصة على “عدم التساهل” مع “الجماعات الإرهابية”.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عبر إذاعة “آر تي ال”، “أن عدم الانخراط في حوار مع هذه السلطات الانتقالية سيكون غير مسؤول تجاه الفرنسيين، وسيكون خصوصا بمثابة فرش السجادة الحمراء لتنظيم الدولة الإسلامية”.
وأوضح أن “مكافحة الإرهاب وضبط تدفق المهاجرين وضبط تهريب المخدرات” علاوة على “مستقبل لبنان”، “كل هذا مرتبط بشكل كبير بالوضع في سوريا”.
ومنذ تولّيه السلطة في دمشق، يحاول الشرع تقديم صورة مطمئنة للمجتمع الدولي الذي يحضّه على احترام الحريات وحماية الأقليات.
ففف/ريم-ليل-كام/بم