مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مجلس للأديان في سويسرا؟!

ممثلون عن أهم الجاليات الدينية في سويسرا أول احتفال مشترك للسلام انتظم يوم 5 مارس 2003 في العاصمة الفدرالية بـرن www.sek-feps.ch

وجه اتحاد الكنائس البروتستانتية دعوة إلى خمس منظمات لجاليات دينية في سويسرا لحضور اجتماع يوم 6 يوليو المقبل يهدف إلى تشكيل مجلس سويسري للأديان.

الهدف من المجلس تشكيل منبر للجاليات الدينية، لكن الدعوة إلى إنشائه أثارت مجددا مشكلة عدم وجود منظمة موحدة تتحدث باسم مسلمي سويسرا.

فكرة إنشاء مجلس يجمع بين الأديان التوحيدية الثلاث في سويسرا ليست وليدة البارحة. بل يعود تاريخها تحديداً إلى الخامس من مارس عام 2003، أي قبل أيام قليلة من شن قوات التحالف (الأمريكية-البريطانية أساسا) حربها ضد العراق.

ولأنها كانت فترة مشحونة بالمشاعر القوية، عمدت قيادات الجاليات الدينية في سويسرا آنذاك إلى اتخاذ موقفٍ، أدان الحرب وشنها باسم الله ( في إشارة إلى استخدام الرئيس الأمريكي جورج بوش لكلمة الله في خطابه الذي دعا فيه إلى الحرب)، ومنه انبثقت فكرة مجلس الأديان.

ويشرح المسؤول عن العلاقات الداخلية في اتحاد الكنائس البروتستانتية ماركوس سالي، الذي تبنت منظمته الفكرة ووجهت الدعوة إلى قيادات الجاليات الدينية لترجمته على أرض الواقع، قائلاً “انبثقت الفكرة العام الماضي في الخامس من مارس 2003، فقد أقامت كنائس سويسرا الثلاثة واتحاد الجاليات اليهودية إضافة إلى منظمة “التنسيق بين المنظمات الإسلامية في سويسرا” احتفالاً متعدد الأديان للسلام”.

ويردف السيد سالي في حديثه مع سويس إنفو “وفي بياننا المشترك عبرنا عن قناعة بأن الجاليات الدينية تتحمل مسؤولية خاصة في الحفاظ على السلام الديني، وأيضا على السلام في سويسرا، وهو ما يستلزم تعزيز الحوار بينها”.

تعزيز الحوار من خلال منبر للأديان!

تعزيز الحوار بين الجاليات الدينية، كما يرى السيد سالي، يستلزم خلق مجلس للأديان يُمّكنها من الالتقاء بصورة دورية، ليصبح على حد قوله “منبراً مؤسساتيا للجاليات الدينية في سويسرا”.

لكن الفكرة لازالت في طور الاختمار، حيث لم تطرح للنقاش على الأطراف المعنية بعد. لذا، وجه اتحاد الكنائس البروتستانتية السويسرية دعوة إلى رؤساء الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الكاثوليكية المسيحية واتحاد الجاليات اليهودية السويسرية ومنظمة التنسيق بين المنظمات الإسلامية في سويسرا، لعقد لقاء يوم 6 يوليو القادم لبحث الفكرة بصورة رسمية.

اختيار الاتحاد لهذه الجاليات بالتحديد له أسباب ثلاثة، يوضحها السيد سالي قائلا: “السبب الأول يتعلق بالأهمية الاجتماعية لهذه الجاليات. فنحن نريد أن يمثل مجلس الأديان جاليات دينية لها أهمية وتمثيل اجتماعيين، سواء من حيث وجودها التاريخي في سويسرا، أو من حيث عدد أعضاءها. وجود المسلمين في سويسرا حديث، لكنهم من حيث العدد يمثلون ثالث أكبر جالية دينية في الكنفدرالية”.

أما السبب الثاني فيتصل بـ”نقاط التلاقي الدينية التي تجمع بين هذه الأديان، وبالتحديد في التقاليد الإبراهيمية التي تصل بينهم”، كما يرتبط السبب الثالث في اختيار هذه الجاليات بالثاني، حيث أن “جميع هذه الأديان توحيدية” حسب تعبيره.

اختيار ممثل عن المسلمين يطرح تساؤلات!

ما يكاد الحديث يدور عن تمثيل لمسلمي سويسرا في أية هيئة مشتركة حتى تبدأ التساؤلات عن سبب اختيار هذه المنظمة بالتحديد دون غيرها، وهل هي بالفعل ممثلة لكل مسلمي سويسرا.

وهو أمر مفهوم في ظل تشتت الجالية المسلمة، التي يزيد عددها عن 310 آلف شخص، بين اتحادات وجمعيات عادة ًما يتم تأسيسها وفقاً للانتماء العرقي الوطني (ألبان، أتراك، أكراد، عرب.. الخ).

هذا الواقع لم يكن خافياً على السيد سالي، وقد بدا ذلك واضحاً في رده على سؤال سويس إنفو عن سبب اختيار الاتحاد لهذه المنظمة بالتحديد للمشاركة في لقاء يوم 6 يوليو.

فقد رد قائلاً “نحن نعرف طبعاً أن المسلمين في سويسرا ليس لديهم بعد منظمة واحدة تجمعهم. ونعرف أيضا أنها (أي المنظمة) بالتأكيد ليست ممثلة لكل المسلمين في سويسرا. لكن ما أحب التأكيد عليه، هو أن منظمة التنسيق بين المنظمات الإسلامية كانت ولازالت إلى اليوم في علاقاتنا الحديثة معها منظمة ً تتمتع بالمصداقية وموثوق بها”.

ويضيف السيد سالي، مشيرا إلى عنصر هام جداً في هذا الموضوع، قائلاً: “وعندما يتم بالفعل اتخاذ قرار تشكيل مجلس الأديان، فإن القرار سيعود للمسلمين في اختيار أية منظمة سيتم تمثيلها في هذا المجلس”.

“هيئة إسلامية موحدة”؟!

هذا الرأي أكد عليه رئيس منظمة التنسيق بين المنظمات الإسلامية في سويسرا الدكتور فارهاد أفشار (الذي سننشر حديثه كاملاً في موضوع مستقل الأسبوع القادم).

فهو مدرك تماماً إلى أن منظمته لا تمثل كل مسلمي سويسرا، ولذا يعتبر موضوع تشكيل مجلس للأديان مناسبة لطرح موضوع انتخاب هيئة ممثلة لكل الجالية المسلمة.

ويردف السيد أفشار قائلا “الأمل أننا سنتمكن بالتدريج من دعوة المنظمات الإسلامية، ليتم تنظيمها بهيكلية مختلفة، وبصورة تتماشى مع الدستور السويسري، أي على مستويات ثلاث، على مستوى البلدية والكانتون والفدرالية”.

فهل ستتمكن الجاليات الإسلامية من الخروج من تشتتها وجمع شملها في بوتقة واحدة؟ سؤال لازال في رحم الغيب، لكن الإجابة عنه قد تأتي بأسرع مما يظن البعض.

إلهام مانع – سويس إنفو

منظمة التنسيق بين المنظمات الإسلامية في سويسرا:
هو اتحاد مركزي بين المنظمات الإسلامية.
مهمته: التنسيق بين مجموعة من المنظمات والاتحادات الإسلامية في سويسرا.
ينضوى تحت سقف المنظمة نحو 14 اتحاد وجمعية مستقلة، إضافة إلى اتحادات مركزية مختلفة كما هو الحال في لوتسيرن وزيورخ.

* وجه اتحاد الكنائس البروتستانتية السويسرية دعوة إلى زعماء عدة جاليات دينية في سويسرا للقاء يوم 6 يوليو.
* الدعوة وُجهت إلى رؤساء الكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الكاثوليكية المسيحية واتحاد الجاليات اليهودية السويسرية ومنظمة التنسيق بين المنظمات الإسلامية في سويسرا.
* الهدف من اللقاء تأسيس مجلس للأديان.
* شدد اتحاد الكنائس البروتستانتية على أن برنامج عمل المجلس، في حال تأسيسه، سيضعه أعضاء المجلس بصورة مشتركة.
* من وجهة نظره، يمكن للمجلس في المستقبل نقاش قضايا مثل موضوع ارتداء رموز دينية في المجال العام، أو مستقبل تدريس الدين في المدارس العامة في ظل تعدد الأديان في سويسرا، أو مراجعة مسألة حظر ذبح الحيوانات.
* يعتبر الاتحاد أن قضية تأسيس المجلس قضية تخص الجاليات الدينية.
* لكنه يأمل أن يصبح المجلس يوماً الشريكَ المحاور للدولة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية