مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مخاوفُ من عواقب وقف المساعدات

قد تؤدي الإجراءات الجديدة إلى اختفاء طالبي اللجوء غير المرغوب فيهم من الإحصائيات الرسمية لكن ليس بالضرورة من التراب السويسري! Keystone

اعتبارا من 1 أبريل 2004، سيُُحرم طالبو اللجوء الذين لن يُُنظر في طلباتهم من المُساعدات الإجتماعية في سويسرا.

هذا القرار الذي يدخل في إطار البرنامج الحكومي لتقليص النفقات، يُثير قلق المُنظمات الإنسانية التي تخشى من ارتفاع عدد اللاجئين السريين ومن اندلاع “فوضى” إنسانية في البلاد.

لا شك أن الفاتح من أبريل 2004 سيتحول إلى تاريخ فاصل في سياسة اللجوء السويسرية. فاعتبارا من هذا التاريخ، سيُقصى طالبو اللجوء الذين ستُقرر السلطات عدم النظر في طلباتهم، أو طردهم من الكنفدرالية من نظام المساعدات الاجتماعية.

وقد تبنت الحكومة الفدرالية يوم الأربعاء 24 مارس الجاري تعديلات تخصّ ثلاثة قوانين في مجال اللجوء، استجابة لبرنامج تقليص النفقات في عام 2003. وكانت وزارة العدل والشرطة قد كُُلفت –في مجال اللجوء- بتوفير زهاء 130 مليون فرنك ما بين 2004 و2006.

ماتياس ستيتلر من المكتب الفدرالي للاجئين قال في تصريح لـ”سويس انفو”: “نريد من خلال هذه الإجراءات تحويل سويسرا إلى وجهة أقل جاذبية بالنسبة للأشخاص الذين يقدمون طلبات لجوء غير مُبررة”.

وبالفعل، ستُُطبق الإجراءات الجديدة على طالبي اللجوء الذين قدّموا طلبات غير مُبررة أو الذين يتصرفون بأسلوب مُخالف للقانون أثناء فترة طلب اللجوء. وينص قانون اللجوء الساري المفعول على عدم النظر في طلبات لجوء هؤلاء. لكن الجديد الذي تحمله التعديلات الأخيرة يكمن في وقف التعويضات عن نفقات المُساعدات الإجتماعية التي كانت تقدمها الكنفدرالية للكانتونات لإعانة طالبي اللجوء الذين رفضت السلطات النظر في طلبهم.

ولن تقدم الكنفدرالية للكانتونات، وفقا للإجراءات الجديدة، أكثر من 600 فرنك لكل حالة كمُساعدات مُلحة لا أقل ولا أكثر. في المقابل، ستتحمل الكنفدرالية التكاليف العادية المرتبطة بمغادرة طالبي اللجوء لتراب الكنفدرالية، كما ستمنح تعويضات بقيمة 1000 فرنك فور تنفيذ كانتون ما لقرار ترحيل طالب لجوء غير مرغوب فيه.

“فوضى منظمة”

وفور تبني الحكومة الفدرالية لهذه الإجراءات، أعرب الحزب الاشتراكي عن استيائه العميق مُشددا على أن “الحكومة ستخلق أعدادا كبيرة من الأشخاص غير الحاصلين على وثائق إقامة شرعية، ومن الفقراء الجدد الذين سيُحرمون من كافة أشكال الدعم، ولا أحد يعلم كيف سيتمكنون من تدبير أمورهم!”.

أما المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين فبدأت تتحدث عن “فوضى” مُنُظمة، حيث ترى أن آلاف الأشخاص سيجدون أنفسهم في الشارع خلال العام الجاري، وسيحاولون الحصول على مساعدات أساسية لكن دون معرفة الجهة التي يمكن أن تقدم لهم يد العون. وكانت المنظمة قد طلبت أن يتمكن الأشخاص المعنيون من الاستفادة من استشارة قانونية، وأن يتم إبلاغهم بوضوح بأن الدستور الفدرالي يضمن مساعدات أساسية للأشخاص الذين لا يقوون على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

كما طالبت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين بتوفير الحماية للفئة الأكثر ضُعفا مثل طالبي اللجوء القاصرين والمتواجدين في سويسرا من دون رفيق أو النساء الحوامل. وقد تقدم الحزب الاشتراكي أيضا باقتراحات بهذا المعنى، لكنه لم يجد آذانا صاغية. لذلك لم يتردد الحزب في وصف الإجراءات الجديدة بـ”الأليمة” وبإجراءات ستؤدي إلى “نتائج عكسية”.

ويقول يورغ شيرتنلايب من المجلس السويسري للاجئين: “نحن قلقون من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى رفع عدد الأشخاص غير المتوفرين على بطاقات إقامة قانونية وإلى دفعهم إلى الإجرام”.

الحرمان ليس بالضرورة دافعا للمغادرة

من جهته، أعرب الصليب الأحمر السويسري عن القلق الشديد من الوضع الذي ستولده إجراءات اللجوء الجديدة. وكانت المنظمة قد نشرت بيانا في 7 يناير الماضي أكدت فيه أن تطبيق هذه الإجراءات سيشكل “تحديا إنسانيا كبيرا” بالنسبة للكانتونات والبلديات التي يتوجب عليها دستوريا تقديم المساعدات الأساسية للأشخاص الذين يفتقرون لأدنى وسائل العيش، خاصة في ظل غياب أي قواعد أو تعليمات توضح كيفية تطبيق حق الحصول على هذه المساعدات.

وبلور قسم الهجرة في الصليب الأحمر السويسري توصيات توضح كيفية تقديم هذا النوع من المساعدات، وخاصة فيما يتعلق بتوفير الإيواء والغذاء واللباس والمستلزمات الصحية والرعاية الطبية الدنيا. وتهدف هذه التوصيات التي جاءت في 30 صفحة أساسا إلى تزويد سلطات الكانتونات والبلديات بفكرة عن أساليب التحرك الأولية.

ويظل الصليب الأحمر السويسري على قناعة بأن حرمان طالبي اللجوء غير المرغوب فيهم من المساعدات الإجتماعية لن يدفعهم إلى مغادرة التراب السويسري. ويتضح ذلك من خلال تجارب دول قريبة مثل هولندا والنمسا.

أما فيما يخص عمليات الترحيل القسري للاجئين، الذي تكلف السلطات نفقات عالية، فيُتوقع ألا تحدث إلا نادرا لأن معظم طالبي اللجوء الذين ترفض السلطات النظر في ملفاتهم لا يتوفرون في غالب الأحيان على أوراق تثبت هويتهم. كما أنهم لا يحددون مرارا من أي بلد قدموا. فإلى أين سيتم ترحيلهم؟

سويس انفو وصحيفة “الزمان”

حسب معطيات المجلس السويسري للاجئين، تنفق السلطات السويسرية:
50 فرنكا يوميا لتوفير سكن جماعي لكل لاجئ
150 فرنكا يوميا لتوفير مأوى عاجل للاجئ
300 فرنكا يوميا لوضع لاجئ خالف القانون في السجن
في عام 2003، طلب 20806 شخصا اللجوء في سويسرا، ما يمثل تراجعا بنسبة 20% مقارنة مع عام 2002
تم رفض 7818 طلبا منها، مقارنة مع 6445 طلب في عام 2002.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية