مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مصيرُ شارون يـثـير مشاعـر مـتباينة

في هذه الصورة التي وزعها المكتب الإعلامي للحكومة الإسرائيلية، يظهر أرئيل شارون في حفل أقيم في مبنى رئاسة الوزراء في القدس يوم الأربعاء 4 يناير 2006 ويظهر إلى يساره إيهود أولمرت نائبه Keystone

أعربت السلطة الفلسطينية عن "قلقها" حول مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي يصارع الموت في مستشفى هداسا بالقدس بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين إثر إصابته مساء الأربعاء بنزيف حاد في المخ.

وتتوالى رُدود الفعل على مصير شارون، بين متعاطفين معه، ومتجاهلين له أو شامتين في حاله.

صرح المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة لوكالة الأنباء الفرنسية: “إن الرئيس محمود عباس اتصل بمكتب شارون للسؤال عن صحته، وأعرب عن قلقه وتمنى له الشفاء العاجل”.

من جهته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع إنه يتابع بـ”قلق كبير الحالة الصحية لنظيره الإسرائيلي ويتمنى له “شفاء عاجلا وتاما”.

أما نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل شعث فصرح: “من المنظور الإنساني البحت، فإننا نشعر بالأسف من اجل السيد شارون. ومن المنظور السياسي، فان ذلك سيزيد من حالة عدم اليقين التي نواجهها للعودة إلى عملية السلام وقد تستمر هذه الحالة حتى مارس (موعد إجراء الانتخابات العامة في إسرائيل).

من ناحيته، أعرب أبرز المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، عن اعتقاده أن غياب شارون سيقلب المعطيات في إسرائيل وقد يؤدي إلى تصعيد العنف مع الفلسطينيين.

أما حركة المقاومة الإسلامية حماس، فأصدرت بيانا قالت فيه إن شارون “احترف القتل والإجرام بحق شعبنا الفلسطيني وشعوب المنطقة.” وأعربت الحركة عن اعتقادها أن المنطقة ستصبح أحسن حالا في غياب شارون.

وقال المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري: “إن العالم على وشك التخلص من أحد أبرز زعماء الشر في العالم”.

فيما أكد خالد البطش، أحد زعماء الجهاد الإسلامي، أن الحركة “لن تأسف لغياب شارون. وقال أنور أبو طه من الجهاد الإسلامي في لبنان: “نحن لا نأسف على صحته فليذهب إلى الجحيم حيا أو ميتا … ونحن في الجهاد الإسلامي سنواصل جهادنا حتى نسترد حقوقنا.”

وفي الجانب الإسرائيلي، قال السياسي البارز شيمون بيريس: “إني أصلي من أجل شفائه”. بينما صرح النائب الإسرائيلي ايتان كابل أمين حزب العمل: “نتمنى لرئيس الوزراء موفور الصحة ونصلي من اجل شفائه.”

أما حزب الاتحاد الوطني اليميني المتطرف في إسرائيل فقال: “رغم كل الخلافات، فإن الاتحاد الوطني يـُصلي مع كل شعب إسرائيل من اجل شفاء رئيس الوزراء شارون.”

فرحة أعداء شارون الفسلطينيين والإسرائيليين

لكن انباء الحالة الصحية الخطرة للزعيم الاسرائيلي لم تثر التعاطف فحسب، بل استقبلت بالفرح والاحتفال بين الفلسطينيين في قطاع غزة والقوميين المتطرفين الاسرائيليين، وهما جماعتان لا تربطهما سوى كراهية الرجل الملقب “البلدوزر”.

فقد رفع القوميون الإسرائيليون المتشددون الذين عارضوا بشدة انسحاب اسرائيل من قطاع غزة العام الماضي كؤوسهم بالانخاب عندما سمعوا أن شارون في حالة خطيرة.

وقال ميخائيل بن هورين، العضو في حركة كاخ المناهضة للعرب ،”الملائكة استجابت لدعواتنا”.

وقال ساسة إنهم سيوقفون حملة الدعاية للانتخابات العامة المقررة يوم 28 مارس آذار المقبل والتي كان من المتوقع ان يحقق حزب كديما الذي أسسه شارون حديثا فوزا ساحقا فيها. لكن مرضه يثير الشكوك حول مستقبل الحزب الجديد.

وقال بعض الاسرائيليين وهم يتطلعون لاعمالهم في القدس ان البلد سينتعش من جديد.

إيجال مالكا، وهو رجل أعمال في القدس، قال: “إن الامة اليهودية قائمة منذ اربعة الاف سنة وشهدت صعود وأفول العديد من الحكمات والزعماء، مضيفا “هذا مجرد تغيير اخر. ليس هناك شخص لا يمكن تعويضه وسيتم العثور على بديل سواء كان أفضل أو أسوأ.”

واستقبل نبأ مرض شارون بالترحاب في قطاع غزة حيث رفع أطفال فلسطينيون لافتات كتب عليها “الى الجحيم ياشارون” ووزعوا الحلوى احتفالا بالمناسبة.

وقال ابو عبير، المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية، في بيان ان سقوط “دراكولا القرن” هو يوم سعيد لجميع الفلسطينيين وعلى جميع المسلمين.

بوش: “شارون رجل شجاعة وسلام”

في أولى ردود الفعل الدولية على إصابة أرييل شارون، قال الرئيس الأمريكي جورج بوش: “أنا ولورا نشاطر الشعب الإسرائيلي قلقه على صحة رئيس الوزراء أرييل شارون ونصلي من أجل شفائه. رئيس الوزراء شارون رجل شجاعة وسلام. ونيابة عن كل الأمريكيين نبعث بأغلى التمنيات والأماني إلى رئيس الوزراء وأُسرته.”

أما وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، فقالت “إن مشاعرنا وصلواتنا مع رئيس الوزراء وأسرته والشعب الإسرائيلي. ونتمنى لرئيس الوزراء تمام الشفاء.”

من جانبه، قال رئيس الوزراء الايطالي سلفيو برلسكوني “هذا أمر مؤسف جدا على المستوى الانساني وسلبي تماما على المستوى السياسي.”

أما وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، فتحدث عن الحاجة الى معجزة لشفاء شارون. وقال في تصريح لإذاعة بي.بي.سي “كان شخصية بارزة في المنطقة لسنوات، لكنه فاجأ الجميع في ظني بشجاعة وقدرة على ممارسة فن الحكم أظهرهما في السنوات الاخيرة بالعمل نحو تسوية سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين على المدى البعيد.”

من ناحيته، عبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن أمله في أن يجتاز شارون “الاختبار المؤلم الذي يمر به.” كما أعرب عن “دعم فرنسا وصداقتها وتضامنها” مع ايهود أولمرت الذي تولى مهام رئيس الوزراء مؤقتا.

أما خافيير سولانا، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي فأعرب في رسالة وجهها لاولمرت عن “دعمه وتضامنه في هذه اللحظات الصعبة والمثيرة.”

وقالت انجيلا ميركل مستشارة ألمانيا: “مشاعري في هذه اللحظة مع ارييل شارون وعائلته. واتمنى له من كل قلبي شفاء عاجلا.”

آراء محللين عرب

أعرب بعض المحللين العرب عن اعتقادهم أن غياب شارون عن المشهد السياسي الإسرائيلي سيترك فراغا على مستوى دفع عملية السلام بالسرعة المطلوبة.

المحلل اللبناني جورج علم قال في تصريح لوكالة رويترز إن “مستقبل عملية السلام ومستقبل الدولة الفلسطينية ستواجه مصيرا مجهولا بعد شارون. ويمكن أن يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخاسر الأكبر لأنه سيفقد المفاوض الإسرائيلي الذي يعرفه وتعاون معه”.

ونقلت نفس الوكالة عن شخصية سعودية رسمية لم تكشف عن هويتها قولها: “لا اعتقد ان مستقبل الشرق الأوسط يعتمد على فرد واحد أو سياسة واحدة. نحن نؤمن جميعا بأن أي شخص يتسلم زمام الأمور في إسرائيل سيتعين عليه القيام بنفس الشيء: التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين”.

أما الدكتور وليد قزيحة، أٍستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فقال إن السياسة الإسرائيلية قد تحتاج لبعض الوقت قبل أن تأخذ شكلها الجديد بعد شارون.

واضاف الدكتور قزيحة “سيمر الإسرائيليون بمرحلة قلقة قبل أن تستقر الكرة في مكان معين”.

من جهته، قال المحلل السياسي السوري البارز عماد شعيبي إن التغيير في إسرائيل قد لا يحدث فرقا حقيقيا إلا إذا أبدت واشنطن اهتماما بدفع عملية السلام في المنطقة.

وصرح في هذا السياق “اذا كانت الولايات المتحدة غير معنية بالسلام فلو جاء المسيح نفسه لن يكون هناك تغيير”.

“البولدوزر”

تولى أرييل شارون (77 عاما)، الجنرال السابق الملقب “بالبولدوزر”، رئاسة الوزراء في إسرائيل عام 2001.

اكتسب عداء العرب لتدبيره الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 الذي ارتكبت خلاله ميليشيا مسيحية موالية لإسرائيل مذابح في مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيـيْن في العاصمة اللبنانية بيروت، وبعد ذلك لرده العنيف على الانتفاضة التي اندلعت بعد زيارة قام بها للمسجد الأقصى في سبتمبر عام 2000 قبل توليه رئاسة الحكومة.

حظي شارون بإشادة دولية لإنهائه الحكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، غير أنه تعهد بعدم التخلي قط عن تجمعات استيطانية أكبر في الضفة الغربية المحتلة.

فور استكمال الانسحاب من غزة، انشق شارون عن حزب ليكود الذي يتزعمه ليؤسس حزب “كديما”، قائلا إنه لم يعد يرغب في أن تبقى يديه مقيدتين في متابعة خطوات دبلوماسية لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين بالمعارضة التي يلقاها من يمينيين متشددين في الليكود.

ظلت استطلاعات الرأي بعد إصابة شارون بجلطة بسيطة في المخ الشهر الماضي تشير إلى أنه أقوى المرشحين للفوز في الانتخابات المقررة في مارس آذار المقبل كرئيس للحزب الجديد الذي يمثل تيار الوسط، والذي أسسه بعد انشقاقه عن الليكود اليميني.

تسلسل الأحداث “الشارونية”

1948: قاد شارون سرية مشاة في حرب عام 1948.

1953: نفذت الوحدة 101 من القوات الخاصة بقيادة شارون غارة على الأردن قتل فيها 69 مدنيا. وجاءت الغارة ردا على هجوم شنه نشطاء فلسطينيون.

1967: قاد شارون فرقة مدرعة من القوات الخاصة عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان وشبه جزيرة سيناء في الحرب.

1973: استدعي شارون للخدمة بعد تقاعده عندما شنت الجيوش العربية هجوما مفاجئا. وخالفت الوحدة التي يقودها شارون الأوامر وعبرت قناة السويس المصرية.

1977: انتخب شارون عضوا في البرلمان وعين وزيرا للزراعة في أول حكومة إسرائيلية يمينية. وأصبح شارون من أكبر مخططي عمليات الاستيطان.

1982: كان شارون باعتباره، وزيرا للدفاع في ذلك الوقت، العقل المدبر للغزو الإسرائيلي للبنان للقضاء على المقاومة الفلسطينية. وقتلت ميليشيا مسيحية لبنانية متحالفة مع إسرائيل مئات الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا.

وأشرف شارون على إجلاء المستوطنين اليهود من سيناء لتسليمها لمصر بمقتضى معاهدة سلام.

1983: أجبر شارون على تقديم استقالته بعد أن اثبت تحقيق إسرائيلي مسؤوليته غير المباشرة عن مذابح في لبنان.

1998: حث شارون الذي كان يتولى منصب وزير الخارجية الإسرائيليين قائلا “استولوا على أكبر قدر ممكن من التلال” في الأراضي المحتلة.

28 سبتمبر أيلول 2000: زار شارون الذي كان زعيم المعارضة المسجد الأقصى، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات. ويقول الفلسطينيون إن الزيارة هي التي أشعلت انتفاضتهم. بينما قالت إسرائيل إن الانتفاضة كان مخططا لها من قبل.

7 مارس آذار 2001: تولى شارون رئاسة الوزراء بعد أن هزم ايهود باراك رئيس الوزراء في ذلك الوقت من حزب العمل الذي يمثل تيار يسار الوسط.

28 يناير كانون الأول 2003: انتخب شارون بعدد أكبر من الأصوات بعد أتباعه إجراءات مشددة لسحق الانتفاضة.

18 ديسمبر كانون الأول 2003: أعلن شارون “خطة فك الارتباط” داعيا لإزالة مستوطنات. وقال في وقت لاحق إن جميع المستوطنات في غزة وأربع مستوطنات في الضفة الغربية ستزال.

8 فبراير شباط 2005: شارون والرئيس الفلسطيني محمود عباس يتفقان على وقف لإطلاق النار.

12 سبتمبر أيلول 2005: إسرائيل تستكمل سحب قواتها من قطاع غزة رغم مساعي قوميين متشددين منهم متمردون من داخل حزب الليكود لوقف الإجلاء.

21 نوفمبر تشرين الثاني 2005: شارون يترك حزب الليكود ليؤسس حزبا جديدا أكثر ميلا للوسط قبيل إجراء انتخابات مبكرة.

سويس انفو مع الوكالات

من الخلفاء المحتملين لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون:
ايهود اولمرت (60 عاما) نائب رئيس الوزراء والقائم بأعمال رئيس الوزراء.
وزيرة العدل تسيبي ليفني (47 عاما).
وزير الدفاع شاؤول موفاز (58 عاما).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية