مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

معرض طيران الأعمال بجنيف.. إقبال واسع وصفقات بالملايين

نماذج من الطائرات المعروضة بمعرض جنيف الدولي لطيران الأعمال يوم 21 مايو 2008 swissinfo.ch

لا يبدو أن تجاوز ثمن برميل النفط لسقف 125 دولار سيؤثر سلبا على نمو قطاع الطيران الخاص الذي أصبح يجذب أكثر فأكثر الأثرياء ورجال الأعمال المستعدين لإنفاق مبالغ خيالية من أجل الحصول على نقل جوي آمن ومريح.

فقد شهد المعرض الأوروبي الثامن لطيران الأعمال بجنيف الذي امتد من الثلاثاء إلى الخميس 22 مايو 2008، حضور حوالي 14.000 زائر، وإبرام صفقات تجارية هائلة.

ويرجع المتابعون الحركية والنمو الذين يشهدهما هذا القطاع إلى عوامل متعددة منها انزعاج رجال الأعمال من الطوابير الطويلة في المطارات والإجراءات الأمنية المشددة التي أصبحت متبعة بعد هجمات 11 سبتمبر، مما يسبب ضياع وقت تكون تكلفته كبيرة في مجال الأعمال.

وتوضح كارين يعقوب، المديرة التنفيذية بالرابطة الأوروبية لتسويق الطائرات ذلك بقولها “بفضل الرحلات الخاصة، يمكن لرجال الأعمال النزول بالمطارات متى ما أرادوا، ومن دون أن يكونوا مجبرين على الانتظار للحصول على أمتعتهم”.

وليس عامل الوقت فحسب هو ما يحفز الأثرياء على استعمال الطائرات الخاصة، فهذا الأسطول يسمح بالنزول في مدن لا ترتبط بخطوط الطيران العامة، ويتيح لهم ذلك الوصول إلى أسواق جديدة، وإنشاء مشروعات في مناطق لا تزال بكرا.

وبالنسبة للعاملين في هذا القطاع، يعد معرض جنيف محطة لا يمكن تجاوزها، وهو ما أكده فعلا دافيد فيلوبيلاي، مدير التسويق بمجموعة آر بوس في حديث إلى وكالة الأنباء السويسرية بقوله: “في جنيف لدينا حضور وإشعاع أكبر مما هو في معرض البورجي بباريس، أو معرض فارنبورغ بألمانيا”.

إقبال واسع وصفقات ضخمة

ومن سنة إلى أخرى، يستقبل معرض جنيف المزيد من الزوار الجدد، وتتوسع المشاركة ويزداد عدد العارضين، إذ بلغ عددهم هذه السنة 439 عارضا، أي بزيادة 38 % مقارنة بالسنة الماضية. ويتوزع العارضون بين شركات رائدة في مجال التصميم، والصيانة، والاستثمار، والمصارف. وتحول المعرض في السنوات الأخيرة إلى مناسبة مفضلة للإعلان عن الصفقات الكبرى، وكانت هذه السنة كسابقاتها.

فقد أعلنت الشركة السويسرية “فيستاجات” Vistajet عن إبرامها عقدا بقيمة 1.2 مليار دولار لشراء 35 طائرة من الشركة الكندية “بومبارديي” Bombardier. ومن ناحيتها أعلنت الشركة الكندية عن بيعها لشركة “فيستاجات”، شركة “سكاي جات”، أحد فروعها الدولية والمتخصصة في تأجير الطائرات الخاصة برجال الأعمال.

كذلك أعلنت شركة تصنيع الطيران “داسو” Dassault عن توقيعها مع الشركة الأوروبية “ناتجات” Natjets عقدا تفوق قيمته مليار دولار، تحصل بمقتضاه هذه الأخيرة على ثلاثين طائرة من طرازFalcon 2000 LX.

ومن ناحيتهاأعلنت شركة لوفتهانزا الألمانية لأول مرة الثلاثاء 20 مايو عن اقتناءها رسميا أول طائرة للنقل الخاص، وستتبعها بشراء 9 طائرات أخرى مع نهاية هذه السنة. وسيكون هذا القطاع الموجه لرجال الأعمال والخواص الأثرياء في الخدمة بداية من شهر يونيو القادم.

للشرق الأوسط نصيب الأسد

تتوسع وتنمو حركة الطيران في منطقة الشرق الأوسط، وتتجاوز معدلات النمو فيها أغلب المناطق في العالم، وتبعا لذلك يزداد عدد المشاركين العرب في المعارض الدولية، كما تتوجه أنظار الشركات الكبرى إلى هذه المنطقة لبيع منتجاتها، خاصة مع تكدس رؤوس الأموال المتأتية من الإرتفاع المستمر لأسعار النفط والغاز.

وفي حديث إلى سويس انفو، أكد المهندس سمير حديريس، المدير العام لشركة “الأجنحة العربية” من الأردن، والمشارك في معرض جنيف هذه السنة عن حيوية المشاركة فقال: “حضورنا في جنيف يساعدنا على التعرف على شركات أخرى، وعرض خدماتنا، واستقبال زوّار المعرض، الذين نزوّدهم بفكرة واضحة عن المناطق التي نغطيها، وأنواع الطائرات التي بحوزتنا وأسعار الرحلات”.

ولئن أقر المهندس حديريس بأن شركته لم تبرم عقود جديدة مع شركات أخرى، فإنه “سعيد بكسب زبائن جدد، زاروا المعرض وتعرفوا على الشركة”، على حد تعبيره.

أما الكابتن سمير فاليون، مدير المشروعات بشركة “حديد” Hadid ومقرها الرئيسي بدبي ومؤسسها سوري الأصل، فهو يرى أن “المعرض فرصة لتقوية العلاقة مع الزبائن، وللتفاوض مع الشركاء التجاريين، وحل الخلافات إن وجدت، والتعرف على المستجدات في الميدان حتى نحافظ على القدرة التنافسية للشركة”.

لكن الحضور العربي لم يقتصر على الشركات العارضة، إذ لم يغب المستثمرون ورجال الأعمال كذلك. ويعكس أهمية هذا الحضور الصفقات التي أبرمت لصالح جهات في الشرق الأوسط، ومن أهمها العقد الذي تبلغ قيمته 1.5 مليار دولار الذي أبرمته الثلاثاء 20 مايو بجنيف مجموعة إيرباص مع شركة “ماز آفيايشن” Maz Aviation، ومقرها بالمملكة العربية السعودية، وبمقتضاه تزود الشركة البائعة الشركة المتعاقدة معها بست طائرات من نوع A-350 XWB الفاخرة.

وفي نفس اليوم، أعلنت شركة “أوروكوبتر” Eurocopter عن بيعها للشركة الإماراتية “فالكون أفيايشن” Falcon Aviation أول طائرة هيلكوتر قامت الشركة الفرنسية “هيرمس” بتجهيزها وتأثيثها من الداخل، لتوفير أقصى درجات الرفاهية والراحة.

كذلك فازت شركة “إمبراير” Embraer البرازيلية بالعديد من العقود في منطقة الشرق الأوسط. فقد وقعت الشركة الكويتية “آسياج أفيايشن” Asiag Aviation التابعة للمجموعة الدولية “الشالفان” أمرا باقتناء طائرة من نوع “فينوم 100″، وطائرة من نوع “فينوم 300″، وأخرى من نوع “ليغاسي 450″، وإثنين من نوع “ليغاسي 500”.، على أن يتم التسليم سنة 2012.

وعن الفرص التجارية المتاحة في منطقة الشرق الأوسط، يقول كولن ستيفن، نائب رئيس شركة “إمبراير” (التي أبرمت صفقات في كل من دبي والكويت) والمسؤول عن التسويق بها: “منطقة الشرق الأوسط مقبلة بشكل جيد على الطائرات التي نصنّعها، وسوف يعجب المسافرون بما توفره طائراتنا بأنواعها المختلفة من راحة وأناقة”.

عوائق لن تحول دون النمو

في عام 2007، غطى طيران الأعمال في أوروبا 8% من الرحلات الجوية التجارية، كما تجاوز معدل نموه بكثير تطور رحلات الطيران ذات الأسعار المنخفضة. ورغم ما تعانيه هذه الشركات من ضغوط بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وتشدد الدول الأوروبية في ما يتعلق بالضريبة على انبعاث ثاني أوكسيد الكربون، فإنه من المرجح أن يتواصل نمو هذا القطاع في المستقبل.

وتتوقع شركة مثل الخطوط الجوية الفرنسية “آر فرانس” أن تناهز نسبة نمو أرباحها خلال السنة الحالية 7.4%، على أساس من استمرار المعطيات الحالية المتحكمة في السوق، أي سعر برميل النفط 120 دولار، وسعر صرف اليورو 1.56 دولار. وإذا ما تحقق ذلك فإن الشركة تأمل في الحصول على أرباح صافة تقدر بمليار دولار.

كذلك تخطط المجموعة الدولية “كوملوس”، ومقرها بزيورخ، إلى تطوير أسطولها الجوي ليمر من 9 طائرات حاليا إلى 15 طائرة بموفى هذه السنة. وتوسيع مجال عملها من أوروبا إلى الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وللاستجابة لطلبات حرفائها من الأثرياء، أصبحت هذه الشركة تساهم بنسبة 40 % من رأسمال “إيرباص كوربورات جات”، إحدى الشركات الفرنسية المتخصصة في التجهيزات الداخلية للطائرات.

ومهما كانت العوائق في المستقبل المنظور، لا يبدو أن هذا القطاع سيتأثر سلبا، فالأثرياء المستعدون لدفع 55 مليون دولار لطائرة من نوع A-318 لن يعيروا كبير اهتمام لتقلبات الوضع الإقتصادي العالمي أو المحلي.

سويس انفو – جنيف – عبد الحفيظ العبدلي

من المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصفقات المبرمة خلال معرض جنيف ما بين مليارين وثلاث مليارات من الدولارات.

بحسب مكتب المراقبة الأوروبيEurocontrol ، سينتقل حجم الأسطول الأوروبي من الطيران الخاص خلال العشر سنوات القادمة من 3000 طائرة إلى 4600 طائرة.

يتراوح ثمن رحلة على متن طائرة خاصة عبر مسافة قصيرة داخل أوروبا بين 4000 و 5000 يورو.

تبلغ تكلفة الخدمات الأرضية بالإضافة إلى التزود بالوقود للطائرة الواحدة في بعض الأحيان 150.000 دولار، ويصل مقابل تنزيل الحمولة إلى 50.000 دولار.

يتمتع معرض جنيف لطيران الأعمال الذي ينظم كل سنة بمزايا هامة منها الإشعاع الدولي وقربه من أرضية مطار جنيف.

يلقى المعرض كل سنة المزيد من النجاح ويعكس التوسع الكبير في مساحة العرض التي غطت هذه السنة ثلاث قاعات كبرى بالإضافة إلى مساحة كبيرة في الهواء الطلق، التطور المطرد في السوق الدولية لهذا النوع من الطيران.

فالسوق الأوروبية بمفردها تعد 150 مؤسسة وشركة مالكة لطائرات تزيد عدد مقاعد الواحدة منها عن 15 مقعدا سنة 2000، ولكن هذا العدد تضاعف مرتين بحول سنة 2007.

بلغ عدد العارضين هذه السنة 439 شركة أي بزيادة تفوق 38 % عن السنة الماضية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية