مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مغامرة ناجحة لأكبر الناشرين السويسرين

نجح الناشرون السويسريون في اختراق أسواق آسيوية مثل الصين وأندونيسيا وفيتنام Keystone Archive

ربما لا تحظى الصحف والمجلات السويسرية بشهرة عالمية، لكن بعض دور النشر في الكنفدرالية نجحت في اقتحام أسواق أجنبية من شرقي أوروبا إلى دول آسيا.

وتختلف أساليب أبرز دور النشر السويسرية –التي تستفيد حتما من التعدد اللغوي في الكنفدرالية- في إغراء الأسواق الخارجية.

أعلنت مؤخرا مجموعة النشر السويسرية “إيديبريس” – الواسعة الانتشار في سويسرا الروماندية المتحدثة بالفرنسية- عن أول مغامرة لها في آسيا، إذ باتت تمتلك أغلبية أسهم شركة إدارة الاتصال (Communication Management Ltd) في هونغ كونغ.

وتعني سيطرة “إيديبريس” على غالبية أسهم أول شركة آسيوية في مجال إصدار مجلات الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والأزياء والموضة، أنها ستدخل في منافسة مع شقيقتها السويسرية “رانجيي”، أبرز خصم لها داخل الكنفدرالية.

وكانت دار النشر “رانجيي” التي تتخذ من زيورخ مقرا لها، قد دخلت السوق الآسيوية في عام 1989 بمشروع نشر مُشترك في هونغ كونغ، التي كانت تخضع آنذاك للتاج البريطاني. ومنذ عام 2001، أصبحت “رانجيي” المالك الوحيد لشركة النشر “Ringier Print (HK) Ltd” بهونغ كونغ. كما أنها اخترقت السوق الصينية ابتداء من عام 1997.

وقد جاء انتشار “رانجيي” في آسيا بعد دخولها في بداية التسعينات لأسواق أوروبا الشرقية. وتنشر “رانجيي” حاليا أكثر من 100 صحيفة ومجلة في سويسرا ورومانيا وصربيا وسلوفاكيا وتشيكيا وهنغاريا والصين وأندونيسيا والفيتنام.

أما “إيديبريس” التي يوجد مقرها في لوزان، فقد ترددت كثيرا قبل التجرؤ على تخطي عتبة السوق الآسيوية الضخمة. فهي بدأت مغامرات النشر خارج سويسرا في إسبانيا والبرتغال، قبل أن تسجل لاحقا حضورا متناميا في كل من اليونان وبولندا ورومانيا وأوكرانيا وروسيا والمكسيك. ومن بين 132 صحيفة ومجلة التي تنشرها “إيديبريس”، 18 فقط تصدر في الخارج.

الفرصة الآسيوية

وفي تصريح لسويس انفو، أوضح كريستوفر بولتون، رئيس القسم المالي في “إيديبريس، أن أفضل الفرص للانتشار توجد في الخارج قائلا:

“لدينا قاعدة قوية لإصدار الصحف والمجلات في سويسرا، لكن معظم إمكانيات النمو تتواجد بوضوح في مكان آخر. لقد درسنا بجد خلال الأشهر الثمانية عشرة الماضية إمكانية التحول إلى آسيا لأننا نرى فيها فرصا هائلة (…)، ففي ما يخص نشر المجلات، مازالت هنالك أسواق غير متطورة على الإطلاق. وتتواجد في معظمها أكبر العلامات الدولية بينما تظل الشركات المحلية قليلة نسبيا”.

وأضاف السيد بولتون أنه رغم بعض الفروق “الواضحة” بين أسواق أوروبا الشرقية والصين، توجد نقاط تشابه كثيرة بينهما، خاصة على مستوى السعي وراء السلطة والهياكل القانونية والإدارية وشبكات التوزيع.

ومن القواسم المشتركة أيضا طبيعة النمو الذي تشهده هذه الأسواق الصاعدة. فهي لم تعد تكتفي بطلب المنتجات “الأساسية” (مثل مجلات النساء والآباء والأطفال)، بل اتسعت دائرة حاجياتها مع مرور السنين لتشمل منشورات “أكثر تطورا” (مثل مجلات السيارات والديكور والأثاث…).

ويعتقد السيد بولتون أن الهوية السويسرية لـ”إيديبريس” تساعدها قطعا في اقتحام تلك الأسواق، إذ يقول: “عندما نذهب إلى أسواق أجنبية، نحترم كثيرا الثقافة المحلية وأبناء البلد واللغات، إلخ (…) بينما يميل بعض منافسينا إلى اعتماد المقاربة القائلة: نحن اشتريناكم، نحن الآن نمتلككم، إذن عليكم فعل ما نمليه عليكم”.

حقول الألغام السياسية

ويظل الفرق الأساسي بين “رانجيي” و”إيديبريس” على مستوى الانتشار في الأسواق الخارجية، الأسلوب الذي يختاره كل منهما لاختراق السوق.

“رانجيي” لم تتردد مثلا في خوض تجربة نشر صحيفة يومية محلية رغم مخاطر إثارة مضمون الصحيفة لانزعاج السلطات السياسية.

وخلال العام الماضي، ترك أكثر من 30 صحفيا رومانيا عملهم في يومية بارزة وواسعة الانتشار مُتهمين دار النشر السويسرية بفرض الرقابة على الانتقادات التي تُوجَّهُ للحكومة. لكن “رانجيي” نفت أي تدخل في الخط التحريري للصحيفة. كما أعرب مدير مجلس الصحافة السويسري بيتر شتودر عن دهشته من تلك الاتهامات.

أما “إيديبريس”، فتُفضل الابتعاد بأطول مسافة ممكنة عن حقول الألغام السياسية حيث اختارت التركيز على سوق المجلات الترفيهية.

الروتين الحكومي

غير أن ذلك لا يعني أن قطاع المجلات لا يخلو من المشاكل، كما يُذكر السيد بولتون الذي أضاف في تصريحاته لسويس انفو أن “العوائق الرئيسية هي في معظمها قانونية وإدارية. فعادة، لا يتحلى هذا النوع من الأسواق (الأجنبية) بالنضج الكافي، ومازال هنالك روتين حكومي ثقيل، لذلك يجب التحلي بقدر من الصبر إذا ما أردت النجاح”.

ومن المشاكل التي تعترض الناشرين في الأسواق الصاعدة، يشير السيد بولتون إلى الافتقار للموظفين المؤهلين. وقد اختارت “إيديبريس” أن تبدأ بفريق صغير نسبيا، ثم تتولى تدريب العاملين قبل محاولة الانتشار في المناطق الجديدة. وبالإضافة إلى تأهيل الموظفين، يواجه الناشرون السويسريون شبكات توزيع تختلف تماما عما اعتادوا عليه في دول أوروبا الغربية.

ويمكن لمغامرات دور النشر في الخارج أن تشكل قاعدة للعودة بنجاح إلى موطنها الأصلي. فعلى سبيل المثال، أعلنت مؤخرا “رانجيي” التي شهدت نجاحا كبيرا في جمهورية يوغوسلافيا السابقة، أنها ستعيد صحيفتها الصربية اليومية “بليك” (Blic) إلى أوروبا.

وكانت صحيفة “بليك أوروبا” قد طُورت كإصدار مستقل يهدف إلى إعلام أكثر من 950 ألف صربي يعيشون في الخارج. ويتم بيع الصحيفة الجديدة، التي تُُطبع في فرانكفورت، في عدد من الدول من بينها ألمانيا والنمسا وسويسرا.

سويس انفو

تعد “إيديبريس” و”رانجيي” و”تاميديا” من بين شركات النشر القليلة التي تسيطر على ساحة النشر السويسرية.
تظل “رانجيي” و”إيديبريس” أبرز الفاعلين في هذا المجال.
تنشط “إيديبريس” (مقرها لوزان) أيضا في إسبانيا وبولونيا واليونان والبرتغال ورومانيا وأوكرانيا وروسيا والمكسيك. تنشر أكثر من 130 صحيفة ومجلة وتوظف أكثر من 3500 شخص من بينهم حوالي 1700 في سويسرا.
أما “رانجيي” (مقرها زيورخ)، فتنشر حاليا أكثر من 100 صحيفة ومجلة في سويسرا ورومانيا وصربيا وسلوفاكيا وتشيكيا وهنغاريا والصين وأندونيسيا والفيتنام.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية