السلطات الأميركية توجه تهمة القتل إلى مطلق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن

وجهت السلطات الأميركية الخميس تهمة القتل إلى مطلق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية أمام متحف يهودي في واشنطن، في الوقت الذي أثار فيه الهجوم توترات دولية على خلفية معاداة السامية.
وقال ممثلو الادعاء وفق وثيقة للمحكمة إن الياس رودريغيز (31 عاما) صرخ “فلسطين حرة” بينما كان رجال الشرطة يلقون القبض عليه ويقتادونه اثر إطلاق النار في وقت متأخر الأربعاء أمام المتحف اليهودي في العاصمة الأميركية.
وقال رودريغيز لرجال الشرطة خلال اعتقاله “فعلتها من أجل فلسطين، فعلتها من أجل غزة”.
وقالت وزيرة العدل الأميركية بام بوندي خلال زيارتها موقع الهجوم “وفق ما نعرفه، فقد تصرف بشكل منفرد”.
ومَثَل الرجل الذي يتحدر من شيكاغو أمام المحكمة لأول مرة الخميس بعد توجيه تهمتي القتل من الدرجة الأولى وقتل مسؤولين أجانب إليه. وفي حال إدانته، قد يُحكم عليه بالإعدام.
وقالت جانين بيرو، المدعية العامة الأميركية المؤقتة لمنطقة كولومبيا، للصحافيين، إن السلطات تحقق في إطلاق النار “كعمل إرهابي وجريمة كراهية”.
وأعربت بيرو عن اعتقادها أنه مع تقدم التحقيقات “ستكون هناك المزيد من التهم التي ستضاف”، مشيرة إلى أنه تم تحديد جلسة استماع أولية في 18 حزيران/يونيو.
وأثار إطلاق النار غضبا دوليا وتبادلا للاتهامات، حيث حمل وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المسؤولية للانتقادات الأوروبية للهجوم المستمر لبلاده على غزة، مدعيا وجود “صلة مباشرة بين التحريض المعادي للسامية والمعادي لإسرائيل وبين جريمة القتل هذه”.
وأضاف “هذا التحريض يمارس أيضا من جانب قادة ومسؤولين في العديد من الدول والهيئات الدولية، خصوصا في أوروبا”، في إشارة إلى التظاهرات الكبيرة في عدّة مدن حول العالم تنديدا بالعملية العسكرية في غزة.
ورفضت فرنسا هذه الاتهامات بشدة. وقال كريستوف لوموان المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنها “تصريحات صادمة وغير مبررة على الإطلاق”.
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى “الثمن الباهظ لمعاداة السامية” وندد “بالتحريض الجامح ضد دولة إسرائيل”.
وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تحدث إلى نتانياهو الخميس، على شبكته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي أن “هذه الجرائم الفظيعة… المدفوعة بطبيعة الحال بمعاداة السامية ينبغي أن تتوقّف الآن!”، مؤكدا أن “لا مكان للكراهية والتعصّب في الولايات المتحدة”.
ووقع الهجوم الساعة 21,00 بالتوقيت المحلي (الأولى فجر الخميس بتوقيت غرينتش) الأربعاء خارج “متحف كابيتال اليهودي” في وسط العاصمة واشنطن، على مقربة من مبنى الكابيتول والبيت الأبيض، الذي استضاف في وقت إطلاق النار احتفالا نظمته اللجنة الأميركية اليهودية.
وأعلنت السفارة الإسرائيلية أن الضحيتين هما يارون ليشينسكي، وهو مواطن اسرائيلي يبلغ 28 عاما ويحمل ايضا جواز سفر ألمانيا، وسارة لين ميلغريم، وهي أميركية يهودية موظفة في السفارة، مشيرة إلى أنهما كانا يخططان للزواج.
– “قتلة جماعيون”
وجاء الهجوم بعد أيام من حصول المتحف على هبة مالية لتعزيز الأمن، مع تصاعد معاداة السامية في جميع أنحاء العالم في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة اثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على اسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتصاعدت التوترات في الولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى بسبب استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة، حيث شجب النشطاء المؤيدون للفلسطينيين ما يقولون إنها التكلفة البشرية التي لا تطاق للهجوم العسكري.
ودانت دول الهجوم بينها فرنسا وكندا وألمانيا والإمارات العربية المتحدة، فيما ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ “بجرائم مروعة”، بحسب بيان صادر عن المتحدث باسمه.
لكن نتانياهو اتهم فرنسا وبريطانيا وكندا الخميس بتشجيع المسلحين، قائلا “إنهم يريدون من إسرائيل أن تتنازل وتقبل بأن ينجو جيش حماس من القتلة الجماعيين ويعيد بناء نفسه ويكرر مذبحة 7 أكتوبر”.
وأكّد الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ أن “الإرهاب والكراهية لن يكسرانا”، مشدّدا على أن “إسرائيل والولايات المتحدة ستبقيان متّحدتين للدفاع عن شعبينا وقيمنا المشتركة”.
– “معاداة السامية، أشعر بها يوميا”
وقالت رئيسة الشرطة في واشنطن باميلا سميث خلال إحاطة إعلامية “شوهد رجل يسير ذهابا وإيابا خارج المتحف. واقترب من مجموعة من أربعة أشخاص وأخرج سلاحا يدويا وأطلق النار”، مشيرة إلى أن المشتبه به تصرّف وحيدا وأطلق شعارات مؤيّدة للفلسطينيين خلال توقيفه.
وبحسب وثائق المحكمة، اقترب رودريغيز من ضحيتيه وأطلق عليهما 21 طلقة، كما أطلق النار عليهما مرات عدة بعد سقوطهما أرضا وعلى ميلغريم خلال محاولتها الزحف بعيدا.
وقال شهود عيان إن عناصر الأمن اعتقدوا في البداية أن مطلق النار ضحية.
وقال يوني كالين الذي كان داخل المتحف “سمح الحارس لهذا الرجل بالدخول. أعتقد أنهم ظنوا أنه ضحية. (…) أجلسوه. وسألوه +هل أنت بخير؟ هل أصبت بجروح؟ ماذا حدث؟+” وأجاب “+اتصلوا بالشرطة+”.
وأوردت شاهدة أخرى تدعى كاتي كاليشير أنه بعد ذلك أخرج كوفية ترمز إلى تأييد الفلسطينيين، وقال “أنا فعلتها، فعلتها من أجل غزة”.
وفي مقطع فيديو متداول على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر رجل ملتحٍ يتعرّض للتوقيف، وقبل الخروج من الباب، ينظر إلى الكاميرا هاتفا مرّتين “حرّروا فلسطين”.
وأعلنت شرطة واشنطن تعزيز التدابير الأمنية في محيط دور العبادة في المدينة.
وكان ليشينسكي باحثا في السفارة الإسرائيلية، بينما كانت ميلغريم تعمل في قسم الدبلوماسية العامة بالسفارة، وفقا لحسابيهما على موقع لينكدان.
وتجمع الخميس المعزون في المتحف بواشنطن للغناء والصلاة.
وقال جيل ليفني لوكالة فرانس برس “من الواضح أن الحرب مروعة”،مضيفا “(لكن) معاداة السامية، أشعر بها يوميا (…) الأشخاص الذين كنت اعتقد أنهم أصدقائي يظهرون أنهم معادون للسامية. لقد أصبح هذا هو القاعدة”.
ووصف هدار ساسكيند، رئيس مؤسسة “نيو جويش ناراتيف” اليهودية، مقتل الموظفين في السفارة الاسرائيلية بأنها لحظة “مؤلمة بشكل لا يصدق (…) لا يمكن أن يكون هذا هو الحل”.
بور-ست-سمس/م ن-س ح-ود/سام