مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقتل 12 من عمال حقل نفطي بهجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا

علم لتنظيم الدولة الاسلامية مُلقى أرضا في الباغوز بمحافظة دير الزور السورية في 24 آذار/مارس 2019 غداة خروج الجهاديين من المدينة afp_tickers

قتل 12 من عمال حقل نفطي تحت سيطرة الحكومة السورية جراء هجوم مباغت شنّه تنظيم الدولة الإسلامية صباح الجمعة في شرق سوريا، بعد يوم من بدء القوات الكردية عملية أمنية للقضاء على الجهاديين في شرق البلاد.

واستهدف الهجوم الذي نفذته “خلايا” تابعة للتنظيم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، حافلات تقل عاملين في حقل التيم النفطي في ريف دير الزور الغربي الذي يعد جزءاً من البادية المترامية الأطراف التي انكفأ اليها مقاتلو التنظيم منذ إسقاط خلافته في آذار/مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته.

وفي اليوم نفسه، قتل عنصر وأصيب 5 آخرين من قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، في كمين لخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، استهدف عربة عسكرية “دفع رباعي”، في قرية العطالله التابعة لبلدة الشدادي جنوب الحسكة.

ووفقا للمعلومات التي حصل عليها نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الهجوم نفذ عبر كمين نصب لعربة تقل عناصر من “قسد”، وسط معلومات عن وصول تعزيزات عسكرية للمنطقة، وسيارات إسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى للعلاج.

وبدأ الهجوم في ريف دير الزور وفق ما أوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “بتفجير عبوات ناسفة لدى مرور الحافلات، قبل أن يبادر عناصر التنظيم الى إطلاق الرصاص عليها”، ما أودى بحياة 12 من العاملين السوريين في الحقل.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” من جهتها عن “استشهاد عشرة عمال وإصابة اثنين آخرين جراء اعتداء إرهابي استهدف ثلاث حافلات تقل العاملين” في الحقل.

وفي وقت لاحق، قال وزير النفط السوري بسام طعمة في تصريحات للتلفزيون الرسمي إن إحدى الحافلات “تعرّضت لقذيفة صاروخية”، لافتاً إلى إصابة أربعة عمال بجروح.

وأوضح أنّ من نفذوا “الاعتداء الإرهابي.. استغلوا سوء الأحوال الجوية وحالة الضباب المنتشر في المنطقة صباحاً”.

وشنّ التنظيم العام الماضي هجوماً مماثلاً، أودى في 2 كانون الأول/ديسمبر 2021 بعشرة من عمال حقل الخراطة النفطي الواقع في ريف دير الزور الجنوبي الغربي.

وغالباً ما تستهدف هجمات التنظيم بشكل رئيسي قواعد وآليات عسكرية تابعة للقوات الحكومية في البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور عند الحدود مع العراق.

ومع تكرار هجمات التنظيم على القوات الحكومية، تشهد البادية بين الحين والآخر اشتباكات تتخللها أحياناً غارات روسية دعماً للقوات الحكومية، وتستهدف مواقع مقاتلي التنظيم وتحركاته.

وتصعّد خلايا التنظيم منذ مطلع الشهر الجاري وتيرة عملياتها في البادية السورية، واستهدفت غالبيتها القوات الحكومية ومجموعات موالية لإيران، ما أسفر عن مقتل مقتل 37 مقاتلاً من الطرفين، إضافة الى عنصرين من التنظيم ومدني واحد، وفق حصيلة أوردها المرصد الإثنين.

– “صاعقة الجزيرة” –

جاء هجوم التنظيم في شرق سوريا، غداة إطلاق قوات سوريا الديموقراطية، التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، بالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن، عملية أمنية في شمال وشمال شرق البلاد تحت مسمى “صاعقة الجزيرة”.

وتهدف العملية التي تشارك فيها كذلك قوات الأمن الكردية إلى “القضاء على خلايا داعش الإرهابية وتطهير المناطق التي تتواجد فيها البؤر الإرهابية”، وفق ما اعلنت قوات سوريا الديموقراطية في بيان الخميس.

وفي بيان الجمعة، أفادت عن توقيف “52 مرتزقاً من داعش وميسّري عملياته الإرهابية، كانوا يحتمون في المناطق السكنية”.

وبدأت العملية الخميس بعدما شنّ التنظيم الإثنين هجوما في مدينة الرقة التي كانت تعد أبرز معاقله السابقة في سوريا، استهدف مراكز أمنية، قبل أن تحبطه قوات سوريا الديموقراطية وتمنع المهاجمين من اقتحام سجن قريب يضم مئات الجهاديين. وتسبب الهجوم بمقتل ستة من قوات الأمن الكردية.

وسيطر التنظيم منذ صيف العام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور، قبل أن يتم طرده منها تدريجاً. وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية في آذار/مارس 2019 هزيمة التنظيم بعد السيطرة على آخر معاقله في بلدة الباغوز (شرق) بدعم من التحالف.

ونجحت القوات الأميركية في تصفية أو اعتقال قادة من التنظيم في عمليات عدة، قتل في أبرزها زعيما التنظيم أبو بكر البغدادي في تشرين الأول/أكتوبر 2019 ثم أبو ابراهيم القرشي في شباط/فبراير في محافظة إدلب (شمال غرب).

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن التنظيم المتطرف مقتل زعيمه أبي الحسن الهاشمي القرشي في معارك لم يحدد تاريخها، وتبين لاحقاً انها جرت في محافظة درعا جنوباً، وشارك فيها مقاتلون محليون بمساندة قوات النظام السوري.

ورغم الضربات التي تستهدف قادته وتحركاته ومواقعه، لا يزال التنظيم قادراً على شن هجمات وتنفيذ اعتداءات متفرقة خصوصاً في شرق وشمال شرق سوريا.

– تظاهرات مندّدة –

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً متشعب الأطراف، تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل نحو نصف مليون شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وبعد قطيعة مستمرة منذ اندلاع النزاع، جمعت موسكو، أبرز داعمي دمشق، وزيري الدفاع السوري والتركي الأربعاء، في لقاء جاء بعد مؤشرات على تقارب محتمل بين البلدين الخصمين.

وشكلت تركيا أبرز داعمي المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً خلال السنوات الماضية واستقبلت قرابة أربعة ملايين لاجئ على أراضيها، بعدما كانت شريكاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا قبل اندلاع النزاع.

وقالت موسكو إن المحادثات تطرّقت إلى “سبل حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين”، وكذلك “الجهود المشتركة لمكافحة الجماعات المتطرفة”، من دون تسميتها.

وخرج مئات السوريين في تظاهرات في مدن عدة، أبرزها في مدينتي الباب (شمال) وإدلب (شمال غرب)اللتين تسيطر عليهما فصائل سوريا موالية لأنقرة، تنديداً باللقاء. ورفعوا لافتات وشعارات مؤكدة رفض أي “مصالحة” مع دمشق.

وقال صبحي خبية (54 عاماً)، النازح من ريف دمشق خلال مشاركته في التظاهرة لفرانس برس “نحن لا نصالح ولا يمكن أن نصالح ولا نريد أن نصالح نظام الأسد”.

وأضاف مخاطباً تركيا “لا تكوني عوناً للأسد علينا، بل كوني معنا”.

وفي شمال شرق سوريا، دعا مجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، السوريين الى “مواجهة هذا التحالف وإسقاطه”.

وقال في بيان “ننظر بعين الشك والريبة إلى الاجتماع” بين وزيري دفاع البلدين “برعاية روسية”.

وتلعب روسيا، وفق محللين، دوراً أساسياً لتحقيق التقارب بين حليفيها اللذين يجمعهما “خصم” مشترك يتمثل بالمقاتلين الأكراد.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية