مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نحو سـلام في الخريف أم خريف سلام تحول إلى سراب؟

Keystone

يعتقد رئيس الوزراء الفلسطيني سلاّم فياض أن مؤتمر السلام أو ما اصطلح عليه مؤتمر الخريف، المُـزمع عقده في مدينة انابوليس الأمريكية شهر نوفمبر المقبل، يشكل فرصة لا تُـعوّض قد تضع القضية الفلسطينية على أجندة العالم مجدّدا.

لكن فياض، الذي أصبح رئيس للوزراء بعد سيطرة حركة حماس الإسلامية على قطاع غزة الصيف الماضي، في ظروف انقسام فلسطينية غير مسبوقة، يُـقر أيضا أن هذه الفرصة “قد لا تكون أفضل من سابقاتها”.

تُـعيد كلمات فياض للأذهان، تلك الأجواء التي سبقت عقد قمة كامب ديفيد الشهيرة صيف عام 2000، والتي انتهت بفشل ذريع دفع، ضمن أسباب أخرى عديدة، الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مواجهة لا زالت تداعِـياتها تخطف الأرواح وتحْـشر الفلسطينيين في حِـصار مرير وقاسٍ.

ثمّـة أكثر من عنصر وأزيد من مِـثال يمكن سحبه من مِـلف قمة كامب ديفيد وما سبقها، ومقاربته مع قمة انابوليس العتيدة، ولمثل هذه المقاربة أن تدفع للتطير وللقول، إننا أمام خريف سلام، وليس مؤتمر خريف للسلام.

وقال فياض في لقاء مع صحفيين في مأدبة إفطار بمدينة رام الله “الجميع مُـدرك تماما أن القضية الفلسطينية تراجعت خلال السنوات القليلة الماضية، وإذا كانت لدينا فرصة للخروج من دائرة التهميش، فيجب استغلالها، وهناك ملفّـات يجب فتحها”.

لكنه أضاف “هذا المؤتمر مناسبة وفرصة لا تُـعوّض (…) رغم أنها قد لا تكون أفضل من سابقاتها”، وبسبب هذه المخاوف أكّـد فياض تمسّـك حكومته بالموقف الذي أعربت عنه القيادة الفلسطينية بضرورة أن تشكّـل خارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام، المرجعية الأساسية لهذا المؤتمر.

لكن رئيس الوزراء الفلسطيني، الذي شارك في عدد من اللقاءات الأخيرة بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، لم يملك الإجابة على سؤال حول كيفية جعْـل هذا المؤتمر أفضل من سابقيه، وهذه مسألة تشغل بال القيادة الفلسطينية بشكل كبير، خاصة وأنها أعطت مُـوافقتها المبدئية على حضور المؤتمر، دون أن تُـدرك حتى الآن إلى أين يمكن أن تَـؤول الأمور في النهاية.

المجهول

وبالرغم من تصريحات عباس المتكرّرة حول ضرورة معرِفة نهاية الطريق، الذي يتوجب أن تقود إليه المُـفاوضات التحضيرية الحالية للمؤتمر، إلا أن جميع الإشارات الصادرة حتى الآن، تَـشي بأمور غير واضحة.

الإسرائيليون الذين بدأ رئيس وزرائهم ايهود اولمرت بالحديث عن التوصل إلى “إعلان مبادئ”، تراجعوا إلى ما قالوا إنه “مذكِّـرة مصالح مشتركة”، ثم سربوا أخيرا على لسان اولمرت، بأنها لن تزيد عن “وثيقة تفاهمات”.

ولم يبدأ الأمريكيون، أصحاب الدعوة، بإرسال كتُـب الدعوات إلى المؤتمر الذي من المُـفترض أن يعقد نهاية شهر نوفمبر المقبل، حسب توقّـعات وتسريـبات غير رسمية، ولم يعلن كذلك عن أهداف المؤتمر ولا عن المشاركين فيه، بالرغم من كل التأكيدات على عقده.

وتقول مصادر مقرّبة من الرئاسة الفلسطينية، إن الرئيس عباس “يُـدرك أنه لن يحصُـل على شيء يُـذكر من المؤتمر، لكنه لا يستطيع رفض الدعوة الأمريكية، ويأمل في المناورة إلى حين موعد الانعقاد”.

وفي غضون ذلك بدأت فرق المفاوضات من الطرفين بالخوض في القضايا التي يمكن أن تتضمنها الوثيقة التي ستقدم للمؤتمر. وبالرغم من ان لقاء تفاوضيا واحدا عقد إلى حد الآن بين الفرق الفلسطينية والإسرائيلية (بدون احتساب لقاءات عباس – اولمرت)، فان التوقعات المحلية لا تبشر خيرا.

ويقول أحمد غنيم، عُـضو المجلس الثوري لحركة فتح في حديث لسويس انفو: “يبدو أن كل اللقاءات لم تُـسفر عن أي شيء حتى الآن، والوضع سيكون خطيرا جدا في حال التوجّـه إلى مؤتمر في هكذا ظروف، دون الخروج بنتائج جدّية”.

وأضاف “نحن في وضع مُـشابه تماما لمباحثات قمة كامب ديفيد، وأخشى أن يتحوّل مؤتمر أنابولس إلى وضع كارثي كما حدث عند فشل قمة كامب ديفيد، لأنه دون خروج المؤتمر بتأكيد واضح على ضرورة إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وحل الصراع العربي الإسرائيلي، فإننا سنكون أمام كارثة جديدة”.

ويعتقد غنيم أن “الدعوة الأمريكية الغامضة منحت الإسرائيليين مجالا للمناورة ودفعتهم إلى التهرب من مُـواجهة الاستحقاقات الرئيسية لعميلة السلام”.

الأمريكيون قادمون

وفي حين يُـواصل الإسرائيليون والفلسطينيون مفاوضات لم تُـسفر عن شيء يُـذكر حتى الآن، يُـنتظر وصول وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، للمساهمة في هذه المحادثات.

ويتوقع ان تقيم رايس نحو اسبوع تتنقل خلاله بين اسرائيل والاراضي الفلسطينية للمساعدة في بلورة الوثيقة التي يجرى التفاوض حولها حاليا.

ويخشى مسؤولون فلسطينيون من أن يؤدي إصرار الأمريكيين على عقد مؤتمر أنابوليس إلى إضعاف الموقف الفلسطيني، الذي سيضطَـر إلى تلبية الدعوة، بالرغم من عدم تأكده من مضمون الوثيقة.

وقال مسؤول فلسطيني بارز مشارك في التحضير للمؤتمر، رفض الكشف عن هويته “نحن نعرف ما نريد، ولكننا لا ندري تماما ما الذي سيُـوافق عليه الأمريكيون، وعلينا الانتظار حتى يأتي المُـدرِّسون لإعطاء أوامرهم للطلبة”.

هشام عبدالله – رام الله

القدس (رويترز) – قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت يوم الاثنين 8 أكتوبر، إنه عازم على المُـضي قُـدُما في عملية السلام مع الفلسطينيين، لكن إبرام معاهدة، أمر بعيدٌ للغاية، رغم خطط أمريكية لعقد مؤتمر مُـهم عن السلام في الشرق الأوسط الشهر المقبل. وسعى أولمرت لتقليص التكهنات بما سيتمخض عنه المؤتمر لتحاشي ضغوط شُـركائه اليمينيين في الائتلاف الحاكم، الذين يعارضون تقسيم القدس، إلى جانب اتخاذ خطوات مهمّـة أخرى في إطار أي اتفاق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأبلغ البرلمان الإسرائيلي أنه على أعتاب “عملية دبلوماسية مهمّـة” مع عباس، لكن دون تفاصيل بشأن ما سيطرحه للمساعدة في تعزيز الرئيس الفلسطيني في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي استولت على قطاع غزة في يونيو الماضي. وقال أولمرت في الوقت الذي بدأ فيه مفاوضون إسرائيليون وفلسطينيون محادثات في مكان سِـري في إسرائيل بشأن وثيقة مُـشتركة، يأملان في طرحها خلال المؤتمر الذي ترعاه الولايات المتحدة والمقرّر أن يعقد في مدينة أنابوليس بولاية ميريلاند: “أودّ أن أؤكِّـد هنا بشكل قاطع، أنني لا اعتزم البحث عن ذرائع لتفادي خوض عملية دبلوماسية”، وأضاف “أشعر أن هناك شيئا ما لنُـناقشه، والمناقشة أمر مرغوب”، لكنه قال إن إبرام معاهدة لا يزال أمرا “بعيدا للغاية على طريق مليء بالعقبات”.

وقال مساعدون لعباس، إن مفاوضات الوضع النهائي بشأن حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية ومصير القدس ووضع ملايين اللاجئين الفلسطينيين، ينبغي أن تكتمِـل خلال ستة أشهر، وهو جدول زمني رفضت إسرائيل الالتزام به. وقال عباس للصحفيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية، إن السلطة تسعى للتعامل مع هذه القضايا وضَـمان نجاح المؤتمر. وأبلغ نبيل أبو ردينة، مساعد لعباس، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن فشل المساعي الدبلوماسية “يعني إطالة أمد الصِّـراع وإراقة المزيد من دماء الأبرياء وإغراق المنطقة بالعُـنف والفوضى”.

وقال جوردون جوندرو، المتحدث باسم المجلس القومي للأمن الوطني “الإسرائيليون والفلسطينيون في خِـضم مناقشات الآن بشأن بيان مشترك للاجتماع في أنابوليس الشهر المقبل، سيكون من السابق لأوانه ومن غير اللائق لي أن أعلِّـق على أي قضايا محدّدة في هذا الوقت”.

ولمح أولمرت إلى أن إسرائيل ستتّـخذ “قرارات حتمية” في إطار أي اتفاق محتمل لإقامة دولة فلسطينية، وذكَـر بأن هذه القرارات “ستشمل التخلي عن أن نحقِّـق بشكل كامل ومُـطلق الأحلام التي حافظت على روحنا الوطنية لأعوام عديدة”. وأدلى بتصريحات مُـشابهة في الماضي، ليشير إلى خطط للانسحاب من أراضٍ عربية احتلّـتها إسرائيل خلال الحرب، والتي يزعَـم اليهود أن لهم حقا دينيا فيها. وقاطع نواب يمينيون أولمرت عدّة مرّات مطالبين إياه بتوضيح خُـططه بشأن مستقبل القدس.

واتهم بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود اليميني المعارض، أولمرت بأنه وافق مقدّما على التخلّـي على الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية العربية. وقال للكنيست بعد كلمة أولمرت “نتيجة واحدة هي الواضحة، ما أن يغادر الجيش الإسرائيلي ستدخل حماس”. وبدا أن الانتقادات موجّهة إلى حد بعيد لحاييم رامون، نائب أولمرت الذي قال يوم الاثنين، إنه ينبغي أن تعد إسرائيل لمفاوضات مستقبلية بشأن تقسيم القدس.

وقال رامون لراديو إسرائيل، إن الحديث عن التخلّـي عن السيطرة على مواقع مقدّسة في المدينة القديمة في القدس، والتي أشار إليها “بالحوض المقدس”، سابق لأوانه في الوقت الراهن، لكنه أضاف “لابد أن نقول إنه سيكون هناك نظام خاصّ في الحوض المقدّس، سنتحدث عنه في المستقبل”. ورامون من أشدّ المقربين لاولمرت، لكن رئيس الوزراء، الذي أضعفت فضائح فساد وحرب لبنان الصيف الماضي من موقفه السياسي، لم يلتزم علنا بدعم مقترحات نائبه.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 8 أكتوبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية