مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل تراجع الاسواق المالية مؤشر ركود؟

سجلت البورصة السويسرية منذ يوم الخميس تراجعا حادا في التداولات ادى الى تخوفات في الاوساط المالية Keystone

على الرغم من تكثيف المجهودات لطمأنة أصحاب الاستثمارات ورؤوس المال، سجلت البورصات الدولية ومعها البورصة السويسرية تراجعا ملحوظا في التداولات لا ببعث على الاطمئنان.

واصلت البورصات والأسواق المالية العالمية ومن بينها البورصة السويسرية صبيحة الجمعة انزلاقها الحاد بعد المستوى المتدني الذي توقفت عنده التداولات عند إغلاقها مساء الخميس.

وكان هذا المستوى من أدنى ما عرفته البورصة الأم نيويورك والبورصات الأوروبية والسويسرية منذ تسعة أشهر، أي بعد صدمة 11 سبتمبر، حينما استقر المتوسط العام لأسعار الأسهم السويسرية Swiss Market Index بحدود 5110 نقاط. فقد بلغ هذا المتوسط 5778 نقاط لدى إغلاق البورصة السويسرية مساء الخميس، فقدت منها حوالي 110 نقاط خلال الساعات الأولى صباح الجمعة.

ونسب معظم المحللين الاقتصاديين الانهيار الحاد الذي عرفته البورصات والأسواق المالية العالمية في أواخر عام ألفين وواحد
للهجمات الانتحارية ضد أهداف في الولايات المتحدة الأمريكية أدت لإغلاق البورصة الأم في نيويورك أسبوعا كاملا عاشت خلاله البورصات الرئيسية الأخرى في توقعات وحيرة كبيرة.

الكساد سبق أحداث سبتمبر

لكن التحليلات الأكثر تعمقا لأحداث العام الماضي، تؤكد أن البورصات العالمية كانت على “كف عفريت” بسبب التباطؤ الاقتصادي المزمن خاصة في الولايات المتحدة، وأن الهجمات الإرهابية قد سارعت في تردّي الأوضاع بسبب ما ألحقته من خسائر مباشرة وغير مباشرة في قطاعات اقتصادية عدة، كالتأمين والطيران المدني والسياحة وغيرها.

علاوة على ذلك، وافقت الهجمات الانتحارية موجة جديدة من التحذيرات التي تطلقها عادة “فئة المتشائمين” من المحللين والخبراء الاقتصاديين، كلما تفاقم الحال في البورصات وتعاظمت فيها معدلات أسعار الأسهم إلى درجة لا تتناسب والمعايير القديمة القائمة على معدل دخل السهم، لتحديد أسعار الأسهم.

فمن وجهة نظر تلك الفئة من “المتشائمين” كانت البورصات تعيش نشوة الأرباح الخيالية التي حققتها في أوائل التسعينات حينما كانت طوابير المشترين تزيد بكثير على طوابير البائعين للأسهم بسبب التوقعات بتحقيق ارباح هائلة خلال فترات وجيزة. لكن الوضع انقلب رأسا على عقب خلال الأسابيع القليلة الماضية “لكثرة البائعين واحتجاب المشترين” كما يقول المراقبون للبورصة.

الفضائح زادت من ريبة المستثمرين

ويرجع هذا الوضع لاهتزاز ثقة أصحاب الأموال والثروات هزة عنيفة بعد فضيحة “إنرون” Enron التي تسببت في أعظم إفلاس في تاريخ الاقتصاد الأمريكي، وما تلاها من فضائح كشفت النقاب عن تواطؤ جنائي بين عديدين من مشاهير المحللين الاقتصاديين وكبار الشركات والمؤسسات المالية والاستثمارية، أدى لتضليل المستثمرين وإغرائهم بأسهم شركات هشة.

أما ” الحرب العالمية” ضد الإرهاب وما تأتي به من نفقات هائلة وقيود شديدة على حرية حركة المستثمرين والاستثمارات في الولايات المتحدة والخارج، إضافة للعنف المتواصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشبح الحرب بين الهند وباكستان، فلا تزال من عوامل القلق الذي يعتري أصحاب رؤوس المال الذين يسعون بأموالهم نحو شواطئ الأمان الماثلة في الذهب أو الفرنك السويسري، ريثما تمر العاصفة وتعود المياه إلى مجاريها.

لكن المشكل الأساسي يكمن في ضخامة مديونية الولايات المتحدة وضعف الثقة في الدولار الأمريكي، وفي عدم انتعاش الاستهلاك نتيجة عدم الاطمئنان للتطورات الاقتصادية بصفة عامة، خاصة في الولايات المتحدة التي تلعب دور المحرك للاقتصاد العالمي.

إلا أن الإقبال المتزايد على الفرنك السويسري زاد من قيمته إلى حد أقصى مقابل الدولار الأمريكي والاورو، ولم يكن في صالح صناعات التصدير السويسرية التي تفقد القدرة هكذا على المنافسة، أو في صالح كبريات المجموعات السويسرية الدولية النشيطة خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، نظرا لمجازفات صرف أو تحويل العملة.

الفرنك القويّ يضعف الصادرات

فهذه “الخلطة” بين غلاء سعر صرف الفرنك أي غلاء المنتوجات السويسرية وبين تراجع الاستهلاك والطلبات على الصناعات السويسرية في الداخل والخارج، تنعكس في الإنزلاقة المتواصلة للبورصة السويسرية رغم بعض التكهنات بانتعاش الأسواق في النصف الثاني من العام الجاري.

وينسب بعض المراقبين للبورصة السويسرية هذا التراجع، لمحاولة عدد من المؤسسات الاستثمارية العملاقة كصناديق التأمين والتقاعد، استغلال الأجواء النفسية في البورصة للتأثير على أسعار الأسهم في محاولة لتحقيق الأرباح العاجلة للتعويض عن الخسائر التي مُنيت بها تلك المؤسسات خلال الاشهر القليلة الماضية.

ويحذر المراقبون من عاقبة هذه المحاولات إذ طالت على أعصاب صغار المستثمرين والتجار الذين قد يضيقون ذرعا بالبورصة فيقلبون لها ظهر المجن. وفي هذه الحالة يسود الكساد في البورصة مما سيعني انهيار الأسعار، ومعه انهيار قيمة حقائب الأسهم التي تملكها تلك المؤسسات العملاقة.

جورج انضوني

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية