مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واشنطن تهيئ لمرحلة ما بعد طالبان

من بين الاهداف الرئيسية للضربات العسكرية المستمرة التسريع باسقاط حكومة طالبان Keystone

فيما تتواصل العمليات العسكرية الأمريكية والبريطانية المعلنة والخفية في أفغانستان، يشدد المسؤولون الأمريكيون على أن عمليات اليومين الماضيين ليست سوى "المرحلة الأولى من حرب طويلة تتطلب الكثير من الأناة والصبر."

المراقبون العسكريون، يشعرون بالثقة من أن واشنطن ستحقق أهدافها العسكرية في أفغانستان بسهولة نسبية، بناء على خبراتها السابقة في العراق والبلقان. ولكن ما يثير قلق المراقبين السياسيين والمسؤولين على حد سواء، هو مستقبل أفغانستان السياسي بعد انتهاء المعارك وانهيار حركة طالبان.

ومع أن المسؤولين الأمريكيين صرحوا مرارا وتكرارا أنهم سيتركون للشعب الأفغاني صياغة مستقبله السياسي بنفسه، فإن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد اقترب يوم الإثنين أكثر من غيره من مسؤولي ادارة بوش، في الإشارة إلى أن إطاحة نظام طالبان هو هدف رئيسي للعمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان.

وبعد أن كرر رامسفيلد اتهام طالبان بأنها تؤوي “إرهابيي تنظيم أسامة بن لادن وأنها مسؤولة عن الجرم كما تنظيم بن لادن عن الأعمال الإرهابية”، فإنه اضاف أن “العالم وأفغانستان سيكونان أفضل من دون حكومة طالبان.”

ويقول المراقبون في واشنطن، إن صوغ مستقبل أفغانستان السياسي بعد انهيار طالبان، هو الجزء الأكثر صعوبة بالنسبة إلى الولايات المتحدة. ويضيف هؤلاء أن واشنطن تريد حكومة في أفغانستان تكون “مسؤولة وقادرة على حكم البلاد واعادة الاستقرار اليها ومنع الإرهابيين من الاقامة فيها”.

اتصالات ومناورات

ومن أجل أن تشد أزر الجماعات والقادة القبليين المناوئين لطالبان، فإن الولايات المتحدة كانت قد أعلمت التحالف الشمالي بوشوك القيام بعملياتها العسكرية في الليلة الأولى قبل ساعات من بدء تلك العمليات.

ويعترف الأمريكيون بأنهم على اتصال وثيق منذ بعض الوقت بقوات الزعيم الأوزبكي عبد الرشيد دوستم والقوات القريبة من مدينة هيرات بقيادة اسماعيل خان وقوات طائفة الهزار (الشيعية) في وسط افغانستان بقيادة الجنرال كريم خليلي وقوات عبد الكريم فهيم المرابطة الى الشمال من كابول.

وتقول تقارير في واشنطن إنه بالإضافة الى تقاسم المعلومات العسكرية مع هذه القوات، فإن الولايات المتحدة بدأت بزيادة مساعداتها المالية الى قوات التحالف الشمالي، كما أنها تحث روسيا على فعل الشيء ذاته.

وإضافة إلى ذلك، فإن المسؤولين الأمريكيين بدأوا في اجراء اتصالات مع قادة القوات القبلية في الجزء الجنوبي من البلاد، الذين يتعايشون منذ مجيء طالبان الى السلطة في كابول مع تلك الحكومة.

وتقول مصادر امريكية إن العديد من هؤلاء القادة يراقبون عن كثب الضربات القوية التي توجه الى قوات طالبان لرؤية ما ستسفر عنه المعارك في الايام القليلة القادمة قبل أن يحسموا أمرهم بالانشقاق عن طالبان أو البقاء الى جانبها.

الابراهيمي مرشح للعب دور دقيق

وإضافة إلى الصعوبة التي تكتنف صوغ مستقبل أفغانستان الجديد من دون طالبان موضوعيا، فإن المسؤولين الأمريكيين يفضلون حتى الآن الابتعاد عن الحديث عن انهيار حكم طالبان، وذلك جزئيا كما يقول المراقبون، احتراما للرغبة الباكستانية التي ألمحت الى امكانية الإبقاء على ما يسمى، بحكومة “طالبان خفيفة الوزن” في كابول.

وهذه الحكومة حسب وجهة النظر الباكستانية يمكن أن تضم بعض الأعضاء الأكثر اعتدالا في نظام طالبان، وذلك كجزء من التوازن الإسلامي والقبلي الذي تعتقد باكستان أنه ضروري من أجل إحلال الاستقرار في أفغانستان.

وفضلا عن ذلك، فإن الإبقاء على حكومة موالية لها في كابول يصب كذلك في مصلحة إسلام أباد في الإبقاء على توازن إسلامي في المنطقة يسمح لها بمواصلة المجابهة مع الهند حول مستقبل اقليمي جامو وكشمير. غير أن مسؤولي إدارة الرئيس بوش يشيرون الى أن الموقف الباكستاني نفسه “أخذ يتغير بصورة كبيرة، وهو مرشح لتغييرات أكبر في الأيام القادمة.”

جدير بالذكر أن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول سيقوم بزيارة باكستان والهند في وقت لاحق هذا الأسبوع من أجل “ضمان استمرار هذا التحول في الموقف الباكستاني” على حد قول مسؤول أمريكي.

صحيفة الواشنطن بوست نقلت عن مسؤول كبير في ادارة بوش قوله ان الولايات المتحدة لم “تحدد بصورة مفصلة نوع الحكومة التي تريدها في كابول بعد انتهاء العمليات العسكرية، والكيفية التي سيصل فيها حكام كابول الجدد الى الحكم”.


وتقول بعض المصادر إن الأمم المتحدة ستلعب دورا مهما في تلك العملية، وخصوصا المبعوث الدولي الخاص للأم المتحدة إلى أفغانستان الأخضر الابراهيمي.

ونقلت البوست عن أحد دبلوماسيي إحدى دول التحالف الأمريكي قوله إن “الإبراهيمي سيلعب دورا مهما في عملية التحول، وهو يحظى بالاحترام في واشنطن، كما أن ما يساعده في مهمته الجديدة هو حقيقة أنه مسلم”.


مفيد عبد الرحيم – واشنطن

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية