وصول شارون إلى السلطة يؤشر لبدء مرحلة صعبة في الشرق الأوسط
تشكل نتائج انتخابات رئاسة الوزارة الإسرائيلية مؤشراَ خطيراً حول طبيعة التفكير السياسي في إسرائيل وكذلك حول آفاق عملية السلام الجارية مع القيادة الفلسطينية. وليست المشكلة أن انتخاب شارون جاء ليعيق تقدم عملية السلام لأنها متوقفة أو منهارة، تماماً كما أن المشكلة ليست خطر الحرب الذي يجلبه شارون لأن الحرب أصلاً قائمة وسقط ضحيتها حتى الآن أكثر من اربع مائة فلسطيني في حوالي أربعة شهور.
الدلالات الخطيرة والمؤذية من انتخاب شارون تتمثل أساساً بأن ذلك يعكس استمرار بل تفشي عقلية القوة كوسيلة لتحقيق الاهداف في المجتمع الإسرائيلي الذي يعني انتخابه لشارون نوع من المعاقبة للفلسطينيين وكذلك نوع من العلاج لتعثر مسعى السلام ولانهيار الأمن في إسرائيل. إذ يعتقد الإسرائيليون أن الجواب على الانتفاضة هو شارون، أي درجة أعلى من القوة أو القسوة والتطرف.
ومن هذا المنطلق فمن الواضح أن المجتمع الإسرائيلي لم ينضج ولم يأخذ العبرة الأساسية من هذه الانتفاضة ومن فشل مفاوضات واشنطن، تحديداً أن اسلوب فرض الرأي وأسلوب القوة ليس هو الطريق للسلام والأمل، بل على العكس، فإن التسلط والقهر ضد الشعب الفلسطيني قاد إلى انتقاص فرص السلام والأمن. ولكن على كل حال، ربما أن مرحلة شارون، الإجبارية والصعبة، ضرورية حتى يصل التفكير الإسرائيلي إلى أنه حتى لو عبر على أقصى التصرف وأقصى القوة، وهذا ما يمثله انتخاب شارون، فلن يقترب من السلام والأمن، وبالتالي ربما يساعد ذلك على تطور في الرأي العام الإسرائيلي باتجاه آخر كلياً، وهو أن القوة، وزيادة القوة، ليستا الطريق الأمثل بل تفهم حاجات وحقوق الطرف الآخر، وبطريقة متبادلة، هو الطريق الأقصر للسلام والأمن.
في هذا الأثناء، وإلى أن ينضج الرأي العام الإسرائيلي ويتخلص من عقلية القوة والتفوق والتسلط، فهناك مخاطر كبيرة على المنطقة، فأحد السيناريوهات المتوقعة تتمثل في زيادة درجة العنف وتصعيد القمع والبطش الإسرائيلي، كذلك سيكون هناك بالمقابل تصعيد فلسطيني، وقد تخرج الأمور من دائرة المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية لتصل إلى نطاق إقليمي أوسع مما يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط تماماً كما فعل شارون عام 1982.
يملي هذا التطور مهمات كبيرة على الفلسطينيين خاصة في مجال تعزيز وحدتهم الوطنية وجبهتهم الداخلية وتمسكهم بثوابتهم السياسية استعداداً لمرحلة صعبة. كذلك هناك حاجة ملحة لتطوير التنسيق والتضامن العربي الفلسطيني بما فيه استراتيجية للتعامل مع الولايات المتحدة وأوروبا لأنهم القادرون على وضع قيود على إسرائيل شارون وبدونها فسيكون هناك قلق كبير ليس فقط على الفلسطينيين والعرب بل المصالح الغربية المعنية باستقرار الشرق الأوسط أيضا.
غسان الخطيب – القدس
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.