احتفاء ترامب بولي العهد السعودي يدشن عهدا جديدا في علاقات البلدين
شكّلت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن هذا الأسبوع نصرا سياسيا كبيرا للمملكة العربية السعودية، على ما أفاد خبراء وكالة فرانس برس.
حظي ولي العهد السعودي بترحيب استثنائي خلال زيارته للبيت الأبيض الثلاثاء، على غرار ما يحصل عليه الرؤساء الأميركيون عندما يزورون المملكة الخليجية الغنية بالنفط.
كانت ترتيبات استقبال ولي العهد، الحاكم الفعلي لبلاده، مفاجئة بشكل خاص لأن الأمير ليس رأس الدولة الرسمي في السعودية.
لكن هذا الأمر لم يمنع الرئيس دونالد ترامب من تنظيم استقبال رسمي للأمير محمد الذي أشار إليه مرارا بأنه “الملك المقبل”.
فيما يلي ملخص لما حققته السعودية خلال هذه الزيارة وما يعنيه ذلك لمستقبل العلاقة الثنائية.
– ما الذي كان مختلفا هذه المرة؟ –
رغم كونهما حليفين وثيقين منذ عقود، شاب التوتر العلاقة بين واشنطن والرياض على مدى سنوات، على خلفية مخاوف الولايات المتحدة بشأن قضايا حقوق الإنسان، وذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر التي كان غالبية منفذيها سعوديين ومخاوف بشأن صلات المملكة بالتطرف.
لكنّ العلاقة تشهد راهنا تقدما ملحوظا.
بعد غياب دام سبع سنوات عن الولايات المتحدة عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في قنصلية بلاده باسطنبول عام 2018، لم يعد ولي العهد منبوذا في البيت الأبيض، لا بل حظي بعرض للطائرات العسكرية، ومرافقة من حرس الشرف على ظهور الخيل، واستقبال على السجادة الحمراء على وقع النفخ على الأبواق.
ونُظم مساء الثلاثاء، عشاء رسمي على ضوء الشموع بحضور شخصيات مثل لاعب كرة القدم كريستيانو رونالدو، ورائد التكنولوجيا إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة آبل تيم كوك، قبل مؤتمر استثماري كبير الاربعاء.
لم يكن هناك أي لوم بشأن وضع حقوق الإنسان خلال هذه الزيارة، بل على العكس، دافع ترامب عن الأمير محمد عندما أثار الصحافيون موضوع مقتل خاشقجي في المكتب البيضاوي الثلاثاء، وشدد ترامب أنّ الأمير محمد “لم يكن على علم بأي شيء”.
وأفاد كريم بيطار، الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، فرانس برس أن “مراسم الاستقبال الفخمة في واشنطن تثبت بشكل قاطع أن محمد بن سلمان شريك مميز للولايات المتحدة وتُظهر أن مركز الثقل في العالم العربي يقع الآن في الرياض”.
– لكن ماذا حققت الرياض فعليا؟ –
حصلت السعودية على التزامات أميركية بشأن مجموعة متنوعة من القضايا وصفقة دفاعية كبيرة كانت المملكة تسعى إليها منذ سنوات.
شملت الصفقات بيع مقاتلات إف-35 الشبح الأميركية الأكثر تقدما بالإضافة إلى اتفاق يمهد الطريق لبرنامج محتمل للطاقة النووية المدنية في المملكة وتسميتها حليفا رئيسيا من خارج حلف الناتو.
لكن إلى جانب الصفقات، قال أندرو ليبر، الزميل غير المقيم في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط إن “الأمر الرئيسي الذي كسبته السعودية من هذا كان حقا حول محمد بن سلمان، وإظهار أنه جزء لا يتجزأ من العلاقة الأميركية السعودية قبل أن يصبح ملكا”.
مع ذلك، لم يتمكن ترامب من تحقيق هدفه الذي طال انتظاره، وهو تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
قال الأمير محمد بن سلمان إن ذلك ما زال ممكنا، لكنه أكد على ضرورة إيجاد “مسار واضح” نحو إقامة دولة فلسطينية أولا.
– كيف تم استقبال الزيارة في السعودية؟ –
أظهر السعوديون تقديرا وحماسا كبيرا للمعاملة التي حظي بها ولي العهد الشاب في واشنطن، وأشادت عناوين الصحف الرئيسية بحرارة الاستقبال.
وكتبت صحيفة الشرق الأوسط في عنوانها الرئيسي “محمد بن سلمان وترامب … شراكة بلا حدود”.
وأعادت القنوات التلفزيونية عرض أبرز لحظات الاجتماع والعناق بين ترامب والأمير محمد بشكل متكرر طوال الأربعاء.
وأشاد السعوديون على وسائل التواصل الاجتماعي “بالاستقبال الملكي” لولي العهد، بينما أشار آخرون بسرعة إلى أن فستان السيدة الأولى ميلانيا ترامب الأخضر الداكن الذي ارتدته في حفل العشاء يتطابق مع لون العلم السعودي.
ووصف أحد مستخدمي تطبيق اكس هذه الخطوة الدبلوماسية في الموضة بأنها “إيماءة بروتوكول ذكية” تعبر عن “الاحترام” لولي العهد.
وكتب فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز في افتتاحية الصحيفة السعودية اليومية الصادرة بالإنكليزية “لم تعد العلاقة مقتصرة على النفط والأمن”.
وتابع “التعاون النووي، واستكشاف الفضاء، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة الآن على الطاولة. هذا ليس مجرد ترقية ثنائية – إنه قفزة استراتيجية”.
دس- س ص-هت/ص ك