الأمن الإيراني يوقف نرجس محمدي حائزة نوبل للسلام
أوقفت قوات الأمن الإيرانية الجمعة “بعنف” نرجس محمدي الحائزة جائزة نوبل للسلام لعام 2023، رفقة ثمانية نشطاء آخرين على الأقل، خلال إحياء ذكرى محام توفي في وقت سابق من هذا الشهر، وفق ما أعلنت المؤسسة التي تدافع عنها.
وذكرت المؤسسة عبر منصة إكس أن محمدي التي مُنحت سراحا موقتا من السجن في كانون الأول/ديسمبر 2024، اعتُقلت مع ثمانية نشطاء آخرين خلال إحياء ذكرى مرور أسبوع المحامي خسرو علي كردي الذي عُثر عليه ميتا في مكتبه الأسبوع الماضي.
من بين الموقوفين في الحفل الذي أقيم في مدينة مشهد (شرق)، الناشطة البارزة سيبيده قليان التي سبق أن سُجنت مع محمدي في سجن إوين في طهران.
وقالت مؤسسة نرجس محمدي “كان هؤلاء حاضرين فقط لإظهار احترامهم والتعبير عن تضامنهم في حفل تأبين”، مضيفة أن الاعتقالات “تشكل انتهاكا صارخا وخطيرا للحريات الأساسية وحقوق الإنسان الأساسية”.
وصرّح شقيقها حميد محمدي الذي يقيم في أوسلو لوكالة فرانس برس بأنها “تعرضت للضرب على ساقيها وجرّت من شعرها”.
ودافع خسرو علي كردي (45 عاما) عن موكلين في قضايا حساسة، من بينهم أشخاص اعتُقلوا خلال حملة قمع الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد عام 2022.
وعُثر عليه ميتا في الخامس من كانون الأول/ديسمبر، ودعت منظمات حقوقية إلى إجراء تحقيق في وفاته. وقالت “منظمة حقوق الإنسان في إيران” غير الحكومية، ومقرها النروج، إن وفاته “تثير شبهات خطيرة جدا بأنها جريمة قتل تورطت فيها الدولة”.
ونشرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، ومقرها الولايات المتحدة، مقطع فيديو لمحمدي التي لم تكن ترتدي الحجاب الإلزامي في الأماكن العامة في الجمهورية الإسلامية، وهي تحضر مراسم إحياء الذكرى مع حشد من مؤيدي علي كردي.
وقالت الوكالة إن الحشد هتف بشعارات من بينها “تحيا إيران” و”نقاتل، نموت، لا نقبل الإهانة” و”الموت للديكتاتور” خلال مراسم الذكرى.
وأظهرت لقطات أخرى بثتها قنوات تلفزيونية ناطقة بالفارسية من خارج إيران، محمدي وهي تصعد فوق سيارة تحمل ميكروفونا وتدعو الناس الى ترداد شعارات.
وندّدت لجنة جائزة نوبل النروجية الجمعة بالتوقيف “العنيف” في إيران لنرجس محمدي، وطلبت الإفراج غير المشروط عنها.
وقالت اللجنة في بيان “انطلاقا من التعاون الوثيق بين النظامين في إيران وفنزويلا، لاحظت لجنة نوبل النروجية أن السيدة محمدي أوقفت بالضبط في وقت سلمت جائزة نوبل للسلام للتو لزعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو”.
جاء الاعتقال بعد يومين من حفل تسليم الجائزة التي منحت لماتشادو، وهي من أشد منتقدي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يعد حليفا لطهران.
في المقابل، نقلت وكالة أنباء مهر الإيرانية عن محافظ مشهد حسن حسيني قوله إن الأشخاص المعنيين أوقفوا بعد “تردادهم شعارات تعتبر مخالفة للأعراف العامة”، من دون أن يذكر أسماءهم.
– سنوات خلف القضبان –
أمضت محمدي، البالغة 53 عاما، والتي اعتُقلت آخر مرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، معظم العقد الماضي خلف القضبان.
وتسلم نجلاها التوأمان جائزة نوبل في أوسلو نيابة عنها عام 2023 وقد مضى حتى الآن 11 عاما بدون أن تراهما. وقالت محمدي الشهر الماضي في رسالة بمناسبة عيد ميلاد توأميها التاسع عشر، إنها مُنعت نهائيا من مغادرة إيران.
لكنها ظلت صامدة خارج السجن، رافضة ارتداء الحجاب، وتخاطب حضورا أجنبيا عبر مؤتمرات الفيديو، وتلتقي ناشطين في مختلف أنحاء إيران.
أُفرج عن نرجس محمدي موقتا في كانون الأول/ديسمبر 2024 لأسباب صحية بعد معاناتها خصوصا من مشاكل في الرئتين. لكن أنصارها حذروا من إمكانية إعادة اعتقالها في أي وقت.
وأكد شقيقها حميد لفرانس برس أنها “عانت مشاكل كثيرة في السجن، في رئتيها وقلبها، وخضعت أيضا لعمليات عدة”.
وتابع “لست قلقا لأنها أوقفت، فقد اعتقلت مرارا. لكن ما يقلقني أكثر أنهم يمارسون ضغوطا على وضعها الجسدي والنفسي”.
فازت نرجس محمدي بجائزة نوبل للسلام لعام 2023 تقديرا لنضالها المستمر منذ عقدين من أجل حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية، ودعمت بقوة احتجاجات 2022-2023 التي اندلعت إثر وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني أثناء احتجازها.
شهدت إيران حركة احتجاج استمرت لأشهر دعت إلى حرية اللباس للمرأة، فضلا عن مطالب سياسية أوسع. ولم تتراجع هذه الحركة إلا بعد حملة قمع شديدة دانتها الأوساط الدولية.
وتوقعت محمدي مرارا سقوط الجمهورية الإسلامية القائمة منذ الثورة على نظام الشاه عام 1979.
وقالت في رسالة عيد ميلاد توأميها “بينما تقوم السلطات الإيرانية بختم كلمة +دائم+ على وثائقنا، فإنها تعيش كل يوم في خوف من السقوط المحتوم على يد الشعب الإيراني”.
سجو/غد-ب ق-ح س/ب ق