The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الإمارات تراهن على الذكاء الاصطناعي لتعزيزاقتصادها وتنويعه

afp_tickers

في عمق صحراء أبوظبي، بدأت تتشكّل ملامح مجمّع ضخم للذكاء الاصطناعي، يمتد على مساحة تعادل ربع مساحة باريس، في ما يُعتبر أجرأ رهانات الإمارات على التكنولوجيا أملا في أن تُسهم في تنويع اقتصادها.

تقف الرافعات الضخمة أمام مبانٍ منخفضة قيد البناء ستتحول قريبا إلى مراكز بيانات تعمل بطاقة خمسة جيغاواط، في أكبر منشأة من نوعها خارج الولايات المتحدة.

وسيوفّر المجمّع المكتمل سعة تخزين وقدرة حاسوبية كافيتين لإمداد أربعة مليارات شخص على نطاق 3200 كيلومتر، بحسب يوهان نيلرود، المدير التنفيذي للاستراتيجية في شركة مراكز البيانات “خزنة” التابعة لمجموعة “جي42”.

منذ ستينيات القرن الماضي، دفع النفط بالإمارات من مجتمعات صحراوية تعيش فيها قبائل بدوية إلى قوة اقتصادية ودبلوماسية بارزة في الشرق الأوسط.

واليوم، يأمل البلد الخليجي الغني أن يساعد الذكاء الاصطناعي في سدّ الفجوة التي سيخلفها تراجع الطلب العالمي على النفط حتما في المستقبل.

ويضيف نيلرود، في حديثه لوكالة فرانس برس، أن الإمارات “دولة صغيرة تسعى جاهدة إلى أن تكون في الطليعة”.

ويشير إلى أن الهدف هو استقطاب شركاء دوليين، وتحويل الإمارات إلى دولة تعتمد في بنيتها على الذكاء الاصطناعي.

تتولى شركة “أوبن ايه آي” تشغيل المرحلة الأولى من مشروع “ستارغيت الإمارات” الذي تنفّذه مجموعة “جي42″، وهو مجمّع حوسبة للذكاء الاصطناعي بسعة واحد جيغاواط، تدعمه شركات تكنولوجيا أميركية عملاقة مثل أوراكل وسيسكو وإنفيديا.

وأعلنت مايكروسوفت في تشرين الثاني/نوفمبر عن استثمارات تتجاوز 15,2 مليار دولار في الإمارات بحلول نهاية 2029، ويشمل المبلغ استثمارا بقيمة 1,5 مليار دولار في مجموعة الذكاء الاصطناعي “جي42”.

– “أثر مضاعف” –

تكثّف الإمارات رهانها على الذكاء الاصطناعي منذ العام 2017، حين عيّنت أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم، وأصبحت ثاني دولة بعد كندا تُطلق استراتيجية وطنية خاصة بهذا القطاع.

وبعد عام من ذلك، تأسست مجموعة “جي42” بدعم من شركة الاستثمار السيادي في أبوظبي “مبادلة”، وتقدّم الشركة، التي يرأس مجلس إدارتها شقيق الرئيس الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، حزمة من منتجات الذكاء الاصطناعي، وتوظف أكثر من 23 ألف شخص.

وتقول الإمارات إنها ضخّت أكثر من 147 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي منذ 2024، شملت استثمارات ضخمة في مراكز بيانات في الولايات المتحدة وفرنسا.

ويرى الباحث جان فرانسوا غانييه من جامعة مونتريال أن “الذكاء الاصطناعي، مثل النفط، عابر للقطاعات، ويمكن أن يُحدث أثرا مضاعفا ويؤثر في أنشطة مختلفة”.

في العام 2019، افتتحت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، في سابقة عالمية.

وفي آب/أغسطس، أصبح الذكاء الاصطناعي مادة أساسية في المدارس الحكومية الإماراتية ابتداء مرحلة رياض الأطفال.

وطوّرت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ومعهد أبوظبي للابتكار التكنولوجي نماذج للذكاء الاصطناعي، ومن بينها نماذج فالكون اللغوية التي تضم نموذجا بالعربية يقدّم أداء متقدّما، بحسب المعهد.

وضخّت الإمارات استثمارات كبيرة في البحث والتطوير في محاولة لتقليل الاعتماد على المعدّات والخبرات المستوردة.

وافتتح معهد الابتكار التكنولوجي مختبرا بحثيا بالتعاون مع “إنفيديا” بهدف “دفع حدود” نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية وتطوير أنظمة الروبوتات، وفق الرئيسة التنفيذية للمعهد نجوى الأعرج.

ويقول رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي إريك شينغ، لفرانس برس، إن “السيادة والاكتفاء الذاتي والقدرة على تكييف التكنولوجيا محليا لتلبية الاحتياجات الوطنية، عناصر بالغة الأهمية”.

ويضيف شينغ أن “تحقيق ذلك صعب إذا اعتمدت (الدولة) حصرا على الاستيراد ونقل التقنيات من الخارج”.

– المال والطاقة –

تُعدّ الإمارات واحدة من الدول الساعية للحاق بالولايات المتحدة والصين اللتين تتقدمان السباق العالمي نحو هيمنة الذكاء الاصطناعي. غير أنّ هذا البلد الصحراوي الصغير يمتلك أوراق قوة واضحة، على رأسها المال والطاقة.

وبفضل النفط والغاز، إضافة إلى الطاقة الشمسية المتاحة على مدار السنة، تستطيع الإمارات إنشاء محطات كهرباء بسرعة لتغذية مراكز البيانات، وهو أمر يمكن أن يُشكّل تحدّيا في دول أخرى.

وتتيح موارد البلد المالية الضخمة مرونة كبيرة في ضخّ مليارات الدولارات في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنشاء البنى التحتية اللازمة له.

وتتمتع الإمارات بـ”سبق” على جارتها ومنافستها السعودية في جذب الكفاءات، وفق غريغوري سي. ألين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، بصفتها مركزا تجاريا للمنطقة يُشكّل فيه الوافدون نحو 90 بالمئة من السكان.

واليوم، تخوض الإمارات عملية موازنة دقيقة بين الولايات المتحدة والصين في سعيها للحصول على واردات أساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي، لاسيما الرقائق المتقدمة التي تشغّل مراكز البيانات.

في تشرين الثاني/نوفمبر، وافقت الولايات المتحدة على تصدير رقائق متقدمة من تصنيع شركة “إنفيديا” تُعد أصولا استراتيجية حساسة، إلى الإمارات والسعودية بعد ضغوط مكثفة.

ويشرح غانييه أنه “من الواضح أن الإمارات لا تريد الاعتماد على الصين، لكنها في الوقت نفسه لا ترغب في الارتهان للولايات المتحدة أيضا”.

لكن رغم الاستثمارات الضخمة والعمل المكثف، فإن النجاح في هذا القطاع المعقد والمتغير باستمرار ليس مضمونا.

ويقول غانييه “في الوقت الحالي، لا نعرف بعد ما هي الاستراتيجية المثلى ولا ما هي الجهات الفاعلة الجيدة”.

ويضيف أن “الجميع يراهن على جهات مختلفة، لكن بعضهم سيفشل وبعضهم سينجح”.

ساع/آية/ته/م ل/ص ك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية