مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانتظار الطويل للمستبعدين من اللجوء الاوروبي على الحدود اليونانية المقدونية

مهاجرون في قرية ايدوميني اليونانية عند الحدود مع مقدونيا 1 مارس 2016 afp_tickers

يفترق السوري احمد مجيد عن المصري محمد، قرب لوحة باهتة كتب عليها “اهلا وسهلا في اليونان” على بعد كيلومترين من مقدونيا. وفيما ينضم السوري الى الاف آخرين في مخيم اندوميني قبل اجتياز الحدود، سينتظر المصري حلول الليل ليحاول العبور عبر التلال.

ولكن كلا الشابين وهما في الثلاثين من العمر، ينتظرهما مصير لا يحسدان عليه اذ سيضطر احمد للنوم في العراء اياما وربما اسابيع، في المخيم المكتظ الذي تنقصه التجهيزات الصحية الى ان ينجلي مصير 10 الاف لاجىء عالقين من جراء السماح بمرور اعداد محددة من اللاجئين يوميا.

اما محمد الذي اختار التخفي، فعليه ان يمشي ساعات في الغابات او في الجبال، مع او بدون مهرب لتوجيهه عبر دول البلقان حتى المانيا التي يقيم فيها “شقيقته وشقيقه” كما يقول.

وعلى غرار هذا المصري المولود في القاهرة، يأمل مئات من المهاجرين “غير الشرعيين” في المنطقة الحدودية حول ايدوميني، بعيدا من الممر “الرسمي” الى مقدونيا، في ان يتمكنوا من سلوك طريقهم بعيدا عن اعين اجهزة الشرطة المقدونية والصربية التي تتربصهم.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، قررت السلطات المقدونية السماح للسوريين والعراقيين والافغان، بعبور مركز ايدوميني الحدودي، مستبعدة كل الجنسيات الاخرى، الباكستانية والايرانية والمصرية والليبية والمغربية والجزائرية والتونسية والسودانية…

ومنذ عشرة ايام، استبعد الافغانيون بدورهم من الطريق الشرعية، لكن كثيرين ما زالوا يصلون يوميا من اثينا ومن المخيمات اليونانية التي كانوا يقيمون فيها.

وبعدما استقل حافلة مشتركة من مدينة سالونيكي الكبيرة التي تبعد 86 كلم، يتبادل احمد السوري وصديقه محمد المصري كلمات الوداع في مرأب فندق قريب من الطريق العام.

– الفشل والبدء من جديد –

يشبه فندق هارا خلية نحل في احدى افقر المناطق الريفية في اليونان بعد ان اصبح بسبب ازمة اللاجئين، ردهة انتظار على الحدود التي يتطلع الجميع للوصول اليها.

واقيمت في مرأبه بضع خيم، وعلى امتداد مساحته يلعب اطفال كرة القدم، وفي الحقول المجاورة ينام رجال، وفي مقهى الفندق تسمع اصداء المحادثات الهاتفية وصخب الاصوات.

وينظر مصطفى الى الفراغ. انه يعاني “من صداع” ناجم عن قلة النوم كما يعتقد، بسبب المطر الذي ايقظه في الليل بينما كان ينام في العراء.

وبعد ثلاثة اسابيع قرب الحدود، يشعر هذا المصري الذي يبلغ السادسة والعشرين من العمر، انه يواجه مأزقا: فلم يعد لديه المال الكافي لدفع اجرة مهرب، وهو يخشى سلوك الطريق وحده، لانه يقول انه يعرف “شخصين حكم عليهما بالسجن ستة اشهر في صربيا” بعد توقيفهما.

ويقول هذا الشاب المثقف انه لا يفهم كيف تعتبر الحكومات الاوروبية مصر “بلدا آمنا في حين انها تشهد عمليات اغتيال كل يوم”. ويؤكد ان احد اخوته قد قتل برصاص “قناص” في الشارع.

وينتظر الكردي الايراني امير بحراني تسلم ايعاز من وكالة ويسترن يونيون المحلية لدفع 1500 يورو طلبها المهربون “على ان يتم دفع نصف المبلغ في البداية، والنصف الثاني لدى الوصول الى المانيا”.

وينتظر الباكستاني حميد راجبوت النحيل استعادة قواه ليقوم بمحاولة جديدة لعبور الحدود. وقد اخفقت محاولته الحادية عشرة خلال ثلاثة اشهر عندما سمع نباح كلاب الشرطة المقدونية. لذلك فضل العودة.

ويكشف احد رفاقه عن اصبعه المصاب بعدما اطلق رجال الشرطة النار كما يؤكد، لدى التفافه على الشريط الشائك المزدوج الذي يفوق طوله العشرين كلم بين اليونان ومقدونيا. اما الجزائري ياسين الذي قام بثلاث محاولات فيكشف عن كاحله المتورم.

ونادرا ما تتوافر لهؤلاء المهاجرين فرصة التسلية خلال النهار، وتعمد مجموعة من المتطوعين يوميا الى توزيع الطعام على عشرات منهم وسط مجموعة من الاشجار على مقربة من الطريق العام. وينصرفون الى التدقيق في خريطة للمنطقة بحثا عن مسالك جديدة. ويستخدمون خرائب البيوت المهجورة ملاجىء خلال الليل قبل الانطلاق من جديد.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية