
الحزب الحاكم في مولدافيا: نتائج الانتخابات “تفويض” للمضي في المسار الأوروبي

أشاد الحزب الحاكم في مولدافيا المؤيد للاتحاد الأوروبي بالفوز الذي حققه في الانتخابات التشريعية التي خيّمت عليها اتهامات بالتدخل الروسي، متحدّثا عن “معركة صعبة بشكل استثنائي” لنيل أغلبية برلمانية ضئيلة.
ولطالما ساد الانقسام الدولة الصغيرة المرشّحة لعضوية الاتحاد الأوروبي والمحاذية لأوكرانيا والتي تضم منطقة انفصالية مؤيدة لروسيا، بشأن ما إذا كان عليها التقارب مع بروكسل أو المحافظة على علاقاتها التاريخية مع موسكو.
واعتُبرت الانتخابات التي جرت الأحد في غاية الأهمية بالنسبة إلى الدولة السوفياتية السابقة للمحافظة على زخم مساعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والتي بدأت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022.
وقالت رئيسة البلد مايا ساندو من الحزب الحاكم للإعلام الإثنين إن “تصويت الأمس تفويض قويّ لعملية انضمام مولدافيا إلى الاتحاد الأوروبي”.
وأعلن زعيم “حزب العمل والتضامن” (باس) إيغور غروسو في مؤتمر صحافي أن “روسيا ألقت بكل قذاراتها في المعركة (الانتخابية)… لم يكن باس وحده الذي فاز في الاقتراع، بل الشعب هو الذي فاز”.
لكنّ محللين نبّهوا إلى أن انتصار الحزب الحاكم يعد “هشا” وأن روسيا ما زالت قادرة على إحداث اضطرابات.
وأظهر فرز أكثر من 99,96 في المئة من الأصوات أن “حزب العمل والتضامن” (باس) للرئيسة مايا ساندو حصل على 50,17 في المئة من الأصوات لانتخاب أعضاء في البرلمان المكوّن من 101 مقعد.
وفي المقابل، حصد “التكتل الوطني” المؤيد لروسيا 24,18 في المئة من الأصوات، بحسب النتائج التي نشرها موقع مفوضية الانتخابات.
وجاءت مستويات التأييد لـ”باس” أقل من نسبة 52,8 في المئة التي فاز فيها عام 2021. ومن المرجّح أن تنخفض مقاعد الحزب في البرلمان من 63 إلى 55.
وبلغت نسبة المشاركة 52 في المئة، وهي نسبة مشابهة لتلك المسجلة في انتخابات العام 2021 التشريعية.
– “المسار الصحيح” –
وكان للمولدافيين مشاعر متباينة إزاء نتائج الاقتراع، مع ثناء البعض على خطوة إضافية باتجاه الاتحاد الأوروبي وتشكيك البعض الآخر في مزاعم التدخل الروسي.
وقالت نادير غرينكو (25 عاما) لفرانس برس في كيشيناو “جميل أن نستيقظ في مولدافيا التي اختارت المسار الصحيح: السلام والتنمية والاستقرار”.
وأضافت “أشعر بثقة أكبر… لن يكون علي الانتقال إلى الخارج كما كنت أخطط”.
لكن ليوبا بريبيشوفسكي (75 عاما) اعتبرت النتيجة “سلبية”، معربة عن خيبة أملها حيال الاتحاد الأوروبي. وأضافت “أثبتوا هذا التدخل!”، في إشارة إلى مزاعم التدخل الروسي.
ودعا الرئيس السابق وأحد قادة “التكتل الوطني” إيغور دودون إلى “تظاهرات سلمية” الاثنين، متّهما “باس” بسرقة الأصوات.
واحتشد الإثنين حوالى مئتي شخص أمام مقرّ البرلمان لفترة وجيزة، منادين بـ”الحرية لمولدافيا”.
– “مستقبل أوروبي” –
وأشاد قادة أوروبيون بينهم رئيس أوكرانيا المجاورة فولوديمير زيلينسكي بالنتيجة باعتبارها بمثابة انتصار للقارة.
وقال زيلينسكي إن “روسيا فشلت في زعزعة استقرار مولدافيا بعدما خصصت موارد ضخمة جدا لتقويضها وإفساد أي شخص يمكن إفساده”.
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا إن مولدافيا اختارت “مستقبلا أوروبيا”، بينما أشاد بها رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك لإحباطها طموحات روسيا وهنّأت فرنسا المولدافيين على خيارهم “السيادي”.
وجاء في بيان مشترك صادر عن فرنسا وألمانيا وبولندا أن “الناخبين المولدافيين أظهروا مجددا أنهم لن يسمحوا بأن يسلب منهم مستقبل السلم والحرية… بالرغم من تدخلات روسية لا سابق لنطاقها”.
– “أموال قذرة” –
وعبّر الناخبون في البلد الذي يضم 2,4 مليون نسمة ويعد من بين الأفقر في أوروبا عن امتعاضهم حيال الصعوبات الاقتصادية وشككوا في مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وتضمّ مولدافيا منطقة ترانسنستريا الانفصالية الموالية لروسيا والتي قالت سلطاتها إنها تعرضت لمساعي لتقييد التصويت فيها.
وخيّمت على الاقتراع مخاوف من شراء الأصوات والاضطرابات و”حملة تضليل غير مسبوقة” من روسيا، بحسب الاتحاد الأوروبي. لكن موسكو نفت الاتهامات.
واتّهمت الحكومة الكرملين بإنفاق مئات الملايين كـ”أموال قذرة” للتدخل في الحملة.
وقبيل الانتخابات، نفّذت النيابة العامة مئات عمليات التفتيش المرتبطة بما قالت الحكومة إنه “فساد انتخابي” و”محاولات لزعزعة الاستقرار” فيما تم توقيف عشرات الأشخاص.
وقال المحلّل أندري كورارارو من مركز “ووتدشدوغ.مد” للأبحاث في كيشيناو لفرانس برس “إحصائيا، ضمن باس أغلبية هشّة”. لكنه حذّر من أن “الخطر” لم ينته بعد، إذ “يصعب تشكيل حكومة فاعلة”.
وأضاف أن “الكرملين موّل عملية أكبر بكثير من أن يتراجع عنها وقد يلجأ إلى الاحتجاجات وعرض رشاوى على نواب باس وغيرها من التكتيكات لتعطيل تشكيل حكومة مستقرة مؤيدة للاتحاد الأوروبي”.
بور-اني-جزا/لين-م ن/ب ق