The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

كيف سيؤثر التغير الديموغرافي في سوق العقارات في سويسرا؟

العقار
هل ستستمر أسعار العقارات في الارتفاع، أو سينقلب السوق في نهاية المطاف، لاسيما في المناطق الطرفية، كما هي الحال في منطقة النبيذ في زيورخ؟ Keystone / Alessandro Della Bella

عندما يبدأ جيل "طفرة المواليد"(جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية 1946-1964) ببيع منازله، سيشهد سوق العقارات في سويسرا تحوّلًا جذريًا. هذا ما يؤكّده خبير ديموغرافي في بازل. ويلقى هذا الرأي توافقًا أيضًا في الولايات المتحدة، حيث يتمّ التكهن بعواقب "تسونامي فضي". فهل يمكن للأجيال الشابة أن تأمل في انهيار أسعار العقارات؟    

بينما تواصل دوامة الأسعار في سوق العقارات في سويسرا دورانها بثباتٍ، سجّلت في البلدان المجاورة، مثل ألمانيا، فرنسا، والنمسا انخفاضًا في الآونة الأخيرة.  

ويفسّر هذه الظاهرة النمو الديموغرافي المستمر في البلد. وقد نشر المكتب الفدرالي للإحصاء مؤخرًا توقعاته الجديدة،  حيث سيرتفع عدد سكان سويسرا من 9 مليون نسمة إلى 10.5 ملايين، خلال السنوات الثلاثين المقبلة.

ويبدو أنّ من يستثمر أمواله لشراء عقار في سويسرا، لا يمكن أن يخطئ.    

سيناريوهات
Kai. Swissinfo

هندريك بودليغر، مؤسّس مركز الاختصاصات الديموغرافية، هو من الخبراء المشكّكين في هذا السيناريو. وقد أصبح، من خلال شركته الاستشارية، خبيرًا في إشكالية تأثير تزايد معدّل الشيخوخة ونزوح القوى العاملة، على سوق العقارات في سويسرا. 

ويشير بودليغر إلى أنّ ” الأسعار التي نراها اليوم غير حقيقية، إذ تعتمد على فكرة ارتفاع الأسعار بشكل مستمر دون توقف”. وبالتالي، يتوقّع تصحيحها.  

عدد كبير من المتقاعدين مقابل قلّة من الأطفال

تعتمد توقّعات بودليغر على فرضيّتين؛ أولًا، تُعتبر التوقّعات الديموغرافية للكنفدرالية مضخّمة، وتُعرف بالسيناريو المرجعي. ووفقًا لهندريك، سيناريو “الحدّ الأدنى” أو ” السيناريو المنخفض”، أقرب إلى الواقعية؛ إذ يسجّل عدد السكان في سويسرا انخفاضًا بحلول عام 2043.  

ولدعم موقفه، يستند هذا الخبير على التطورات داخل دول الاتحاد الأوروبي. وتواجه بلدان مثل ألمانيا أو إيطاليا نقصًا في القوى العاملة المؤهلة، وانخفاض عدد السكان النشطين اقتصاديًا. ويقول:” تحاول إيطاليا والبرتغال المحافظة على السكان، أو إعادة المهاجرين منهم من خلال حوافز ضريبية ووسائل أخرى”. ويُتوقّع أن يتزايد هذا الاتجاه في المستقبل.

وتراعي التوقعات الديموغرافية للأمم المتحدة هذه المنافسة بين البلدان. ويوضح بودليغر أنّ ” الأمم المتحدة تخلق نموذج توازن. والقيمة الوسطية في سويسرا تقترب جدًا من سيناريو الحدّ الأدنى للمكتب الفدرالي للإحصاء”.         

وثانيًا، يتوقّع أن يساهم تحوّل الهرم السكاني في زيادة عدد البائعين.ات (وهم من المتقاعدين.ات)، أمام قلّة من المشترين.ات. وفي السيناريو المرجعي، سيرتفع عدد السكان الذين تزيد أعمارهم.هن عن 65 سنة، من 20 إلى 25 في المئة، بحلول عام 2055.  

الهرم العمري
Kai. Swissinfo

ويشير بودليغر إلى أنّ ” السكان الذين تخطّت أعمارهم.هن 60 عامًا يبيعون العقارات السكنية. لذلك، سيرتفع عدد البائعين.ات. ويُعتبر جيل كبار السن الفئة الأكثر تملّكًا للمساكن”.

في المقابل، تُكوّن الأجيال الشابة أسرًا صغيرة. ففي عام 2024، انخفض معدّل المواليد في سويسرا إلى مستوى قياسي جديد بلغ 1،28. ويستخلص بودليغر أنّه:” في نهاية المطاف، سيتوفر عدد كبير من المنازل المستقلة، في وقت لن يطلبها إلاّعدد قليل جدًا من العائلات”.       

ووفقًا لهندريك، بدأت تظهر مؤشرات أولية على تحوّل السوق اليوم. ويتوقّع تسارع وتيرة التطور الديموغرافي بدءًا من العام 2030، مضيفًا أنّ عددًا كبيرًا من مالكي المنازل ومالكاتها مثقلون بالديون، إلى حدّ أنّ الرواتب لا تكفي تجديد القرض العقاري.

ويؤكّد بودليغر أنّه ” إذا حدث تحوّل جذري في السوق ، وسيحصل في المستقبل، وقد يكون سريعًا، حينها سنجد أنفسنا أمام وضع يكون فيه البيع اليوم أفضل من البيع غدًا”.   

التسونامي لا يؤثر في الجميع

لكن ستتباين التداعيات بشكل كبير بين منطقة وأخرى. ويقرّ بودليغر بأنّ المراكز الحضرية الكبرى ستتأخر في تعديل مسارها.  

وتنتشر فكرة مقاومة المراكز الحضريّة للأزمات، بين الخبراء على نطاق واسع. وتؤكّد ذلك الأرقام الصادرة مؤخرًا عن دراسة على موقع “زيلو” Zillow الإلكتروني المتخصص في سوق العقارات في الولايات المتّحدة.  

ففي الولايات المتحدة الأميركية، يُشار إلى انهيار سوق العقارات بسبب الديموغرافيا بمصطلح ” التسونامي الفضي”. وقد خلصت الدراسة إلى أنّ هذه الظاهرة لن تحلّ مشكلة ارتفاع أسعار المساكن، والسبب وقوع عدد كبير من المنازل المعروضة للبيع في مناطق غير مطلوبة.  

وتؤكّد هذه الفرضية سارة ديكرسون، من جامعة نورث كارولينا، وهي تجري دراسات حول الجوانب الاجتماعية لسوق العقارات، فتقول:” يعيش عدد كبير من السكان من جيل “طفرة المواليد” في الضواحي وفي مناطق ريفية، ما يعني أنّ هذه المساكن المتحرّرة قد لا تلائم احتياجات القوى العاملة النشطة اقتصاديًا، التي تفضل العيش في مناطق قريبة من المدينة”.          

ووفقًا لبنك “يو بي اس” UBS، فإنّ المناطق السويسرية، التي سيتعين عليها مواجهة الهجرة إلى جانب الشيخوخة، “تواجه أيضًا سيناريو محتملا يتمثّل في ارتفاع معدّلات الشغور، وهبوط أسعار المساكن المملوكة”. وهذا ما نلاحظه في المناطق الجبلية في كانتون غراوبندن، وبرن، وتيتشينو.  

من جانب آخر، يعتبر كلاوديو سابوتيللي، رئيس قسم تحليل العقارات في العملاق المصرفي السويسري UBS، أنّ الأمر يتعلّق بتطوّر محصور ببعض المناطق. وهو لا يتوقع وصول “تسونامي فضي” إلى الهضبة السويسرية.

ويطمئن إلى أنّ ” المتقاعدين لا يفارقون الحياة بين ليلة وضحاها”. وسيتعيّن استبدال هذه الفئة السكانية في سوق العمل. وبالتالي ” سيعوّض بشكل كبير تأثير طفرة المواليد”. ويقرّ سابوتيللي بأنّ المنزل المستقل / الفردي ربّما لم يعد نوع البناء الأكثر طلبًا. ومن جانب آخر، كلّما قلّ عدد هذه المنازل، كلّما ارتفع ثمنها”.

ويوضح سابوتيللي أنّ العوامل الظرفية هي التي تحدّد تطوّر الأسعار، وقد تؤدي إلى تصحيحها. ويُعتبر من وجهة نظره ركودًا مستمرًا، لاسيما وأنّه مرتبط بمعدّلات فوائد مرتفعة.          

حدّ أقصى لتراجع الأسعار

بدورها، لا ترى أورسينا كوبلي، الخبيرة في مجال الأبحاث العقارية في بنك كانتون زيورخ، أي مؤشرات دالة على “تسونامي فضي”. وتقول:” إذا زادت نسبة الأشخاص المتقاعدين بشكل كبير، فسيتطلّب ذلك تدفقًا للقوى العاملة”.     

وتكمن المشكلة الحالية في نقص البناء لمواكبة وتيرة النزوح، لاسيما في المناطق الحضرية المركزية. وتقول:”لا نرى كمّاً هائلًا من الممتلكات العائلية القديمة”.

ووفقًا لكوبلي، نحن لا نواجه فائضًا في عدد المنازل الفردية المعروضة في المستقبل. وتضيف:”نحتاج بشكل كبير إلى الكثافة العمرانية، وأن يتمّ استبدال المنازل المستقلة بمبانٍ سكنية جماعية”. ومن الممكن أن نشهد تراجعًا طفيفًا في تطوّر الأسعار.

ويقدّر روبيرت وينرت، كبير المحلّلين في شركة الاستشارات “فويست وشركاه” (Wuest Partner)، أنّ إقدام جيل “طفرة المواليد” على بيع المنازل قد يؤثر على تطوّر الأسعار خلال السنوات المقبلة. ويضيف: “لا أرى في الأفق مؤشّرات على انخفاض الأسعار، لأنّه من المتوقّع أن يظلّ المسكن في سويسرا موردًا محدودًا لسنوات عديدة”.  

ارتفاع حجم القروض العقارية

ووفقًا للمكتب الفدرالي للإحصاء، سيستمرّ ارتفاع عدد السكان في سويسرا بحلول عام 2043، حتى في سيناريو الحدّ الأدنى، قبل أن يبدأ بالانخفاض بشكل بطيء. وسيتواصل ارتفاع الطلب على المساكن فيها حتى عام 2043 (أي على مدى عقدين من الزمن).  

ويؤكّد بودليغر أنّ على من يرغب في شراء مسكن في سويسرا، التنبه لهذه الفترة بالتحديد. فالإنسان بحاجة إلى منزل لمدّة 20 عامًا تقريبًا. وإذا شهدت أسعار العقارات انهيارًا حادًا في وقت لاحق، ستواجه أجيال الشباب اليوم، التي تعتبر القرض العقاري بقيمة مليون فرنك أو أكثر هو القاعدة، ظروفًا مالية صعبة. وهي ليست الوحيدة.   

وأصبح حجم القروض العقارية في سويسرا، البالغة قيمتها حوالى 1،3 تريليون فرنك سويسري، أقلّ بمقدار الثلث من حجم القروض في ألمانيا اليوم، البالغة مساحتها تسعة أضعاف مساحة سويسرا. ويعتبر بدليغر أنّ هذا الأمر يشكّل خطرًا كبيرًا من الناحية الديموغرافية. ولكن، يشكّل تحذيره أيضًا نداء منفردًا في سويسرا، بلد الذهب الخرساني.   

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: مارك لويتينيغّر

ما هي تجربتك مع أزمة السكن وارتفاع أسعار العقارات؟

تواجه سويسرا أزمة سكن آخذة في التفاقم. برأيك، ما السبل الممكنة لتفادي هذه الأزمة؟

53 إعجاب
57 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: بالتس ريغيدينغر

ترجمة: ناتالي سعادة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية