
السلطات السورية تشكّل أول برلمان بعد الإطاحة بالأسد وسط انتقادات

انتهت الأحد عملية اختيار أول برلمان في سوريا بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، وسط انتقادات طالت الآلية التي تمنح الرئيس الانتقالي أحمد الشرع صلاحية تعيين ثلث أعضائه، واستبعاد تمثيل ثلاث محافظات لأسباب “أمنية”.
وأعلن المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة أن “عمليات الاقتراع انتهت في كل المحافظات السورية، وعمليات فرز الأصوات ما زالت مستمرة”.
ويتوقع إعلان نتائج أولية في وقت لاحق الأحد، والقائمة النهائية الاثنين.
واتخذ الشرع عقب إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، شملت حلّ مجلس الشعب، ثم توقيع إعلان دستوري حدّد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ونصّ على آلية اختيار مجلس يمارس صلاحياته إلى حين وضع دستور دائم للبلاد وإجراء انتخابات على أساسه.
وسيُشكّل البرلمان، وولايته ثلاثون شهرا قابلة للتجديد، بناء على آلية حدّدها الإعلان الدستوري، وليس بانتخابات مباشرة من الشعب. وبموجب الآلية، تنتخب هيئات مناطقية شكّلتها لجنة عليا عيّن الشرع أعضاءها، ثلثي أعضاء المجلس البالغ عددهم 210، على أن يعيّن الرئيس الثلث الباقي.
وتنافس 1578 مرشحا، 14 في المئة منهم من النساء، للفوز بمقاعد المجلس، وفق اللجنة العليا للانتخابات.
– “ليست بانتخابات” –
ووجّه سوريون انتقادات صريحة لعملية تشكيل البرلمان الجديد. كما نددت منظمات المجتمع المدني بتولي الشرع لجميع السلطات مع غياب تمثيل الطوائف العرقية والدينية في البلاد.
وقال الشرع في كلمة في المكتبة الوطنية أمام أعضاء اللجنة الانتخابية في دمشق الأحد “صحيح أن العملية الانتخابية غير مكتملة (…) لكنها عملية متوسطة تتناسب مع الحال والظرف السوري الذي نمر فيه حاليا، وتتناسب أيضا مع المرحلة الانتقالية”.
وسبق للشرع أن اعتبر الانتخابات “خطوة موقتة إلى أن تتوافر البيئة الأمنية والسياسية لإجراء انتخابات مباشرة يشارك فيها كل السوريين”،وهو غير متاح بسبب “ضياع الوثائق”، ووجود العديد منهم في الخارج بلا وثائق.
وانتقد حقوقيون صلاحيات الشرع في تشكيل مجلس الشعب الذي سيضطلع بمهمات واسعة تشمل اقتراح القوانين وتعديلها، والمصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة.
ورأت 14 منظمة سورية في بيان مشترك الشهر الماضي أن الآلية تمكّن الرئيس من “تشكيل أغلبية برلمانية من أشخاص يختارهم بنفسه أو يضمن ولاءهم، ما قد يحوّل المجلس إلى هيئة ذات لون سياسي واحد ويقوّض مبدأ التعددية”، معتبرة أن ذلك يجعل “الانتخابات شكلية”.
وقال بسام الأحمد المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، ومقرها باريس، “يمكن أن نسمي هذه العملية أي شيء إلا انتخابات، هي تعيين”.
وتوقّع تشكيل برلمان “الغالبية الساحقة فيه من لون سياسي واحد”.
– “انقسام وتفتيت” –
أقرّت المرشحة المهندسة ميساء حلواني (48 عاما) بوجود ثغرات وانتقادات، معتبرة أن “الحكومة جديدة على السلطة، ونحن أيضا جدد على الحرية”.
وقالت هالة القدسي، المرشحة وعضو اللجنة الانتخابية في دمشق “أمام مجلس الشعب القادم مسؤوليات كبيرة تتمثل في التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات الدولية هذا الأمر سيقود سوريا لمرحلة جديدة وهو مسؤولية كبيرة”.
وقال المصرفي بسام دغمش وهو مرشح أيضا “أعتقد أنني أستطيع فعل شيء ما في هذه المرحلة (..) هناك من ينتقد أن العملية جرت بسرعة، لكن الناس أيضا تنتظر نتائج على الأرض بسرعة”.
وشارك في عملية الاختيار نحو ستة آلاف شخص موزعين على الهيئات الانتخابية.
وأثارت آلية تشكيل المجلس انتقادات، خصوصا في شمال شرق البلاد حيث مناطق نفوذ الإدارة الذاتية الكردية المتباينة مع سلطات دمشق إزاء تقاسم الصلاحيات ودمج المؤسسات. كذلك الحال في محافظة السويداء (جنوب)، معقل الأقلية الدرزية، والتي شهدت أعمال عنف في تموز/ يوليو أودت بأكثر من 1600 قتيل، القسم الأكبر منهم دروز، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت اللجنة العليا في آب/أغسطس تأجيل اختيار أعضاء المجلس في محافظات السويداء والرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) بسبب “التحديات الأمنية”.
لكنها شكلت في أيلول/سبتمبر، لجان انتخاب فرعية في بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطات في الرقة والحسكة.
ويشترط نظام الانتخاب الموقت ألا يكون المرشح “من مؤيدي النظام السابق أو داعيا للتقسيم أو الانفصال”.
وتحمل السلطة الانتقالية على الإدارة الكردية مطالبتها بلامركزية موسعة، وعلى مطالبة مرجع درزي في السويداء بتدخل اسرائيل لحماية الطائفة، بعدما أحدثت أعمال العنف شرخا كبيرا مع دمشق.
وقال بدران جيا كرد، المسؤول في الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، على إكس مساء الأحد، “إن العملية الانتخابية بصيغتها الحالية لا تعبّر إلا عن محاولة لشرعنة سلطة مؤقتة لا تمثل جميع أطياف الشعب السوري، وهو ما من شأنه أن يدفع البلاد نحو مزيد من الانقسام والتفتيت”.
بور-مون/لار-ريم/كام