
السودان يشهد أسوأ تفش للكوليرا منذ سنوات ووفاة 40 شخصا على الأقل في أسبوع

لقي 40 شخصا على الأقل حتفهم في إقليم دارفور غربي السودان، في ظل أسوأ تفشّ للكوليرا منذ سنوات في البلاد التي تشهد حربا مستمرة منذ أكثر من عامين، حسبما أعلنت منظمة أطباء بلا حدود الخميس.
وقالت المنظمة في بيان “بالإضافة إلى حرب شاملة، يعاني سكان السودان الآن أسوأ تفشٍّ للكوليرا تشهده البلاد منذ سنوات”.
وأضافت “في منطقة دارفور وحدها، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2300 مريض، وسجّلت 40 وفاة خلال الأسبوع الماضي”.
والكوليرا هي عدوى حادة تسبّب الإسهال وتنجم عن استهلاك الأطعمة أو المياه الملوّثة، بحسب منظمة الصحة العالمية التي تعتبرها “مؤشرا لعدم الإنصاف وانعدام التنمية الاجتماعية والاقتصادية”.
وتقول المنظمة إن المرض “يمكن أن يكون مميتا في غضون ساعات إن لم يُعالج”، لكن يمكن معالجته “بالحقن الوريدي ومحلول تعويض السوائل بالفم والمضادات الحيوية”.
ومنذ تموز/يوليو 2024، سجّلت حوالى 100 ألف إصابة بالكوليرا في كل أنحاء السودان، وفقا لأطباء بلا حدود، مع انتشار المرض “في كل ولايات السودان”.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، سجّلت أكثر من 2408 وفيات في 17 من 18 ولاية منذ آب/أغسطس 2024.
وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو اربعة آلاف وفاة جراء الكوليرا في أنحاء العالم منذ مطلع 2025، أكثر من 95% منها في إفريقيا.
وحذّرت اليونيسف من أنّ أكثر من 640 ألف طفل دون الخامسة معرّضون لخطر الإصابة بالمرض في ولاية شمال دارفور وحدها، حيث تدور معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الفاشر.
ودعا الاتحاد الأوروبي “كل الأطراف” في السودان إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية الدولية “بشكل عاجل”.
وشددت بروكسل في بيان وقعته أيضا اليابان وكندا والمملكة المتحدة على أهمية “حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية”.
– طويلة بؤرة الوباء –
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب العام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”. وأسفر هذا الصراع عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين.
تسببت الحرب وفق الأمم المتحدة في “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وأدت إلى انقسام البلاد بحكم الأمر الواقع بين المتحاربين، إذ يسيطر الجيش على الوسط والشرق والشمال، في حين تسيطر قوات الدعم السريع على كل دارفور تقريبا وأجزاء من الجنوب.
وتشهد مدينة طويلة في شمال دارفور وضعا أكثر خطورة، ففي الأشهر الأخيرة، وهربا من المعارك الدامية واستهداف مخيماتهم في الفاشر في شمال دارفور، نزح نحو نصف مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة، إلى المدينة التي باتت شوارعها تضيق بلاجئين يفترشون الطرق وبخيام بلا أسقف بنيت من القش، تحيط بها مستنقعات تجذب أعدادا هائلة من الذباب.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود الخميس “في طويلة، يعيش السكان على ما معدّله ثلاثة ليترات فقط من المياه يوميا، وهو أقل من نصف الحد الأدنى المخصّص للطوارئ البالغ 7,5 ليترات للشخص الواحد يوميا، وذلك للشرب والطهو والنظافة، وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية”.
وقالت منى إبراهيم النازحة من الفاشر إلى طويلة في إقليم دارفور في غرب السودان لوكالة فرانس برس، وهي جالسة على الأرض “ليس لدينا مياه أو خدمات، ولا حتى دورات مياه. الأطفال يقضون حاجتهم في العراء”.
وتصاعدت حدة القتال في دارفور منذ استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم في آذار/مارس، بينما تحاول قوات الدعم السريع التي تحاصر الفاشر السيطرة على المدينة التي تعدّ العاصمة الإقليمية الوحيدة في المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش.
من جهته، قال أحد المنسّقين في أطباء بلا حدود سيلفان بنيكو لفرانس برس “في مخيمات اللاجئين والنازحين، لا تجد الأُسر في كثير من الأحيان خيارا سوى شرب المياه الملوثة، ويصاب العديد من الأشخاص بالكوليرا”.
وأضاف “قبل أسبوعين، عُثر على جثة في بئر في أحد المخيّمات. تمّ رفعها ولكن بعد يومين، أُجبر الناس على شرب تلك المياه مجددا”.
في مركز علاج الكوليرا التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في طويلة، يرقد المرضى على أسرّة بدائية. ومن بينهم أطفال تبدو عليهم علامات الحمى، يرقدون في أحضان أمهاتهم، يتلقون المحاليل الوريدية. ووفق الأمم المتحدة، سُجلت إصابة 300 بالكوليرا في طويلة منذ نيسان/أبريل.
في الخارج، ينتظر الأقارب جالسين على الأرض تحت أشعة الشمس الحارقة.
وقالت حلوم أحمد، وهي نازحة من طويلة، وقد أصابها الإسهال الشديد، “حيث نعيش، يكثر الذباب”.
وقالت تونا تركمان رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في السودان، إنّ “الوضع تجاوز مرحلة الطوارئ. ينتشر الوباء إلى ما هو أبعد من مخيمات النازحين”.
وفي البلد الذي مزقته الحرب، أصبح إيصال المساعدات الإنسانية شبه مستحيل.
وقد يؤدي موسم الأمطار الذي يبلغ ذروته في آب/أغسطس، إلى تفاقم الأزمة الصحية.
وفي الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق في جنوب شرق السودان، أفادت منظمة أطباء بلا حدود عن مزيج قاتل من الكوليرا وسوء التغذية. وأشارت إلى أنّه “بين الثالث والتاسع من آب/أغسطس، لقي ستة مرضى بالكوليرا حتفهم، بينما كانوا يعانون أيضا سوء التغذية الحاد”.
وفي مدينة الفاشر، توفي 63 شخصا على الأقل بسبب سوء التغذية خلال أسبوع، حسبما أفاد مسؤول في وزارة الصحة وكالة فرانس برس الأحد.
ويعاني حوالى 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد في السودان، حيث انتشرت المجاعة في مناطق عدة وأودت بعشرات الآلاف.
ندا/ناش-ح س/ب ق