
العقيد راندريانيرينا يؤدي اليمين رئيسا لمدغشقر

أدى العقيد ميكايل راندريانيرينا اليمين الدستورية الجمعة رئيسا لمدغشقر، بعد أيام من سيطرة وحدته العسكرية على السلطة إثر دفعها الزعيم السابق أندري راجولينا إلى الفرار في ما تخشى جهات دولية أن يكون انقلابا جديدا في الجزيرة.
وأدى راندريانيرينا البالغ 51 عاما، قائد وحدة “كابسات” العسكرية التي تمردت في نهاية الأسبوع وانضمت إلى التظاهرات المناهضة للحكومة، القسم خلال مراسم جرت في مقر المحكمة الدستورية العليا في العاصمة أنتاناناريفو، على ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وقال راندريانيرينا “اليوم يُمثل منعطفا تاريخيا في تاريخ بلدنا”، مضيفا “سنعمل جنبا إلى جنب مع كل القوى الوطنية الفاعلة لصياغة دستور جميل للجمهورية، وللتشاور بشأن نصوص انتخابية جديدة تتعلق بتنظيم الانتخابات والاستفتاءات”.
وشكر شباب حركة “الجيل زد” على قيادتهم الاحتجاجات التي أطاحت بأندري راجولينا من السلطة، مؤكدا أن الجيش تدخل بناءً على طلب المحكمة العليا “لتجنب الفوضى والاضطراب”.
وحضر الحفل ضباط عسكريون وسياسيون وممثلون عن حركة “الجيل زد” الاحتجاجية، بالإضافة إلى وفود أجنبية بينها بعثات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وفرنسا، المستعمر السابق لمدغشقر.
وفي ظل الانتقادات الموجهة إليه من جهات دولية عدة بينها الأمم المتحدة، يحرص راندريانيرينا على إضفاء الشرعية إلى سيطرته على السلطة، رافضا توصيف الإطاحة بالرئيس أندري راجولينا الذي غادر البلاد بعد ثلاثة أسابيع من التظاهرات، على أنها انقلاب.
ووعد بإجراء انتخابات خلال فترة تراوح بين 18 و24 شهرا، مؤكدا أنه يستعد لإطلاق “عملية تشاورية لاختيار رئيس وزراء في أسرع وقت ممكن”. وأشار الخميس إلى أن البلاد لن تُحكم من نظام عسكري وأن “الحكومة تعود إلى المدنيين”.
في مراسم الجمعة، ارتدى راندريانيرينا زيّه الرسمي وخاطب الوفود الأجنبية باللغة الفرنسية، داعيا إياها إلى “دعم مدغشقر في عملية قيادة وتنفيذ إعادة الإعمار الوطني”.
وقال “نحن ملتزمون بالقطيعة مع الماضي. مهمتنا الرئيسية تتمثل في إجراء إصلاح شامل لأنظمة الحكم الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد”.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الخميس من نيجيريا إن “العملية الانتقالية بدأت” داعيا إلى “ضم المدنيين بصورة كاملة إلى العملية الجارية” على أن يكون “الهدف … العودة إلى الشرعية”.
ويعتزم الاتحاد الإفريقي ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (سادك) إرسال بعثات لتقصي الحقائق إلى الجزيرة، ودعوا إلى احترام الديموقراطية الدستورية.
وانتقل العسكري البالغ 51 عاما خلال سنتين من اعتقاله للاشتباه بتخطيطه لانقلاب عسكري، إلى تنصيب على رأس السلطة بدون المرور عبر صناديق الاقتراع.
وتعقد جلسة القسم في المحكمة الدستورية العليا التي دعته الثلاثاء إلى “ممارسة مهام رئيس الدولة”، بعد ساعات قليلة على تصويت الجمعية الوطنية على عزل راجولينا.
ويقود راندريانيرينا وحدة عسكرية لعبت دورا محوريا في الانقلاب الذي أوصل راجولينا إلى السلطة للمرة الأولى عام 2009.
وشهدت أنتاناناريفو، عاصمة الجزيرة السياحية إنما الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي، تظاهرات انطلقت في 25 أيلول/سبتمبر مطالبة بوضع حد لانقطاع المياه والكهرباء، وصولا إلى المطالبة بتنحي راجولينا.
– رئيس سابق هارب –
ندد أنصار أندري راجولينا بدعم المحكمة الدستورية العليا لقائد وحدة “كابسات”، متحدثين عن شوائب إجرائية في هذا المجال.
ويؤكد هؤلاء أن راجولينا الذي لم يكشف مكان وجوده، لا يزال رئيسا لمدغشقر ويحاول إيجاد حلول لمشكلات الجزيرة الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي، بينها خصوصا مشكلات انقطاع المياه والكهرباء التي شكلت شرارة اندلاع الاحتجاجات الشبابية في 25 أيلول/سبتمبر.
واتُهمت القوات الحكومية باستخدام العنف لقمع المشاركين في التظاهرات التي سقط فيها ما لا يقل عن 22 قتيلا وحوالى مئة جريح بحسب الأمم المتحدة، إلى أن أعلنت وحدة “كابسات” في 11 تشرين الأول/أكتوبر امتناعها عن إطلاق النار على هؤلاء.
وشكّلت هذه الاضطرابات حدثا مفصليا في البلاد، وقد حظي أداء “كابسات” بإشادة في صفوف المتظاهرين الذين باتوا يأملون أن يلعب ممثلون عنهم دورا في الإدارة الجديدة.
مدغشقر هي آخر مستعمرة فرنسية سابقة تنتقل إلى سيطرة العسكريين منذ 2020، بعد انقلابات في مالي وبوركينا فاسو والنيجر وغينيا.
وهذا ثالث انتقال للحكم العسكري في مدغشقر منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1960، بعد انقلابين في العامين 1972 و2009.
وتُعد مدغشقر التي شهدت عبر تاريخها انتفاضات شعبية جاءت بحكومات عسكرية، من أفقر دول العالم. ويعيش ما لا يقل عن 80% من سكانها البالغ عددهم 32 مليون نسمة، بأقل من 2,80 يورو يوميا، وهو خط الفقر الذي حدده البنك الدولي.
أندري راجولينا هو ثالث زعيم مخلوع في مدغشقر يفرّ من البلاد. قبله، فر ديدييه راتسيراكا إلى فرنسا عام 2002 بعد أعمال عنف أعقبت الانتخابات، فيما انتقل مارك رافالومانانا جوا إلى جنوب إفريقيا عام 2009.
بور-كلف-جكب/دص-جك/ب ق