الفيلم المغربي “زنقة مالقة”.. الحب نهر لا ينضب حتى في خريف العمر
القاهرة (رويترز) -من بين أفلام قليلة تناولت حياة المسنين ومشاعرهم واحتياجاتهم يجسد فيلم )زنقة مالقة( للمخرجة المغربية مريم توزاني في عذوبة آسرة حياة مسنة إسبانية تعيش في المغرب وتأبى أن تغادر ذكرياتها ومدينة مولدها لا سيما وأن من يحاول اقتلاعها هو أقرب الناس لها.
الفيلم من بطولة الإسبانيتان كارمن مورا ومارتا إيتورا والمغربي أحمد بولان ومن تأليف مريم توزاني بالتعاون مع زوجها ورفيق مشوارها الفني المخرج نبيل عيوش.
يسرد الفيلم قصة ماريا أنخيلس المولودة في مدينة طنجة وسط الجالية الإسبانية التي استقرت بشمال المغرب في ثلاثينيات القرن الماضي لا سيما إبان الحرب الأهلية في إسبانيا وتزوجت وأنجبت هناك ابنتها الوحيدة كارلا.
وبعد وفاة زوجها وانتقال ابنتها الوحيدة للعيش في إسبانيا بقيت ماريا وحيدة في شقتها لكنها عاشت سعيدة في زنقة مالقة وهو الشارع الذي اشتق منه اسم الفيلم محاطة بمحبة جيرانها ومستأنسة بذكريات عمرها وقبر زوجها الذي تزوره من آن لآخر.
لكن زيارة مفاجئة من ابنتها قلبت كل شيء رأسا على عقب بعد أن كشفت لها كارلا التي تعمل في وظيفة ممرضة أنها تعاني من ضائقة مالية بعد طلاقها من زوجها وإعالتها لطفلين وتريد تملك بيت جديد لعدم قدرتها على تحمل عبء الإيجار ولا سبيل لتوفير المال سوى بيع شقة طنجة التي كتبها الأب باسمها قبل وفاته.
تذهل المفاجأة الأم التي لم تتوقع هذا الجحود من ابنتها الوحيدة التي عرضت عليها الانتقال معها إلى إسبانيا والعيش معها هي وطفليها، لكن بعد تجاوز الصدمة ترضخ ماريا لطلب ابنتها مع التمسك بالبقاء في طنجة في أي وضع فلا تجد الابنة حلا سوى إيداع أمها في دار مسنين.
تغادر كارلا المغرب إلى إسبانيا بعد أن أخلت الشقة في انتظار اتصال من سمسار العقارات عند العثور على صفقة مجزية للبيع وفي المقابل لا تتمكن ماريا من التأقلم على العيش حبيسة دار المسنين فتعود خلسة للشقة وتنفق كل ما تركته لها ابنتها من مال في استعادة أثاث الشقة قطعة قطعة من تاجر أثاث مستعمل اشتراه بثمن متواضع.
وبعد أن نفدت نقود ماريا تكافح لجني بعض المال وهي التي لم تعمل طوال حياتها سوى لفترة وجيزة في بيع التذاكر بمسرح سرفانتس الشهير في طنجة، وتمتد لها يد العون من جيرانها وأبناء زنقة مالقة كما تكسب تعاطف تاجر الأثاث الذي يماثلها في السن تقريبا.
وبمرور الوقت تنشأ علاقة عاطفية بين ماريا وتاجر الأثاث عبد السلام الذي تستعيد معه مشاعر الأنوثة وتدرك أن الحياة هبة لا تمنح سوى مرة واحدة وتستحق أن تعاش حتى ولو بقي منها القليل.
وينطلق الثنائي ماريا وعبد السلام في رحلة إلى مدينة أصيلة لاستعادة جهاز الجرامافون الذي كان آخر قطعة أثاث مفقودة وشكل بموسيقاه الكلاسيكية إيقاعا للحياة في الفيلم، غابت معه ابتسامة ماريا وقت أن بيع وعادت لها مرة أخرى بتصاعد صوته من جديد داخل الشقة.
لكن بعد حين ينكشف السر وتعرف الابنة أن أمها عادت للشقة ولا تنوي مغادرتها حتى لو انتهى الأمر إلى طردها بالقوة وهو ما يضع الأم والابنة في مواجهة إنسانية مؤلمة.
وبعد عرض الفيلم أمس الأحد ضمن المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي قالت المخرجة مريم توزاني في ندوة صحفية إنها استوحت الفكرة من جدتها الإسبانية التي عاشت معها سنوات قليلة في طفولتها.
وأضافت أنها بدأت في كتابة الفيلم بعد وفاة والدتها ومن وحي الألم الذي اجتاحها عند جمع متعلقاتها الشخصية من مدينة طنجة مما أيقظ داخلها الكثير من ذكريات الطفولة، مشيرة إلى أنه عند العودة لطنجة لتصوير الفيلم أنتابتها مشاعر مختلطة من الحنين والفقد لذلك كرست فيلمها للتعبير عن حب الحياة.
(تحرير سها جادو للنشرة العربية)