مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المنتدى الإنساني العالمي:”بداية إيجابية” في انتظار الخطوات العملية

كوفي انان، رئيس المنتدى الإنساني العالمي وإلى جانبه السويسري فالتر فوست، مدير المنتدى يوم 25 يونيو 2008 أثناء الندوة الصحفية الختامية لأول مؤتمر للمنتدى في جنيف Keystone

عقد المنتدى الإنساني العالمي أول اجتماع له في جنيف بحضور أكثر من 200 شخصية من مختلف القطاعات لمناقشة أخطار التغيرا ت المناخية وتأثيراتها على الإنسان في البلدان الفقيرة.

وإذا كان تنظيم منتدى إضافي حتى ولو كان بقيادة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان ، يثير تشكيكا في نجاعة التصدي لمشاكل العالم، فإن من إنجازاته الأولية التطرق للموضوع من منظور ” العدالة المناخية”، وتحديد مسئولية أن على “الملوث أن يدفع الثمن” وليست البلدان الفقيرة.

بعد تحضير دام زهاء السنتين، عقد المنتدى الإنساني العالمي أول مؤتمر له في جنيف يومي 24 و 25 يونيو 2008 بحضور اكثر من 200 شخصية تمثل مختلف القطاعات وتشمل ممثلين أممين سابقين وممثلين عن القطاع الخاص وسفراء دول ومسؤولين حكوميين سابقين وحاليين.

وقد خصص المنتدى أول مؤتمر له لمعالجة موضوع التغيرات المناخية ليس من منظور بيئي أو تكنولوجي صرف بل من منظور “العدالة المناخية”، كما أوضح الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان اثناء افتتاح أشغال المؤتمر.

“العدالة المناخية”

المنتدى الإنساني العالمي – الذي يريد تقليد شقيقه الأكبر “المنتدى الاقتصادي العالمي” الذي يلتئم في موفى يناير من كل عام في منتجع دافوس شرق سويسرا – ركز كما قال رئيسه كوفي انان على “جمع مختلف الشركاء الذين لا يوجد عادة تنسيق بينهم لتبادل الآراء حول كيفية معالجة موضوع التغيرات المناخية”.

ولكن الإطار الذي تم اختياره من خلال تحديد شعار “العدالة المناخية” والتشديد على “ضرورة تحميل الملوث مسؤولية دفع الثمن”، قد يساعد هذا المنتدى الناشئ على إضفاء لمسة جديدة تعوض الخلل الناجم عن تفادي باقي المحافل الأممية للقضايا المزعجة والإشكالية أثناء سعيها الحثيث لتحقيق الإجماع. لذلك لم يكن مستغربا أن يقول كوفي انان في هذا السياق: “إن الدول الفقيرة هي التي تعاني أكثر من تأثيرات التغيرات المناخية”، وأن يُشدد أكثر من مرة على ضرورة تطبيق مبدأ “الملوث هو الذي يدفع الثمن”.

وانتهى أنان، في سياق رده على بعض الانتقادات الموجهة للمنتدى، التي وصفته بأنه “عبارة عن حلقة نقاش إضافية بدون نتائج عملية كبرى”، إلى القول: “إن هذا الاجتماع ليس اجتماعا كباقي الاجتماعات لأنه يطالب بتطبيق مبدأ أن الملوث هو الذي يجب ان يدفع الثمن، ويجعل من العدالة المناخية أولى أولوياته”، ومع ذلك يرى الامين العام السابق للأمم المتحدة أن “هذا المجهود يجب أن لا يتم على حساب مساعدات التنمية أو مجهودات القضاء على الفقر”.

أفكار واقتراحات

جلسات النقاش الإثنى عشر التي امتدت طوال يومي انعقاد المؤتمر في جنيف سمحت لهذه الشخصيات المختلفة ومن بينها رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيللنبيرغر، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس، والمفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان ماري روبنسون، ورئيس مجموعة فيرجين Virgin ريتشارد برونسون، بتبادل وجهات النظر حول الحلول التي يمكن اقتراحها للتخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية على البلدان الفقيرة.

وأوضح كوفي أنان بأن هذه المناقشات “سمحت أولا بتوضيح ضرورة التنسيق بين مختلف الشركاء من ممثلي حكومات وممثلي القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام للتوصل الى تصور موحد وقوي لكيفية معالجة مشاكل التغيرات المناخية”.

كما شدد على أن هذا المؤتمر الأول سمح “بإعطاء انطلاقة جيدة” حيث سمح بعرض بعض الحلول المساعدة على تفادي تأثيرات التغيرات المناخية كوضع التكنولوجيا المحافظة على البيئة في متناول الدول الفقيرة، مع التركيز على قطاعات حيوية مثل الماء والطاقة والزراعة.

ومن الأمثلة التي تم استعراضها لتوضيح التعاون بين مختلف القطاعات في مجال مواجهة تحديات التغيرات المناخية في البلدان الفقيرة ذكر كوفي أنان “المعلومات الخاصة بتقلبات حالة الطقس من احتمال حدوث موجات جفاف او فيضانات أو غيرها، والمتوفرة لدى الحكومات والتي لا تصل الى المواطن في الوقت المناسب”، وأضاف أنه “لو تم إشراك القطاع الخاص ومالكي التكنولوجيا مثل محرك “غوغل” لأصبح من الممكن إشعار المزارع الهندي أو المقيم في أية منطقة من مناطق العالم بالمعلومات الضرورية في الوقت المناسب من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية”.

ولكن المشكلة في التمويل!

رغم كل ما سبق، يعترف كوفي انان نفسه أن كل هذه الحلول المقترحة “تحتاج الى تمويل كبير”، حيث تشير التقديرات إلى أن العالم في حاجة اليوم لأكثر من 200 مليار دولار لإبقاء الوضع على ما هو عليه الآن من حيت تأثيرات التغيرات المناخية.

في السياق نفسه، جرى تبادل بعض الآراء بخصوص كيفية التغلب على مشاكل التمويل. وأشار كوفي أنان في لقائه مع الصحافة الى أن المنتدى تطرق إلى “فكرة فرض رسوم على المحروقات من أجل تمويل تأثيرات التغيرات المناخية”، لكنه اعترف بأن الموضوع لا زال يحتاج إلى “تقريب لوجهات النظر”.

ويرى أنان أن النقاش الدائر في المنتدى الإنساني الدولي بين مختلف الشركاء “قد يمهد الطريق أمام اتفاق حول المعايير المناخية الجديدة التي يجب اعتمادها في مؤتمر كوبنهاغن الذي سينعقد في شهر ديسمبر 2009 لكي تحل محل اتفاق كيوتو”، ولهذا شدد على ضرورة التزام الدول بتعهداتها وبالأخص المتقدمة منها.

هذه الدعوة إلى ضرورة التحرك الفعلي من خلال توفير الأموال لتطبيق البرامج الهادفة الى إنقاذ مناطق من العالم من كوارث بيئية وشيكة أبرزها عدد من الشباب الذين قدموا من مناطق مختلفة من الكرة الأرضية. إذ تعاقب على المنصة أثناء جلسة الإفتتاح خمسة من الشبان والشابات لتقديم شهادة عن معاناة شعوبهم بسبب التغيرات المناخية في كل من جزر مارشال التي تعاني من ارتفاع مستوى البحر، والمناطق القطبية في كندا من جراء ذوبان الجليد، وطوغو والهند بسبب الجفاف والبرازيل بسبب القضاء على الغابات. واختتم كل واحد منهم مداخلته بالتوجه إلى الحضور وحثه على عدم عدم البقاء متفرجا على ما يحدث لأبناء شعبه.

سويس إنفو سألت كوفي أنان، رئيس المنتدى الإنساني العالمي: هل سمحت المناقشات التي دارت خلال اليومين الماضيين بتقديم رد مقبول على نداءات الإستغاثة التي أطلقها هؤلاء الشباب؟ فرد بالقول: “بصراحة لا … ولكن نأمل أن يتم ذلك من هنا حتى مؤتمر كوبنهاغن”.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

سويسرا التي كانت وراء فكرة تأسيس منتدى إنساني عالمي لتداول القضايا الإنسانية بمشاركة شخصيات مستقلة كان أو لا زال لها دور في المجتمع الدولي خصصت للحدث 1،3 مليون فرنك سويسري ووفرت له مبنى محترما غير بعيد من قصر الأمم ومقرات المنظمات الدولية الرئيسية في جنيف.

ومن المقرر أن تساهم الكنفدرالية في الميزانية العادية السنوية للمنتدى بحوالي نصف مليون فرنك أي ما يناهز 10% من مجموع الميزانية.

وقد طلبت سويسرا من الأمين العام السابق كوفي أنان تولي رئاسة هذا المنتدى في حين تقلد فالتر فوست، مدير وكالة التنمية والتعاون السويسرية السابق منصب المدير.

لكن فالتر فوست أعرب في أحاديث صحفية نشرت مؤخرا عن “عدم رضاه بخصوص المساهمة المالية السويسرية”، كما أشار عضو آخر في مجلس إدارة المنتدى وهو البنكي إيفون بيكتيه إلى أنه “كان هناك سوء تفاهم مع وزيرة الخارجية ميشلين كالمي ري بخصوص التمويل”، وهو ما رد عليه الناطق باسم الخارجية بالتذكير بالمساهمة المالية المشار إليها أعلاه.

في المقابل، ألمح مدير المنتدى فالتر فوست إلى أنه “توصل بعروض من مدن أخرى لإيواء المنتدى”، وهو ما دفع بعض المعلقين في الصحف السويسرية الى التساؤل عن جدوى التخلي في منتصف الطريق عن مولود أريد به تعزيز مكانة جنيف الدولية كمحفل إنساني عالمي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية