
بعد أن فقدت توأمها في الحرب.. أم من غزة تكافح لعلاج ابنتها المريضة

من داود أبو الكاس
غزة (رويترز) – فقدت نانسي أبو مطرود ثلاثة من أطفالها بالفعل خلال الحرب في قطاع غزة.
والآن، تكافح هذه الأم الفلسطينية، البالغة من العمر 22 عاما، لإنقاذ ابنتها عطرة، وهي مريضة بالسرطان تبلغ من العمر عامين، حرمت مؤخرا من الرعاية الطبية الضرورية بعد إغلاق مستشفى الأطفال الذي كان تعالج فيه الشهر الماضي خلال أحدث هجوم إسرائيلي على مدينة غزة.
وقالت نانسي “بس احنا طالبين مأوى.. مش حابة أخسر البنت اللي ضايلة معاي”.
وتضافرت عوامل المرض والنزوح ونقص الرعاية الطبية وسوء التغذية لتثقل كاهل معظم العائلات في غزة خلال الحرب المستمرة منذ عامين تقريبا، لكن وطأتها أشد على الأطفال والنساء الحوامل مثل نانسي.
وكانت نانسي حاملا في شهرها السادس بتوأم عندما هربت من القصف الإسرائيلي على مدينة غزة الشهر الماضي، ووصلت إلى وسط قطاع غزة بعد ثلاثة أيام من المشي، على حد قولها، برفقة زوجها وعطرة.
بعد أن وصلت العائلة إلى منطقة النويري، بدأت تشعر بآلام الولادة ووضعت التوأم قبل أوانهما.
توفي أحدهما في مستشفى العودة في النصيرات القريبة. ونقل المولود الثاني إلى قسم الأطفال حديثي الولادة في مستشفى شهداء الأقصى. وقال خليل الدقران المتحدث باسم المستشفى إنه بعد يومين، لحق هذا الطفل أيضا بتوأمه.
* معدات المستشفيات غير كافية
يعد الأطفال الخدج أكثر عرضة لويلات الحرب في غزة، إذ أشار المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الأراضي الفلسطينية جوناثان كريكس إلى أنه مثلا لا توجد حاضنات وأجهزة تنفس صناعي كافية لإنقاذ حياتهم.
وقال لرويترز “هناك زيادة في عدد الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم… الحاضنات التي توفر بيئة آمنة للأطفال… وأجهزة التنفس الصناعي التي تساعد على نمو رئتيهم، كل هذه المعدات غير متوفرة بكميات كافية اليوم في قطاع غزة”.
ويفترش فرج الغلاييني (53 عاما) والد الأطفال التراب على جانب أحد الشوارع، يسخن علبة حمص لطفلتهما عطرة على نار أشعلها بأغصان الأشجار.
وقال “ربنا رزقني ببنت عمرها سنتين وكنت استنى التوأم”.
والآن لا يعرف الوالدان كيف سيكون مصير ابنتهما ذات الشعر المجعد، الجالسة على بطانية على جانب الطريق مرتدية قميصا مخططا متسخا وتلعب بدمية من القماش.
وقال الغلاييني “احنا إش ذنبنا بهاي الأشياء.. إش ذنب الأطفال.. مرتي ولدت أول امبارح مات طفل عشان بس العيشة اللي احنا عايشينها في الشارع.. ولا حد مداوي علينا ولا حد من الشعوب ولا حد منا وفينا … كله يلا نفسي”.
وفي ظل نفاد الموارد واستمرار القصف الإسرائيلي، اضطرت مستشفيات غزة إلى الإغلاق. وأوضح كريكس أن 14 مستشفى فقط من أصل 35 مستشفى في القطاع تعمل، وبشكل جزئي فقط.
وأكد الجيش الإسرائيلي لرويترز أنه يواصل اتخاذ خطوات لضمان تقديم الرعاية الطبية واستمرار عمل المؤسسات الطبية في قطاع غزة، بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية.
* نزوح ومجاعة
نزح معظم سكان القطاع، البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة، بين الشمال والجنوب عدة مرات خلال الحرب. وتتعرض النساء اللواتي ينتقلن من مكان إلى آخر دون رعاية مناسبة لخطر الولادة المبكرة، ويفاقم سوء التغذية الوضع.
وأعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، حالة المجاعة في مدينة غزة، أكبر مركز حضري في القطاع، في أغسطس آب، قبل أن تشن إسرائيل هجوما بريا على المدينة، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
وقال كريكس “عالجت اليونيسف في شهر أغسطس آب 13 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، وهو عدد كبير جدا، بينهم أطفال رضع وخدج”.
وقالت نانسي إنها فقدت ابنا كان يبلغ من العمر أربع سنوات من زواج سابق في بداية الحرب. وكان فقدان التوأم مأساة أخرى لا تحتمل.
(شارك في التغطية محمود عيسى – إعداد شيرين عبد العزيز للنشرة العربية – تحرير سها جادو)