مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بنـــاء أوروبــا المستــقبــل

أشاد قادة الاتحاد الأوروبي بما قام به الرئيس الفرنسي السابق جيسكار ديستان لوضع دستور للاتحاد Keystone

تعهّـد الاتحاد الأوروبي بقبول دول البلقان ضمن الاتحاد بعد أن تتخلّـص من النزاعات العرقية وتبني دولة القانون.

جاء ذلك بعد مصادقة رؤساء دول وحكومات الاتحاد في قمة اليونان على دستور جديد وعلى جملة من الإجراءات تتعلق بالهجرة والأمن

تصدرت مشاكل الهجرة السرية واللاجئين اهتمامات القمة الأوروبية التي احتضنها منتجع بورتو كاراس قرب مدينة تهيسالونيك اليونانية.

وبفعل معارضة شديدة ومبدئية من جانب ألمانيا والسويد، اضطرت بريطانيا لسحب مقترحات عرضتها قبل افتتاح القمة من أجل إقامة معسكرات لاحتضان اللاجئين والمهاجرين في مناطق النزاع، أي قبل أن يقتربوا من سواحل الاتحاد.

وانتقدت المنظمات الإنسانية الأفكار البريطانية، لأنها بدت محاولة لإدارة أزمة ومحاصرة تيارات الفارين ويلات الحروب والبؤس في مناطق التوتر.

واتجهت النقاشات نحو تعزيز خيارات التعاون مع كل من المغرب وأكرانيا وروسيا من أجل صدّ تيارات الهجرة الوافدة عبرها من إفريقيا. وأوصت القمة المفوضية بإعداد تقرير حول إمكانيات إقامة “مناطق حماية” للاجئين والسكان الذين يفرون مناطق النزاع.

كما ستخصص المفوضية مبلغ 140 مليون أورو لتعزيز برامج حماية الحدود الخارجية للاتحاد. وستعمل البلدان الأعضاء على تطوير أساليب مكافحة تزوير الوثائق الرسمية والتأشيرات.

كما وافقت القمة على خطة مالية بقيمة 250 مليون أورو لتمويل برامج التعاون، مثل تدريب رجال أمن الحدود، في كل من المغرب وروسيا وأكرانيا.

وصادقت القمة الأوروبية في اليونان على استراتيجية جديدة للأمن الأوروبي تؤكد على أوليات النظام الدولي المتعدد الأطراف، ولكن من دون استبعاد خيارات استخدام القوة لتأكيد مصداقية هذا النظام الذي يعرضه الأوروبيون بديلا للسياسة الأمريكية أحادية الجانب.

واعتبر منسق السياسة الخارجية خافيير سولانا في الوثيقة التي قدمها إلى الزعماء الأوروبيين، أن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان في دول الجنوب، تمثل مصدرا للمخاطر الأمنية مثل تيارات الهجرة السرية واللاجئين. إلا أن أوروبا قد تكون هدفا لمخاطر استراتيجية جديدة تتمثل في الإرهاب الدولي وأسلحة الدمار الشامل.

العصا لمن عصى!

ولا يستبعد أن يدعم الاتحاد الأوروبي خيارات استخدام القوة ضد البلد الذي لا يتقيد بالتزامات حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وهو في ذلك يقترب من نظرية الحرب الاستباقية، التي وضعها خبراء البنتاغون من حول وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

ومع استكماله مسار التوسيع وضم بلدان وسط وشرق أوروبا، التفت الاتحاد الأوروبي نحو منطقة البلقان التي دعا زعماءها إلى اللقاء في اليونان، ناشدهم تعزيز دولة القانون وبناء المؤسسات والتخلص من شبكات المافيا والفساد المتفشي مقابل الانضمام لعضوية الاتحاد. وينطبق المنظور الأوروبي إلى حد ما على الوضع في العراق.

وجددت القمة الأوروبية دعمها دور الأمم المتحدة “في مسار تشكيل حكومة تمثل العراقيين في أقرب وقت ممكن”. وعلى صعيد النزاعات الإقليمية الساخنة، أغلق الاتحاد الأوروبي هوامش المناورة أمام إيران، وطالبها في مشروع البيان النهائي التوقيع على البرتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، والتعاون مع وكالة الطاقة الذرية في نطاق الشفافية المطلقة.

وفيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، تذكر القمة بأن البلدان الأعضاء تبحث منذ مدة إمكانية إدراج حركة المقاومة الإسلامية حماس في قائمة المنظمات الإرهابية، في حال رفضت عروض الحوار.

ويلح الاتحاد، الذي يشارك في اجتماعات اللجنة الرباعية في عمان، على ضرورة أن تقبل منظمات المقاومة الفلسطينية وقف إطلاق النار. ويدعو الاتحاد البلدان العربية إلى وقف دعمها لحركة المقاومة الإسلامية. حماس

وفي اتجاه إسرائيل، يطالب الاتحاد الأوروبي وقف عمليات الاغتيالات والعقوبات الجماعية التي أضرت بالشعب الفلسطيني وتهدد مصداقية رئيس الوزراء محمود عباس.

وعلى صعيد مستقبل الاتحاد، تبنّـت القمة نتائج مؤتمر الإصلاحات المؤسساتية والدستورية التي عرضها الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان. وستكون وثيقة النتائج قاعدة للتفاوض بين البلدان الأعضاء حول مشروع الدستور الجديد.

وتقتضي المقترحات على وجه الخصوص تعيين رئيس للاتحاد ككل، وكذلك وزير للخارجية ومراجعة قواعد التصويت في الاتحاد لاعتماد الأغلبية العددية. ولا تعزز المقترحات سلطة المفوضية، مما يثير شكوكا أنصار الوحدة الأوروبية.

نورالدين الفريضي ـ بورتو كاراس ـ اليونان

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية