مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقرّه جنيف…من هي الأمريكية كيت فوربس رئيسة اتّحاد الصليب الأحمر والهلال الأحمر؟

كيت فوربس تلقي كلمة
عملت كيت فوربس ضمن الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر لمدة 43 عاما قبل تولّيها رئاسته في ديسمبر الماضي. © The American National Red Cross 2006

تُمَثِّـلُ الرئيسة الجديدة للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، كيت فوربس، ستةَ عشرَ مليون متطوع ومتطوعة ناشطين.ات في جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. فما هي الأهداف التي تريد فوربس، الحاصلة على تأهيل في مجال المحاسبة القانونية، تحقيقها من خلال تولّيها هذا المنصب؟ بورتريه.

“يجب علينا دائماً التذكير بأهمية احترام الشعارات”، تقول كيت فوربس، مضيفةً أن “هذا هو الأساس الذي يمكننا من خلاله تقديم المساعدات الإنسانية”.

وتوفر رموز الحماية المتمثلة  في علامات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والبلورة الحمراء، للحركة الدولية الحمايةَ في حالات النزاعات المسلحة. لكن هذه الرموز لا يتم احترامها في كثير من الأحيان: ففي نهاية شهر يناير، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن تعرّض المستشفيات وسيارات الإسعاف في قطاع غزة والضفة الغربية إلى أكثر من 670 هجوماً منذ السابع من أكتوبر 2023.

لا تواجه هذه المشكلة فقط حركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ولا تقتصر فقط على الحرب الإسرائيلية الفلسطينية. حيث ذكَـرَ جيمس إيلدر المتحدّث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، أنها تشمل أيضاً الحرب في أوكرانيا والسودان، وذلك خلال استضافته مؤخراً في  بودكاست “من داخل جنيف”، الذي ينتجه موقع سويس إنفو ( SWI swissinfo.ch).

وتعمل كيت فوربس، المواطنة الأمريكية، التي أصبحت رئيسة الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر(IFRC) في شهر ديسمبر الماضي، على تحقيق اعتراف عالمي بحياد الحركة – وهو مبدأ أساسي لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وهي تعتبر المنصب الذي تتولاه “أكبر شرف نلته في حياتي”.

تمثّل فوربس الآن ستة عشر مليون متطوع ومتطوعة و2500 موظف وموظفة حول العالم. ويقوم كثير منهم.ن بعمل رائع في أوضاع صعبة وحرجة. ولا ترى فوربس أن رئاسة هذه المنظمة شرف فحسب، بل إنها مسؤولية كبيرة أيضاً. ومن الحالات الصعبة التي واجهتها مؤخرا: “فقدان سبعة أشخاص في الأسبوعين الأولين فقط من هذا العام. وهذا أمر محبط”، على حدّ قولها.

شعار الهلال الأحمر والصليب الأحمر
شعارا الصليب الأحمر والهلال الأحمر Keystone / Martial Trezzini

جنيف: موطن العمل الإنساني

لقد سبقَت عملية انتخاب فوربس رئيسةً للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف في ديسمبر الماضي بعض الاضطرابات التي شابت عمل هذه المنظمة.

فقد اضطر سَـلَـفُـهَا فرانسيسكو روكو إلى الاستقالة بسبب تضارب المصالح السياسية في إيطاليا.  وتوقفت العملية الانتخابية لاختيار خليفة له تقريباً بسبب اتهام أحد منافسي فوربس بالتحرش الجنسي. ولكن في النهاية تم انتخاب فوربس بنجاح.

تزور فوربس مقر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف بانتظام منذ ما يقارب العقدين من الزمن. إنها تعتقد أن مدينة جنيف التي تقع على نهر الرون مهمة جداً للعمل الإنساني الدولي ولها مكانة خاصة في قلبها. حيث يجعل إرث هنري دونان (1828-1910) من جنيف مدينة الإنسانية وموطن العمل الإنساني.

كيت فوربس
كيت فوربس، المواطنة الأمريكية المنتخبة رئيسة للاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر Brad Zerivitz

 وتؤكد الرئيسة الجديدة لهذا الاتحاد التزامها بحركة الصليب الأحمر من خلال ما ترتديه من ملابس. فخلال محادثة مُصَوّرة مع سويس إنفو، ارتدت ألوان الحركة الممثلة بـسترة بيضاء وحمراء، مع شارة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ووشاح طُبعت عليه صلبان حمراء.

شبكة منتشرة عبر العالم

تُـؤمَنُ فوربس بِـشِدة بأهمية العمل التطوعي والمشاركة المحلية. وقد بدأت هي نفسها كمتطوعة مع الصليب الأحمر في مسقط رأسها في مدينة فينيكس الأمريكية قبل 43 عاما.

ساعدت فوربس، من بين أمور أخرى، في منع حرائق المنازل في مجتمعات السكان الأصليين.يات في ولاية أريزونا.

ويعدّ تعزيز العمل المحلي جزءاً مهماً من استراتيجية الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في خطته لعام 2030.

تؤكد فوربس على أهمية التكيف مع الظروف المحلية. وتقول: “عندما تكون جزءاً من مجتمع ما، فإنك تفهم احتياجاته بشكل أفضل من أي شخص آخر.” ففي الأقسام المحلية، غالباً ما يكون المتطوعون.ات من المجتمعات المحلية وهذا ما يخلق الثقة.

كما تعتقد رئيسة الاتحاد أن الثقة ضرورية للغاية للتصرف بشكل مناسب. “وفي الوقت الحالي، أصبح حتى المتبرعون.ات بالمال يدركون.ن أن العمل المحلي هو الحل.”

الثقة تُنقذ الحياة

الثقة أمر ضروري لإنقاذ حياة الآخرين، كما تقول فوربس. فعلى سبيل المثال، عندما يهدّد إعصار حياة الناس في بنغلاديش، لا يمكن تكليف شخصٍ من جنيف بنقل الرسالة لهم.ن لإنذارهم.ن.

في هذا السياق، يعمل نظام الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية بفضل الهلال الأحمر الوطني في بنغلادش. حيثُ يعرف أعضاء وعضوات الهلال الأحمر هناك كيف ينبغي تحذير الناس، كما توضّح فوربس. وخلال الأعاصير الأخيرة، اعتمد البنغلاديشيون والبنغلاديشيات على تحذيرات الهلال الأحمر للتمكّن من البقاء في أمان.  

مقر منظمة غير حكومية
مقر الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر بمدينة جنيف السويسرية. Keystone / Martial Trezzini

ويتعلق المثال الثاني بعمل الصليب الأحمر خلال وباء إيبولا في غرب أفريقيا. فقد كان من المعتاد في القرى هناك قيام أفراد العائلة بغسل موتاهم.ن، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإصابة بالعدوى، حيث ينتقل المرض عبر الماء المستخدم. و من أجل الحدّ من انتشار الوباء، تمكن فريق الصليب الأحمر من إقناع الأهالي بأنه سيتم دفن الموتى بكرامة بعد القيام بالتغسيل، لكن بعد ارتداء ملابس واقية تمنع انتشار العدوى.

وتُـضيف رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر: “لم يكن هذا الحل ممكناً لو لم تكن الفرق نفسها جزءاً من السكان المحليين.يات، ولَمَا كان الأهالي ليمنحوها الثقة”.

الحلم بعالم أفضل

تقول فوربس إنه من المهم أيضا أن يكون الاتحاد الدولي محلّ ثقة في الأمور المالية. وباعتبارها مدققة حسابات ومديرة مالية سابقة، فإن الاستقرار المالي للمنظمة مهم جداً. فقد عملت فوربس في مجلس إدارة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمدة 17 عاماً، قبل أن تشغل مؤخراً منصب رئيسة لجنة التدقيق والحد من المخاطر. ووفي الأثناء، قامت بتعزيز الشفافية، وإدخال ضوابط مالية أكثر صرامة، ووضع ضمانات حماية ضد الاعتداءات الجنسية.

في عام 2022، بلغت ميزانية الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ما يقرب من 1.4 مليار فرنك سويسري.

 تخصص 627 مليون فرنك سويسري منها لحالات الطوارئ. وبلغت المساهمات الإلزامية على الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر 113 مليون فرنك سويسري فقط. يتلقى الاتحاد الدولي معظم أمواله من خلال المساهمات الطوعية.

شملت الدول العشر الأولى المانحة المفوضية الأوروبية (333 مليون فرنك سويسري)، والولايات المتحدة (165.6 مليون)، وبريطانيا العظمى (100.4 مليون). واحتلت سويسرا المركز الثامن بمبلغ 37.5 مليون فرنك سويسري، وكان 11.4% فقط من الأموال المتاحة عبارة عن مساهمات مفتوحة لم تكن مخصصة أو محددة لمشروعات بعينها. كما أنفق الاتحاد الدولي أكبر قدر من الأموال، أي ما يقرب من 269 مليون فرنك سويسري، على المساعدات في حالة الكوارث والأزمات، يليه 150 مليون فرنك  سويسري على الرعاية الصحية.

نظرا لكون غالبية التبرعات هي مساهمات طوعية، فإن المشكلة التي يواجهها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر هي رغبة الجهات المانحة غالباً في تقديم دعمها المالي حصرياً لمشاريع بعينها. وفي هذه الحالة، تقول فوربس: “نحن بحاجة إلى أن نظهر للجهات المانحة أن لدينا وجوداً في مجتمع معيّن، وأنها تستطيع الوثوق بنا لمعرفة أفضل الأساليب لتوظيف الأموال في تلبية الاحتياجات”.

وتؤكد فوربس أنَّه من أجل تقديم المساعدات الإنسانية، فمن الضروري أيضاً توفير البنية التحتية المناسبة مثل أجهزة الحواسيب أو استبدال سيارات الإسعاف المدمرة.

“إذا قمنا بالعمل بكفاءة واستطعنا تلبية احتياجات المتضررين والمتضررات، فسوف نحصل على الدعم المالي الذي نحتاجه”. هذه قناعتها. وبهذه الطريقة يمكن إثبات أن العالم أصبح أفضل حالاً بالمساعدات المقدّمة. فهذا ما تتمنّاه جهات التمويل. تختم كيت فوربس بالقول: “أعتقد أنه يمكننا أن نظهر للعالم أجمع ما نقوم به لأننا نعمل محلياً.” ومن الآن فصاعداً تتلخص مهمتها في العمل من أجل تحقيق ذلك.

تحرير: إيموجين فولكس وبنجامين فون ويل

ترجمة: راما النحلاوي

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي/أم

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية