مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السفير زمير أكرم: “فيضانات باكستان.. كارثة لم يُـدرك العالم حجمها بعد!”

في كل يوم تتكشف الفياضانات في الباكستان عن ضحايا جدد ومآس إنسانية مروعة Reuters

"بداية بطيئة بتحرك المجموعة الدولية لمواجهة كارثة فيضانات باكستان" حسب الأمم المتحدة، وتخوف من أن يؤدي بطء وصول المساعدات إلى تفاقم تدهور الأوضاع الصحية خصوصا بسبب الأمراض المنقولة عبر المياه. في المقابل، يتوقع السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة مرحلة إعادة إعمار طويلة الأمد وبتكاليف تفوق 2،5 مليار دولار للمناطق الشمالية وحدها.

يبدو أن المجموعة الدولية والرأي العام الدولي لم يدركا بعد حجم الكارثة التي مست باكستان من جراء الفيضانات التي دمرت مساحة تقول الأمم المتحدة إنها تفوق مساحة كل من سويسرا وبلجيكا والنمسا وتضرر منها أكثر من 15 مليون شخص حسب آخر التقديرات وأدت الى مقتل 1600 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 2000 بجراح.

ومما يثير قلق المنظمات الإنسانية الأممية هو أن استجابة المجموعة الدولية تسير ببطء، وأن الأمطار ما زالت تهدد المنطقة وأن عدة مناطق لا زالت معزولة ولم تصلها المساعدات رغم الجهود المبذولة مما أثار غضب سكانها.

وهذا ما دفع سفير باكستان لدى الأمم المتحدة في جنيف السيد زمير أكرم الى توجيه نداء صباح الثلاثاء 17 أغسطس 2010 إلى وسائل الإعلام لكي تسهم في توعية الرأي العام بحجم هذه الكارثة التي قال “إنها فاقت في حجمها ما عرفته باكستان في الزلزال الأخير أو حتى حجم إعصار تسونامي” المدمر الذي أصاب عدة بلدان آسيوية في عام 2005.

“بداية استجابة”

من جهتها أشارت الناطقة باسم إدارة المساعدة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في جنيف اليزابيت بيرس صباح الثلاثاء أيضا إلى أن “المساعدات الإنسانية بدأت تصل إلى باكستان بعد النداء الذي وجهته الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي”.

وأشارت إلى أن زيارة الأمين العام للمنطقة يوم 15 أغسطس أسهمت بدورها في تسريع استجابة الدول للنداء العاجل الذي أصدرته الأمم المتحدة في 11 اغسطس لجمع 460 مليون دولار. وهكذا انتقلت نسبة التمويل للإحتياجات المطلوبة من 20 % إلى 35% بعد أن وصف بان كي مون ما شاهده على عين المكان بـ “فيضانات غير مسبوقة تتطلب استجابة دولية غير مسبوقة”.

وهكذا توصلت الأمم المتحدة لحد اليوم بحوالي 161 مليون دولار تضاف لها وعود بالتمويل في حدود 43 مليون دولار. وكانت المنظمة الأممية قد أعلنت على لسان أمينها العام تخصيص 10 ملايين دولار إضافية من صندوق المساعدات الطارئة للأمم المتحدة تضاف إلى 16 مليون دولار كان الصندوق قد وضعها تحت تصرف المنظمات الإنسانية للمسارعة بإطلاق عمليات الإغاثة في انتظار الحصول على تمويل الدول المانحة.

كل القطاعات الحيوية.. تضررت

في سياق متصل، جاء تدخل السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة في جنيف السيد زمير أكرم للتشديد أيضا على ضرورة تحرك المجموعة الدولية حيث ناشد وسائل الإعلام للإسهام في ذلك وأوضح بأن كل القطاعات الحيوية في المناطق المنكوبة من صحة وتعليم وطرق ومواصلات قد تضررت بشكل كبير.

ومع أن السفير الباكستاني كذّب حدوث حالات إصابة بالكوليرا في الوقت الحالي، فإن منظمة اليونيسيف حذرت من مخاطر تعرض حوالي 3،5 مليون طفل في المناطق المتضررة إلى أمراض منقولة عبر المياه وذلك بسبب نقص توفر المياه الصالحة للشرب. وتقدر الأمم المتحدة بأن نصف المتضررين في المنطقة هم من الأطفال.

وتشير إدارة المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة بأن أكثر من 5400 مدرسة تضررت من جراء هذه الفيضانات، وأفادت بأن 4900 من المدارس تم تحويلها إلى ملاجئ لإيواء المتضررين الذين تحطمت منازلهم.

وعلى مستوى الغذاء، يقدر برنامج الغذاء العالمي بحوالي 6 ملايين عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية لحوالي 3 أشهر على الأقل. وقد يرتفع عدد المحتاجين للمساعدة بسبب مواصلة نقل السكان من مناطق مهددة بالفيضانات في كل من مقاطعتي السند والبنجاب وبلوشستان. ويحاول برنامج الغذاء العالمي توسيع مساحة المناطق التي تحصل على الغذاء رغم صعوبة التنقل وذلك باستخدام قوافل الحمير ومنظمات إنسانية محلية.

أما منظمة الصحة العالمية فتشير (في أحدث تقييم لها بتاريخ 12 أغسطس) إلى أن حوالي 1167 مركزا طبيا إما دمّر أو ألحقت به أضرار، وإلى أن الفحوص التي قام بها أعضاء الفرق الطبية أظهرت وجود حوالي 113 حالة إصابة بالجرب وأمراض جلدية، وحوالي 87 ألف حالة إصابة بالإسهال المزمن، وحوالي 83 الف حالة إصابة بأمراض تنفسية.

من جهة أخرى، أشار السفير الباكستاني إلى تضرر قطاع الزراعة الذي تعتمد عليه باكستان بشكل كبير حيث تشكل المناطق المتضررة خزان الإنتاج الزراعي لباكستان ولصادراتها. وفي تقريرها عن الأوضاع في المناطق المتضررة، أوضحت إدارة المساعدات الإنسانية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة إلى أن 80% من المتضررين يقتاتون من القطاع الزراعي، وأن 3،2 مليون هكتار أي 16% من مجموع الأراضي الزراعية تضررت أو غمرتها المياه. وباختصار، تتوقع المنظمة الأممية بأن يكون موسم هذا العام بدون محصول مما سيضاعف من ارتباط السكان ولوقت أطول بالمساعدات الدولية.

محمد شريف – swissinfo.ch – جنيف

في الوقت الذي لم تحسم بعد فيه مسالة المساعدات الطارئة لضحايا فيضانات باكستان ووصول المساعدات الإنسانية لكل المتضررين، أثار السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة في جنيف زمير اكرم يوم الثلاثاء 17 أغسطس صعوبة مسالة إعادة إعمار المناطق المتضررة.

إذ أشار الى تدمير قسم هام من البنية التحتية في المقاطعات التي اجتاحتها الفيضانات مما يجعل عملية إعادة البناء مكلفة.

وقد أشار الى احتمال احتياج المناطق الشمالية وحدها لحوالي 2،5 مليار دولار. أما الوقت الذي قد تستغرقه عملية إعادة الإعمار لكامل المناطق المتضررة فقد تفوق الخمسة أعوام.

وفي رده على تساؤلات الصحفيين بخصوص ضمان وصول المساعدات الدولية للمتضررين، وعدم سقوطها بين ايدي المتحايلين او الجماعات الأصولية المتطرفة، استبعد السفير الباكستاني هذه الإمكانية مشيرا الى ” أن الحكومة الباكستانية تعمل يد في يد مع منظمة الأمم المتحدة”.

وبخصوص منافسة الجماعات الأصولية في تقديم الدعم للمتضررين ونجاعتها في ذلك مقارنة مع ما تقدمه المم المتحدة او الحكومة الباكستانية واحتمال إسهام ذلك في تغذية الجماعات المتطرفة بقوى قتالية جديدة، رد السفير الباكستاني ” بأن مثل هذه الادعاءات ظهرت عقب الزلزال الأخير الذي أصاب باكستان ولكن الانتخابات التي عقبت ذلك لم تظهر فوز تلك التيارات الأصولية بأصوات الناخبين”. على حد قوله.

وفي تقييم السفير الباكستاني لرد المجموعة الدولية اعتبر السيد زمير أكرم ” أن رد المجموعة الدولية كان بطيئا في البداية ولكنها عبأت طاقاتها الآن وأصبحت تعي حجم الكارثة” واختتم السفير الباكستاني تدخله أمام الصحافة الدولية في جنيف بتوجيه نداء لها من اجل الإسهام في تعزيز هذه التوعية بحجم الكارثة قبل أن يختتم بالتعبير عن “ثقته في استجابة المجموعة الدولية بشكل متزايد”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية