
روسيا تقترح على الأميركيين “فكرة جديدة” بشأن أوكرانيا غداة قصف كييف

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أنّ نظيره الروسي سيرغي لافروف اقترح عليه “فكرة جديدة” بشأن النزاع في أوكرانيا خلال “محادثة صريحة” جرت بينهما في ماليزيا الخميس غداة تعرّض كييف لضربات جوية كثيفة أسفرت عن مقتل شخصين.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّفت روسيا هجماتها الليلية على أوكرانيا، ولا سيّما على العاصمة كييف، مع ازدياد عدد المقذوفات الموجّهة كلّ مرّة في وقت يسود الجمود المباحثات الدبلوماسية بين الطرفين.
وفي ظلّ هذا التصعيد للضربات الروسية والتعثر الدبلوماسي، التقى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الخميس نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش اجتماع وزراء خارجية دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) في كوالالمبور.
وأعلن روبيو أن نظيره الروسي قدّم خلال لقائهما في ماليزيا “فكرة جديدة أو مفهوما جديدا” بشأن أوكرانيا سيتولّى نقله إلى الرئيس دونالد ترامب لمناقشته.
وصرح للصحافيين “إنها ليست مقاربة جديدة. إنها فكرة جديدة أو مفهوم جديد سأنقله إلى الرئيس لمناقشته”، مشيرا إلى أنه ليس شيئا “يؤدي تلقائيا إلى السلام، لكنه قد يفتح مسارا”.
وكشف روبيو أنه أعرب خلال هذه “المحادثة الصريحة” في كوالالمبور عن “استياء” ترامب و”خيبة أمله” في ظلّ “انعدام التقدّم” في وقف الحرب التي شنّتها روسيا على أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
وبعد جولتين من المحادثات المباشرة بين الروس والأوكرانيين في إسطنبول، ما زال الكرملين يرفض وقفا لإطلاق النار ويطالب أوكرانيا بالتخلّي عن أربع مناطق يحتلّها جزئيا وفكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الامر الذي ترفضه كييف.
– هجوم واسع –
عقد اللقاء بين روبيو ولافروف بعد ساعات من هجوم جوّي روسي واسع النطاق ضدّ كييف، أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 22، وفق خدمة الإسعاف.
ومن روما حيث يعقد مؤتمر لإعمار أوكرانيا، ندّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ”إرهاب بحت” ودعا الغرب عبر شبكات التواصل الاجتماعي إلى فرض عقوبات “بوتيرة أسرع” على موسكو لدفع فلاديمير بوتين إلى قبول وقف لإطلاق النار.
وبحسب سلاح الجوّ الأوكراني، أطلقت روسيا 415 مسيّرة وصاروخا، اعتُرض أو دُمّر أو فقد 382 منها.
وقال رئيس الإدارة العسكرية تيمور تكاتشينكو إن القوات الروسية استهدفت ما لا يقل عن ستة أحياء في العاصمة. وأصابت الضربات أو شظايا المقذوفات التي تم اعتراضها، أبنية سكنية وسيارات ومخازن ومكاتب، بحسب تكاتشينكو.
وكتب عبر تلغرام “للأسف، لدينا قتيلان. لقد قُتل هذان الشخصان على أيدي الروس”.
وسمع صحافيون في وكالة فرانس برس في كييف انفجارات قوية في المدينة خلال الليل ورأوا انفجار مقذوفات اعترضتها الدفاعات الجوية.
ولجأ عشرات السكان إلى محطة مترو في وسط المدينة حيث وضعت في تصرفهم فرش ومعدات تخييم.
وروت ناديا فويتسيخيفسكا التي تقطن في العاصمة أن أختها في حالة صدمة بعدما نجت من حريق في مبناها.
وقالت “الحمد لله أن الجميع نجا. لكن زوجها نقل في سيارة إسعاف”، كاشفة أن “كلّ شيء احترق”.
وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا “لا تقفوا مكتوفي الأيدي بينما ترهب روسيا الشعب الأوكراني. تحركوا الآن لحرمان آلة الحرب الروسية من مواردها المالية”.
مكن جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته إنه أجرى محادثة هاتفية مع ترامب، وإنه “يعمل بشكل وثيق مع الحلفاء للحصول على المساعدة التي تحتاجها أوكرانيا”.
وليل الثلاثاء-الأربعاء شنت روسيا أكبر هجوم جوي منذ بدء غزوها لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 باستخدامها 728 مسيّرة و13 صاروخا اعترضت بغالبيتها العظمى بحسب كييف.
وفي دليل على تصاعد وتيرة القصف الروسي في الآونة الأخيرة، أعلنت بعثة للأمم المتحدة الخميس إحصاءها في حزيران/يونيو عددا قياسيا من القتلى (232) والجرحى (1343) المدنيين منذ ثلاث سنوات، في حرب حصدت عشرات آلاف الضحايا على الأقل من مدنيين وعسكريين في الجانبين.
وفي روسيا، قتل مدنيان في منطقة بيلغورود ومدني ثالث في كورسك جراء هجمات لمسيرات أوكرانية الخميس، بحسب السلطات المحلية.
– “إشارات من كييف” –
والإثنين، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يريد إرسال “المزيد” من الأسلحة “إلى كييف ولا سيما “الدفاعية” منها، متهما نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اليوم التالي بالتفوه ب”ترهات” حول أوكرانيا وملمحا إلى أنه ينوي فرض عقوبات جديدة على روسيا.
فرغم الضغط الذي يمارسه دونالد ترامب، لا تزال موسكو وكييف بعيدتين عن اتفاق على هدنة أو تسوية طويلة الأمد.
ولم تُعلن أي جولة جديدة في المحادثات بين الروس والأوكرانيين بعد اجتماعين لم يفضيا إلى نتائج كثيرة في تركيا في منتصف أيار/مايو وفي مطلع حزيران/يونيو.
ويتهم المسؤولون الأوكرانيون موسكو بمحاولة “كسب الوقت” في وقت يتقدم الجيش الروسي الذي يتفوق عديدا وعتادا، على الجبهة.
والخميس نفى الكرملين أن تكون محادثات السلام تتعثر، فيما لم تعلن كييف وموسكو بعد عن جولة جديدة من المفاوضات.
ورد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف على سؤال عما إذا كانت موسكو تعتبر أن عملية التفاوض تتباطأ “لا يمكننا أن نقول ذلك الآن”، مضيفا أن روسيا تنتظر “إشارات من كييف” لعقد جولة ثالثة من المباحثات.
وأكّد أن الأعمال القتالية ستتواصل “طالما” ترى موسكو أنه من المستحيل “تحقيق الأهداف” بالديبلوماسية وحدها.
ومن روما، دعا الرئيس الأوكراني حلفاء بلده إلى مزيد من الاستثمارات في نظم الدفاع للتصدّي للهجمات الروسية.
وفي لندن، شارك رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس في اجتماع عبر الفيديو حول أوكرانيا ضمّ خصوصا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.
ودعا الزعيمان الخميس إلى تشديد الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفرض عقوبات جديدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا.
وقال ستارمر “علينا إعادة تركيز جهودنا على التحضير للسلام، وإجبار بوتين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات… هذا الضغط المنسّق سيحدث فرقا”، بينما دعا ماكرون إلى “تشديد الضغط” على روسيا.
وفي كييف، كشف جهاز الأمن الأوكراني عن اغتيال أحد عناصره في العاصمة، في حادثة نادرة في البلد حظيت بإشادات من مؤيّدي الكرملين عبر تلغرام.
ومطلع الأسبوع، أعلنت القوات الروسية التي تسيطر على 20 % من الأراضي الأوكرانية، أنها استولت على بلدة أولى في منطقة دنبروبيتروفسك في وسط شرق أوكرانيا.
بور/بم-غ ر-الح-م ن/ب ق/سام