مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سكان شمال كولومبيا سئموا العيش في الوحل مع تكرار الفيضانات

afp_tickers

يتنقل أفراد عائلة بيريو بصعوبة في منزلهم المتواضع المبني من الطوب، بين ألواح من الخشب رفعوا عليها الأسرة والمفروشات، لحمايتها من المياه الموحلة التي تغمر أرضيته حتى مستوى الركبة جراء الفيضانات في شمال كولومبيا.

للعام الرابع على التوالي، غمرت المياه منطقة لا موخانا شمال كولومبيا، ما أدى إلى غرق المحاصيل والحيوانات ليُمنى السكان بأزمة متفاقمة جراء إزالة الغابات والتنقيب عن المعادن.

عدا عن ذلك، انهار في 6 أيار/مايو سد من أكياس الرمل أقيم بهدف حماية 500 ألف من سكان السهول الشاسعة والأراضي الرطبة والمستنقعات المحيطة به، متسبباً بفضيحة فساد كبرى حول فشل جهود إصلاحه بعد انهيار جزئي.

أدى ذلك إلى تدفق المياه من نهر كاوكا الملوث لتغمر أراضي المرعى وحقول الأرز وتلحق الضرر بنحو 32 ألف شخص، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. 

“لقد غرق كل شيء”، بهذه الكلمات تعبر عن الوضع بلهجة حزينة روزيريس بيريو التي تعيش مع شريكها وطفليها الصغيرين في قرية لا سييربي.

وتقول عن الحيوانات القليلة المتبقية التي تقف على ألواح خشبية طافية أو تغمر المياه أقدامها “إنها تموت. هذه المياه تسبب الأمراض”.

وفي المنزل، حيث يتنقلون بين الألواح الخشبية تقول بيريو “إننا نتعثر ونخدش أنفسنا. ومع ذلك علينا أن نواصل أعمالنا اليومية”، مضيفة أنها لم تتلق أي مساعدة من الحكومة.

وفي سائر أنحاء القرية، يتنقل السكان بالقارب من منزل إلى آخر. أما الأسر الأوفر حظا التي انحسرت المياه عن منازلها، فيتعين عليها أن تزيل الطين والأوحال. 

– “الوضع سيء للغاية” – 

يقول السكان القلقون إن الفيضانات أصبحت أكثر تواتراً وأكثر شدة. ويوضح خوسيه روينديز، وهو مزارع يبلغ من العمر 59 عاماً، وهو واقف في المياه التي وصلت إلى خصره “هذه السنة الرابعة على التوالي التي تغمرنا فيها الفيضانات. من الناحية الاقتصادية، نحن في وضع سيئ للغاية. كنا نزرع هذه الأرض، وكنا نعيش بسعادة”. 

استخدم روينديز العصي لبناء حافة مؤقتة يضع عليها دراجته وسريره ويحفظ أجهزته الكهربائية بعيدا عن الماء. 

تظهر الأرقام الرسمية أن المنطقة غمرتها المياه أكثر من 300 مرة بين عامي 1998 و2020. وسبق أن حذرت وزيرة البيئة سوزانا محمد من أن إزالة الغابات تملأ الأنهار بالرواسب، وهذا يجعلها أكثر عرضة للفيضان. 

ويقول كارلوس كاريو، مدير الوحدة الوطنية لإدارة المخاطر والكوارث في المنطقة، إن التعدين هو سبب آخر للفيضانات. 

ويوضح لوكالة فرانس برس إن عمليات التعدين غير القانونية تستخدم التجريف للبحث عن الذهب في الأنهار، و”تنجم عن ذلك تغييرات معقدة للغاية في ديناميكيات النهر” الذي صار ضحلاً ويزداد ضحالة بمرور الوقت.

وتقول السلطات إن المناجم غير القانونية لوثت مياه النهر بالزئبق. 

ويؤكد الرئيس غوستافو بيترو أن إعادة بناء السد ليست حلاً طويل الأمد. فهو يريد نقل السكان إلى أراض مرتفعة اشترتها الحكومة.

وتقول بيريو “لكن إلى أين نذهب؟ ليس من السهل أن نبدأ من جديد وأن نبحث عن عمل”.

وفي تجمع قريب من الخيام البلاستيكية، تقول آنا دولوريس فاليريو إنها مستعدة للانتقال إلى “مكان آخر”. وتضيف أنها المرة الخامسة خلال العقدين الماضيين التي تجبرها فيها مياه الفيضانات على العيش في خيمة على جانب الطريق. 

وتقول الجدة التي لديها 13 طفلاً وحفيدًا يتعين عليهم الاعتناء بهم، إنها تتوق للانتقال إلى “أرض جافة حتى تتمكن من العمل”. 

– “غير إنساني” – 

ويدعو وجهاء المنطقة إلى اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة ما وصفته الأمم المتحدة بأنه “أزمة إنسانية خطيرة”. ويقول نيستور أورتيز، كبير وجهاء قرية لا سيربيتا، إحدى أكثر القرى تضرراً، إن “بعض العائلات لا تأكل سوى وجبة واحدة في اليوم، وهذا غير إنساني”. 

وتم إغلاق المدرسة الوحيدة في القرية وانهارت قنوات تصريف المياه مما أدى إلى تسرب مياه الصرف الصحي إلى المنازل. 

وفي الوقت نفسه، تخضع وكالة إدارة الكوارث الحكومية للتحقيق في قضايا فساد مرتبطة ببناء السد الذي يفترض أنه تم إصلاحه في شباط/فبراير بعد انهيار جزئي.

ويعترف كاريلو، الذي عُين في منصب المدير هذا العام بعد الشكاوى التي أجبرت سلفه على الاستقالة، بأن أعمال إعادة الإعمار التي تبلغ قيمتها 34 مليون دولار، لا تسير بالسرعة المطلوبة. ويضيف “يبدو أن المقاول لا يبذل قصارى جهده لسد الفجوة” التي تبلغ حوالي 70 مترا. 

في هذه الأثناء، يُنذر صوت الرعد البعيد سكان لا موخانا بأن موسم الأمطار قد بدأ للتو. ويقول كريستو سانشيز، وهو رجل مسن يقع منزله على قطعة أرض جافة تحيط بها المياه “نعرف ما ينتظرنا”.

جسس/ص ك/غد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية