مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“10 سنتيمات إضافية”.. حملة سويسرية لفائدة ضحايا الموضة في آسيا

خيّاطات الملابس أثناء عملهنّ في العاصمة الكمبودية بنوم بين. وقد ارتفعت صناعة النسيج في كمبوديا بنسبة 12% في النصف الأول من عام 2010. Reuters

تتهَم حَملةٍ جديدة تشنّها نقابات ومُنظمات غير حكومية، شركات الملابس السويسرية بعدم دفع الأجور التي تكفي لِتغطية الحَـدّ الأدنى من تكاليف المعيشة للخياطات، اللّـواتي يَـعمَلنَ في قارة آسيا. وتُطالِب هذه المنظمات في حملتها التي أسمتها حملة “10 سنتيمات إضافية”، بزيادة هذا المبلغ إلى كل قميص (تي شيرت) يخيّطنه هؤلاء العاملات وبِمُمارسة الضغط من أجل الوصول إلى أجرٍ نموذجي عالمي للجميع.

وتَنتقد منظمة التَنمية السويسرية المُسماة “إعلان برن” والتي تقود حملة “الملابس النظيفة” في سويسرا هذا الوضع بالقول: “على الرغم من عمل هؤلاء الخيّاطات لمدة 13 ساعة يومياً، فإنهنَّ لا يكسبْـنَ سوى 20 إلى 60% مما يحتجنه لتغطية نفقات معيشتهن”.

ومنظمة “إعلان برن”، هي منظمة سويسرية غير حكومية مُستقلة تماماً، تدعو إلى علاقات أكثر إنصافاً وديمقراطية واستِدامة بين الشمال والجنوب منذ عام 1968، وذلك من خلال انجاز البُحوث وتَثقيف الجماهير وتقديم المشورات القانونية، وتقوم برَصد الدور الذي تقوم به الشركات والبنوك والوكالات الحكومية السويسرية، كما تتناول مشاكل عدم المساواة في التجارة الدولية والعلاقات المالية وأنماط الاستهلاك غير المُستدامة والتحيّـزات الثقافية. كما تدعو هذه المُنظمة جميع الأطراف الفاعلة السويسرية – القطاع الخاص والدولة والمواطنين والمُستهلكين – إلى تحمُّل مسؤولياتها في حَلّ هذه المشاكل.

وتَستمد منظمة “إعلان برن” معظم إيراداتها من رسوم العضوية والتبرّعات الفردية من أعضائها، البالغ عددهم 20.000 عضو. وتعمل هذه المنظمة على الصعيد العالمي جنباً إلى جنب مع النقابات والمنظمات غير الحكومية، من أجل تحسين ظروف العمل والأجور في البلدان المُنتِجة.

المستفيد الأوحد على حساب المعاناة

ووفقاً لحملة “الملابس النظيفة”، فقد تدهورت الحالة غير المُستقرة، التي يُعاني منها العاملون في صناعة الملابس والبالغ عددهم نحو 30 مليون شخص على مدى السنوات الثلاث الماضية. كما برزت هذه المُعاناة مؤخّـراً إلى الوجود من خِلال الاحتجاجات التي قامت بها الخَيّاطات في بنغلادش.

وتصف كريستا لوغينبوهل، الناطقة باسم منظمة “إعلان برن” وحملة “الملابس النظيفة”، الوضع هناك قائِلة: “يُعتَبَر تدنّي الأجور، ميزة محلية لجذب الشركات والمُستثمرين إلى البلد، لذا، فقد وصلت صادرات الملابس في بنغلادش إلى ارتفاع قياسي”، وتُضيف: “المُستفيد الوحيد من هذه الأرباح هي شركات المَنسوجات ذات العلامة التجارية”.

أجور مُتدنِّـية ومُنافسة شديدة

يدفع عُمّال المصانع الذين تشكِّـل النساء غالبيتهم العُظمى ثمن هذه الظروف التنافسية، التي تزداد صعوبة. وسواء تَعلَّق الأمر بالصين أو الهند أو باكستان أو سريلانكا، فإنَّ الحدّ الأدنى للأجور المدفوعة في هذه البلدان، نادراً ما يكفي لشراء الغذاء فقط، ناهيك عن دفع مصاريف النقل أو المدارس أو النفقات الطبية، التي أصبحت ضَرباً من ضروب المستحيل. كما تَفتَقر النساء العاملات في معامل الخياطة إلى الوقت اللازم لرعاية أطفالهن.

وفي تصريح لها، شكّـكَت الحملة المُسمّـاة “المستوى الأدنى للأجور في آسيا” AFW (وهي حملة يقودها ائتلاف من 70 نقابة ومُنظمة غير حكومية وعُلماء وأكاديميين، تهدف إلى تثبيت أجور العمل الدُّنيا في قارة آسيا واكتشاف إستراتيجية عمل تُثَبِتُها الاتحادات الآسيوية لصناعة الملابس) بالقول: “إذا كافح العُمّال من أجل أجورهم وظروف عملهم في بلدٍ ما، ستَنتَقل الشركات إلى بلدٍ آخر يقدِّم أجوراً أقل”، وأضاف التصريح: “تحتاج جميع الخيّاطات في آسيا إلى زيادة في الأجور”.

نموذج مثالي للأجور المتدنية

وكاستجابة لمشكلة إغراق الأجور، وضعت النقابات المُنتمية لحملة “المستوى الأدنى للأجور في آسيا”، نموذجها المثالي الخاص بالأجور المُتَدَنية والذي يُحَدِّد أجرة اليد العاملة. وحسب هذا النموذج، يَشمَل الأجر الأدنى المدفوع للمَعيشة، جدول عمل زمني لا يزيد عن 48 ساعة في الأسبوع، بدون ساعات عمل إضافية، كما يُفتَرَض أن يُغطِّـي هذا الأجر احتياجات المرأة العاملة وجزءً من احتياجات أسْـرتها.

ويجب أن لا تتجاوز أسعار المواد الغذائية 50% من مجموع النفقات، بحيث أنها تُغطي “عربة تسوّق”، تحتوي على ما يقرب من 3000 سِـعرة حرارية للشخص الواحد في اليوم.

وحسب لوغيبوهل، الناطقة باسم “إعلان برن” وحملة “الملابس النظيفة”، فإن “الإقراربوجود نموذج مثالي للأجور المُتَدنية على طاولة المفاوضات، هي خطوة كبيرة نحو الأمام”، ذلك أنَّ الشركات المَعنية قد ادَّعَت انعدام وجود نموذج مَدعوم على نطاقٍ واسع، يَحسب الأجر الأدنى للمعيشة لحَدّ الآن. وتَجدُر الإشارة إلى أن هذا النموذج قد نشأ إقليمياً ومن قِبَل العُمّال أنفسهم، وذلك لمنع انتقال الإنتاج إلى بلدان أقلّ تَكلُفة.

ويدعو كل من “إعلان برن” وحَمْلة “الملابس النظيفة”، شركات الملابس السويسرية الآن، لمناقشة هذا النموذج وَوَضْع الخُطوات التَنفيذية لتَحقيق الزيادات في الأجور. وتَنتَقد لوغينبوهل هذه الشركات بالقول: “حتى الآن، لم تَرَ مُـعظم الشركات، ذات العلامات التجارية، بأن من واجبها دفع الأجر الأدنى للمعيشة لهؤلاء العاملات، بل إنها استندت إلى الحدّ القانوني الأدنى للأجور، مع عِـلمها التام بِعَدَم كفايته”.

بين الاستعداد للحوار والشك

ومن ضِمن الشركات المُطالَـبة بتطبيق مبدإ “10 سنتيمات إضافية” لكلٍ قميص (تي شيرت)، نجد كلاً من محلات “إتش أند إم” H&M و”أسبري” Esprit و”تشارلز فوغيليه”Charles Vögele,، وكل من سلسلة “ميغرو” Migros و”كوب” Coop، لبيع المنتوجات والسِّـلع الاستهلاكية في سويسرا، و”تالي فايل” Tally Weijl. وفي غضون أسبوع واحد من بداية هذه الحملة، كان هناك ما مجموعه 3200 صوت يشجب “إغراق الأجور” على موقع “10 سنتيمات إضافية” في الإنترنت.

ومن المؤكد، بأن هذا العدد سيرتفع كثيراً بحلول فصل الخريف القادم، عندما يقوم ممثِّـلو النقابات المُختلفة المُنتمية إلى حملة “المستوى الأدنى للأجور في آسيا”، بزيارة عملٍ لسويسرا.

ونقلاً عن وكالات ووسائل الإعلام، فقد عبَّـرت كُـبريات سلاسل المراكز التجارية السويسرية “ميغرو” و”كوب” عن استعدادهما للتحاور، ولكنهما عبَّـرا في الوقت نفسه عن “الشكوك التي تنتابهما بشأن حظوظ التنفيذ”، حيث قالا بأنّه من غير المُرَجَّـح أن تذهب هذه السنتيمات العشرة لصالح الخياطين والخياطات في آسيا بالفعل، وبأنَّ سويسرا أصغَر من أن يكون لها ذلك التأثير الكبير لتَغيير نظام إنتاج الملابس على الصعيد الدولي.

وفي حملة الاحتجاج التي جَرَت في الأسبوع الأول من شهر أغسطس، سجَّـلت شركة “كاليدا” Calida السويسرية، التي تقوم بإنتاج الملابس الداخلية وملابس السباحة، أدنى عدد من النقاط، على الرغم من تصريح لوغينبوهل بأنَّ هذه الحملة “لم تنْـوِِ استهداف شركات معيّنة بالذات وبأنّ جميع الشركات هي جزء من المشكلة”.

بعض النجاح

منذ عام 2004، قام كل من “إعلان برن” وحملة “الملابس النظيفة”، بتصنيف شركات صناعة الملابس، اعتمادا على شفافيتها في سلسلة الإنتاج والإمداد والمَعايير الاجتماعية والتنفيذ والرقابة.

وتقول كريستا لوغينبوهل: “إن المظالِـم الموجودة في شركات صناعة الملابس، معروفة منذ فترة طويلة”. وعلى الرغم من اضطرار حملة “الملابس النظيفة” لِتِكرار مَطالبها، فقد حَقّـقَت هذه الاخيرة نجاحاً من خلال توصلها إلى وَضع ظروف العمل المعنِـية وأجورها على جدول أعمال هذه الشركات.

وتختم كريستا لوغينبوهل حديثها بالقول: “لقد أصبحت مسألة كيفية الإنتاج بالنسبة للشركات السويسرية، ذات صِلة وثيقة، ولم يكن الأمر كذلك قبل 20 عاما”. كما يُشَكل مَنع عمالة الأطفال في المصانع، والذي يُطَّبق اليوم على نطاق واسع، خُطوة إضافية جيدة إلى الأمام.

فييرا مالاخ – swissinfo.ch ووكالة Infosud

عبَّرت كُـبريات سلاسل المراكز التجارية السويسرية – “ميغرو” و”كوب” – عن استعدادهما للتحاور حول الأجور الإضافية المطلوبة، ولكنهما عبَّرا في الوقت نفسه عن “شكِّـهما في التنفيذ”، حيث قالا بأنّه من غير المُرَجّـح أن تذهب هذه السنتيمات العشرة لصالح الخياطين والخياطات في آسيا بالفِعل وبأنَّ سويسرا أصغَر من أن يكون لها ذلك التأثير الكبير لتَغيير نظام إنتاج الملابس على الصعيد الدولي.

وعبَّرت الناطِقات باسم كل من سلسلة متاجر “ميغرو” و”كوب” بالإضافة إلى شركة “كاليدا” Calida السويسرية، عن التزام هذه الشركات بقواعد السلوك المَطلوبة في مُبادرة الامتثال الاجتماعي في العمل.

تأسست مُبادرة الامتثال الاجتماعي في العمل عام 2003 واتخذت مقراً لها في العاصمة البلجيكية بروكسل، وهي أوسع منصّـة أعمال تهدف إلى تحسين الامتثال الاجتماعي في البلدان المورِدة، كما تطالب الأعضاء المُنتمين إليها بالخضوع لجميع القوانين الوطنية واللوائح المعمول بها، وبالحد الأدنى من المعايير الصناعية، بالإضافة إلى امتثالهم لاتفاقيات منظمة العمل الدولية (ILO) واتفاقيات الأمم المتحدة.

بإمكان شركات التجزئة والشركات ذات العلامات التجارية والشركات المُستورِدة المُهتمّـة بتحسين الأوضاع في سلسلة التوريد، الانضمام إلى مُبادرة الامتثال الاجتماعي في العمل (BSCI) .

تقوم مُبادرة الامتثال الاجتماعي في العمل بِفحوصات ومراجعات مُتَزايدة من خلال عناصر تَفَقُّـد خارجية مَستقِلّة من أجل الحِفاظ على المعايير الاجتماعية والبيئية.

ومن وجهة نظر حملة “الملابس النظيفة” و”المستوى الأدنى للأجور في آسيا”، فإنّ قانون مُبادرة الامتثال الاجتماعي في العمل، لا يتعمَّـق في المُشكِلة كثيراً، لأنَّه يَستند إلى قواعد الحَد الأدنى.

وتقول المتحدثة باسم حملة “الملابس النظيفة” كريستا لوغينبوهل: “إنَّ الحد الأدنى للأجور غيرُ كافٍ، ونحن نُطالب بأجورٍ تكفي للمعيشة وتُمكّن الخيّاطة من العيش بكرامة”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية