عالم مناخ يحذّر من تداعيات توقف الأقمار الاصطناعية الأميركية عن رصد الأرض
حذّر عالم المناخ بيتر ثورن في مقابلة مع وكالة فرانس برس من أنّ تراجع التمويل الأميركي لرصد الأرض عبر الأقمار الاصطناعية قد يُدخل البشرية في “الظلام”، إذ ستصبح التوقعات المناخية أقل دقة وستتقلّص كمية البيانات المتاحة لعلماء المناخ.
وقال ثورن، وهو عالم مناخ في جامعة ماينوث في ايرلندا ونائب مدير النظام العالمي لرصد المناخ (GCOS) الذي يشكل برنامجا لجمع وتفسير البيانات المتعلقة بالغلاف الجوي والطقس على الأرض وفي البحار “إنها بلا شك المرة الأولى التي يتم التخطيط فيها لخفض قدراتنا على رصد الأرض، في وقت نحن بأمسّ الحاجة إلى ذلك”.
وأُثيرت هذه المسألة خلال مؤتمر الأطراف الثلاثين الذي أُقيم في البرازيل، إذ شددت لجنة فنية على “الأهمية الحيوية” لضمان استمرارية هذه البيانات.
وردّا على سؤال عن الوضع الراهن لرصد المناخ العالمي عبر الأقمار الصناعية، قال ثورن “لا شك أنّ نظام الرصد العالمي يتعرض لضغط كبير، وهذا تحذير لبقية العالم. لقد اعتمدنا بشدة على السخاء الأميركي لتمويل جانب كبير من نظام رصد الأرض هذا”.
وأضاف “قدّمت الولايات المتحدة مساهمات استثنائية في التنسيق العالمي، ليست جذابة لكنها تُبقي الأمور مستمرة. ستتوقف أنشطة النظام العالمي لرصد المناخ بنهاية عام 2027من دون توفير تمويل إضافي. سُجّل انخفاض بنسبة 13 إلى 16% في عدد بالونات الطقس في الولايات المتحدة، بسبب تقليص عدد الموظفين المسؤولين عن إطلاقها، ولذلك عواقب، ليس بالضرورة على التنبؤات في أميركا، ولكن أيضا على أوروبا وحتى آسيا”.
وتابع إنّ “التوقعات المناخية في أميركا تعتمد بشكل أساسي على إطلاق البالونات في اليابان أو سنغافورة. لهذا السبب، نحتاج إلى نظام رصد منسق وتعاون عالمي”.
أما عن المخاوف التي تُثيرها الولايات المتحدة، فقال “إذا لم يُنفّذ سوى نصف مقترحات الرئيس الأميركي، فسنواجه مشكلة كبيرة جدا. إذا نظرنا إلى المقترح، نجد أنه يُلغي عمليا كل القدرات المستقبلية لرصد الأرض عبر الأقمار الاصطناعية التي تُقدِّمها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وربما يُقلِّل من قدرات الأقمار التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي”.
وأوضح “لا يوجد ما يعادل مهمات كثيرة لناسا لدى وكالة الفضاء الأوروبية، أو وكالة جاكسا اليابانية، أو برامج الأقمار الاصطناعية الهندي أو الصيني. سنخسر عمليات الرصد هذه إلى الأبد وسنخسر أيضا معطيات رئيسية لن نتمكّن من استعادتها مطلقا”، مضيفا انّ “الولايات المتحدة تقدّم أيضا مساهمة كبيرة في ما يخص رصد المحيطات، إذ تمثّل نحو 50% من برنامج أرغو لعلوم المحيطات الذي حدّد أين تذهب 90% من الحرارة في نظام الأرض”.
وتابع “ثمة أيضا عوّامات في المحيط الهادئ ضرورية لرصد ظاهرة ال نينيو والتنبؤ بها، وهذا أمر مهم جدا للتنبؤات الموسمية خلال فصل الشتاء في الولايات المتحدة وعلى مدار العام في معظم المناطق الاستوائية، كما تتسم بأهمية للتنبؤات في إفريقيا، وتُعدّ أساسية لاتخاذ قرارات مرتبطة بالإنتاج الزراعي، والتي يُتوقَّع أن تكون أسوأ بكثير”.
وعن احتمال أن تستثمر دول أخرى في مراقبة المناخ، قال ثورن “إذا لم يُطلق قمر اصطناعي واحد أو أكثر تابع لناسا أو الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، فذلك سيضمن فجوة لسنوات عدة بل لعقود، في قدرات رصد الأرض. سنكون في الظلام عندما نريد معاينة معطيات معينة عن الكوكب”، مشيرا إلى أنّ “جهات أخرى تجري مهمات جديدة من شأنها أن تتيح لنا رصد الأرض بوضوح أكبر”.
كلم/رك/لين