The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

عندما تتحوّل أنقاض غزة إلى مقابر للضحايا

afp_tickers

يشير أحمد سليم إلى تلة من الكتل الإسمنتية وسط دمار واسع دُفن تحتها أفراد عائلته بعد مقتلهم في قصف إسرائيلي منذ حوالى السنة… كما آلاف الجثث الأخرى في قطاع غزة، لا تتوافر المعدات اللازمة لانتشالهم.

ويقول سليم (43 عاما) قرب أنقاض منزله في حي الزيتون في شرق مدينة غزة، “30 شهيدا هنا.. زوجتي، أولادي، أمي، أبي وآخرون ما زالوا تحت الركام… لم ينج غيري”.

ويتابع “قُصف المنزل المكوّن من خمسة طوابق في 25 كانون الأول/ديسمبر العام الماضي. لا نستطيع إخراجهم لعدم وجود معدات. لا أريد سوى انتشالهم من تحت الأنقاض ودفنهم”.

تحت أطنان ركام الحرب المدمّرة التي استمرّت سنتين بين حركة حماس وإسرائيل والتي استخدم خلالها الجيش الإسرائيلي آلاف القنابل والصواريخ والمسيّرات في القطاع الفلسطيني المحاصر، دُفنت “نحو عشرة آلاف جثة”، وفق تقديرات المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل الذي تكون فرقه عادة أول من يصل الى المكان الذي تعرّض للقصف للقيام بعمليات الإنقاذ.

ويقول بصل “لا يمكننا انتشال آلاف الجثث دون معدات ثقيلة. نحن بحاجة لإمكانيات لرفع الأسقف وأطنان الاسمنت فوق الجثث”.

ولا يتمكّن إياد ريان (55 عاما) من حبس دموعه وهو يشير الى مكان وجود جثة زوجته وطفليه تحت أنقاض منزلهم المدمّر في غرب غزة.

لم يتبقَ من المنزل الذي قصفه الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي بعد بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، إلا كومة من الركام. ويقول ريان “زوجتي وابني سمير وابنتي لانا ما زالوا هنا تحت الأنقاض، أناشد العالم مساعدتي لانتشالهم”.

– “العالم ظالم” –

وقتل 69185 فلسطينيا في الحرب في قطاع غزة، معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس.

ووفق مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية (يونوسات)، تقدّر زنة الحطام الناجم عن الدمار الواسع في القطاع، بـ53,5 مليون طن، أي نحو عشرة أضعاف زنة الهرم الأكبر (هرم خوفو) في الجيزة بمصر.

ووفق بيانات الأمم المتحدة التي حللتها فرانس برس، تقدّر زنة الحطام الناجم عن الدمار الواسع في القطاع بعد عامين من الحرب بنحو 61,5 مليون طن، أي ما يعادل وزن مبنى إمباير ستيت في نيويورك بحوالى 170 مرة أو وزن برج إيفل في باريس بستة آلاف مرة.

وتروي آمال عبد العال (57 عاما) أن جثتي ابنها وشقيقها لا تزالان تحت ركام منزل العائلة في حي الصبرة في شرق مدينة غزة منذ بداية الحرب.

وتقول عبد العال التي نزحت الى مدينة خان يونس في جنوب القطاع “لا يغيبون عن تفكيري. يعتصر قلبي وأنا أتخيّل أن الكلاب قد تصل لجثثهم وتأكلها. لن أرتاح حتى أقوم بدفنهم، حتى لو لم يتبق منهم سوى عظمة واحدة”.

ثم تضيف بحسرة “العالم ظالم، نشاهد الجرافات تبحث لانتشال الأسرى الإسرائيلين، ولا يكترثون لآلاف من شهدائنا”.

وسمحت إسرائيل بدخول جرافات ومعدّات ثقيلة مصرية الى قطاع غزة للمساعدة في استعادة رفات رهائنها. وشاهد سكان في القطاع الفلسطيني الفريق المصري يعمل الى جانب عناصر من حماس وبمرافقة الصليب الأحمر، في مناطق عدّة لانتشال جثث رهائن سُلّمت إلى إسرائيل في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ دخول هذا الاتفاق حيّز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر، أعادت حماس جميع الرهائن العشرين الأحياء الذين كانوا لا يزالون محتجزين في القطاع منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على إسرائيل. كما أعادت 25 جثة من أصل 28، وفق بنود الاتفاق الذي أبرم بناء على خطة طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. 

ويقول بصل إنه تمّ انتشال نحو 500 جثة لفلسطينيين منذ وقف الحرب، من الشوارع أو تحت ركام منازل تعرّضت لدمار جزئي وتمكّنت فرق الإنقاذ من الوصول اليها بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق عدة.

وتسلّمت وزارة الصحة في قطاع غزة، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، 330 جثمانا لفلسطينيين كانت إسرائيل نقلتهم من قطاع غزة خلال الحرب.

– نبش باليدين –

كان عامر أبو الطرابيش من الذين نجحوا بانتشال جثث ثلاثين فردا من عائلته، من تحت الركام، بينهم والداه، بعد توقف العمليات العسكرية.

سقط هؤلاء الضحايا قبل أكثر من سنة في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا في شمال القطاع.

ويروي الرجل الذي نزح الى جنوب قطاع غزة خلال الحرب لوكالة فرانس برس “والداي،أخي وأولاده وزوجته، عمي وزوجته وأولادهم، 30 شخصا من عائلتي كانوا تحت ركام البيت لأكثر من عام”.

ويتابع “فور توقّف الحرب، عدت الى منزلنا في الشمال… بدأت بالحفر بيدي وبإزالة الركام بأدوات بسيطة، حتى استطعت انتشالهم جميعا بمساعدة الجيران والأصدقاء”.

ويضيف متأثرا “أخرجتهم جثثا كاملة لم تتحلّل. شعوري مختلط لا يوصف. حزن وفقد ووجع لكنني استطعت أن أخرجهم فردا فردا، واستطعت توديعهم وأشبعت نظري منهم قبل دفنهم”.

من جهة أخرى، تقول بعض العائلات التي تمكّنت من دفن ضحاياها خلال الحرب وتحت القصف، إن الإجراءات التي اتخذتها للدفن كانت مؤقتة.

ويروي محمد نعيم (47 عاما) أن عائلته الكبرى اضطرت لدفن 43 شخصا من أفرادها قتلوا في بداية الحرب في غارة إسرائيلية في سبعة قبور.

ويوضح “وضعنا أشلاء أفراد كل عائلة في قبر، لكننا أقسمنا أمام قبورهم أننا سنخرجهم ونعيد دفنهم بكرامة في مدينة غزة”.

بور-مي/رض/ع ش

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية