مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 فلسطينيون في واشنطن!

منذ ان عينه الرئيس عرفات في منصب وزير الداخلية، اصبح اللواء عبد الرزاق اليحيى شخصية محورية في السلطة الوطنية الفلسطينية. Keystone

تشكل الزيارة التي سيقوم بها وفد من السلطة الوطنية الفلسطينية الى واشنطن منعطفا في ملف العلاقات الامريكية الفلسطينية

اذ ان هذه الزيارة قد تكون حاسمة في تقييم الاصلاحات التي ادخلها الرئيس عرفات على اجهزة السلطة الفلسطينية، على الرغم من انها تاتي في ظروف امنية عصيبة.

دعت الادارة الامريكية، وفق ما تؤكده مصادر فلسطينية مطلعة، الوفد الذي يفترض ان يضم وزراء الداخلية والحكم المحلي والاقتصاد، اثر دراستها ومراقبتها للخطوات الاخيرة التي اتحذتها قيادة الرئيس ياسر عرفات في سياق اشتراط الامريكيين اجراء تغييرات امنية وادارية على اجهزة السلطة الوطنية.

وكانت تشكيلة الوفد محل خلاف بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية انتهى بضم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ووزير الاقتصاد ماهر المصري الى الوفد الذي ارادت واشنطن ان يضم فقط وزير الداخلية اللواء عبد الرزاق اليحيى ووزيرالمالية سلام فياض اللذين تعتبرهما الادارة الامريكية محل ثقة ومصداقية.

واشارت المصادر ذاتها الى ان مسؤولي وزارة الخارجية الامريكية المكلفين بمتابعة الدور الجديد الذي يقوم به وزير الداخلية الفلسطيني، اللواء عبد الرزاق اليحيى، اوصوا في تقاريرهم الاخيرة بضرروة دعوة وفد فلسطيني لزيارة واشنطن في وقت اجّلت فيه الادارة الامريكية ارسال الفريق الخاص التابع لوكالة الاستخبارات الامريكية CIA الى المناطق الفلسطينية واسرائيل.

ومن بين اسباب تاجيل زياة الفريق الامريكي، ان يبقى الخبراء في واشنطن حتى يستمعوا الى وزير الداخلية الفلسطيني عن كثب، عن خطواته وبرنامجه الخاص بالاصلاح الامني، خصوصا وان الوضع القائم على الارض في المناطق الفلسطينية لا يسمح حتى اللحظة بالحكم على نجاح او فشل الفريق الجديد في القيادة الفلسطينية.

 مصداقية اللواء اليحيى

جاءت التوصية بزيارة واشنطن بعد تردد امريكي في تقييم آداء اللواء اليحيى، لانه ومن وجهة نظر المراقبين الامريكيين، بدا وكانه قد تراجع عن بدايته القوية في منصبه والتي سجلت اقالة شخصيتين قويتين هما العقيد جبريل الرجوب الرئيس السابق لجهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية واللواء غازي الجبالي قائد الشرطة الفلسطينية.

لكن ما لبث وزير الداخلية، الذي يعرف بتكتمه ومهنيته العالية، ان خرج بخطوة قوية جديدة باقالة خمسة من كبار ضباط الشرطة الفلسطينية ونجاحه في الحصول على موافقة عرفات، الذي عرف دوما بالحفاظ على رجاله الموالين مهما كانت الظروف.

ولم يكن لمثل التوصية ان تخرج الى النور بسبب هذه الخطوة فقط، بل كذلك لوجود الخطة الامنية “المحكمة” التي طرحها اللواء اليحيى على وزير الخارجية الاسرائيلي شيمون بيريز خلال لقائهما قبل نحو اسبوعين.

الخطة التي ردد الاسرائيليون انها حازت على اعجاب بيريز، تقضي بعودة جهاز الامن الفلسطيني الجديد الى اخذ زمام الامور وفق برنامج مهني لا ينقصه سوى انسحاب القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية المحتلة واعطاء الفلسطينيين الفرصة للعمل.

وقد تزامن الاجراء كذلك مع الغاء، او على الارجح، تاجيل زيارة مماثلة كان يفترض ان يقوم بها اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية الى رام الله وتل ابيب، علما ان المخابرات المصرية تعمل بالتنسيق مع الادارة الامريكية في متابعة ملف اعادة هيكلة الاجهزة الامنية الفلسطينية في سياق مطلب الاصلاح الاداري والامني الذي تحرص واشنطن على ابقائه حيا متوقدا.

 مضمون الزيارة

وقد ترافق تاجيل الزيارة مع تطورات غارة حي الدرج في غزة والاعلان عن تقرير التنمية الذي اعده فريق بحث امريكي وخلص الى نتائج كارثية عن الوضع المعيشي للفلسطينيين في الاراضي المحتلة، وهي مواضيع تصب جميعا في بلورة اجندة الوفد الفلسطيني المتوجه الى واشنطن وكذلك في برنامج الادارة الامريكية.

يضاف الى ذلك كله، العمل الدؤوب الصامت الذي يقوم به وزير المالية الجديد، سلام فياض، في اعادة هيكلة شاملة للادارة المالية للسلطة الفلسطينية والتي تعرضت في الماضي لانتقادات امريكية لاذعة.

ويؤكد المقربون ان فياض الذي تعبتره الادارة الامريكية وزميله اليحيى قطبي السلطة الفلسطينية، حقق نتائج سريعة في عملية الاصلاح الاداري التي تولاها قبل نحو شهرين وان انشغاله الكبير في هذه المهمة لن يسمح له بالمشاركة ضمن الوفد الفلسطيني في زيارة واشنطن الاسبوع المقبل.

الا ان عدم حضور فياض لا يزعج الامريكيين كثيرا، بل انهم يستخدمون نجاحه دليلا على مطلبهم بضرورة الاصلاح الاداري، وكذلك الاشهار بانه احد اثنين فقط ترى فيهما الادارة الامريكية شروطها للقيادة الفلسطينية التي تريد.

وعليه، فان اجندة لقاء واشنطن المرتقب تتحدد في امرين رئيسيين، الاصلاح الاداري والامني، والظروف المعيشية لفلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة التي لم ينجح سوى تقرير امريكي في قرع ناقوس الخطر بشانها.

الادارة الامريكية، وفق ما اكد مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، تمارس ضغوطا مكثفة على اسرائيل لتخفيف الحصار عن الفلسطينيين، مقابل اصرراها على الحصول على نتائج ملموسة في عمليتي الاصلاح الاداري والامني.

والمفارقة هنا، هي ان اسرائيل تصر على مواصلة احتلال جميع المدن الفلسطينية وعدم اعطاء الجانب الفلسطيني الفرصة لتطبيق خططه الامنية، وبالتالي حرمانه من اي نتائج ملموسة في هذا المضمار.

وحتى ينعقد لقاء واشنطن، تواصل اسرئيل شد الحبل في وجه السلطة الفلسطينية الممعنة في لعبة الدبلوماسية وعدم الخروج عن “الخطوط الحمر” والاعلان جهرا بقبول خطة بيريز ووزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر في الانسحاب التدريجي من بعض المناطق المحتلة. لكن كل ذلك يظل مرهونا بتوقف اعمال العنف، لاسيما الاعمال الانتحارية التي تنفذها بعض الفصائل الفلسطينية داخل الخط الاخضر.

هشام عبد الله – رام الله

– توحيد أجهزة الأمن
– ترشيد الإنفاق

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية