مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لجنة حقوق الإنسان تدين اغتيال الشيخ ياسين

السفير الفلسطيني نبيل الرملاوي أثناء إلقاء مداخلته أمام الجلسة الخاصة للجنة حقوق الانسان في جنيف يوم 24 مارس 2004 Keystone

أدانت لجنة حقوق الإنسان بأغلبية ساحقة اغتيال إسرائيل لزعيم حركة حماس الشيخ أحمد ياسين في جلسة خاصة دعت إليها منظمة المؤتمر الإسلامي.

القرار الذي عارضته الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا فقط، يرى فيه السفير الإسرائيلي موقفا منحازا، بينما اعتبر السفير الفلسطيني أنه أقل ما يمكن القيام به.

مرة أخرى تعقد لجنة حقوق الإنسان جلسة خاصة لمعالجة الأوضاع الطارئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هذه المرة بعد اغتيال إسرائيل لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين عقب خروجه من الصلاة، مثلما شدد على ذلك أغلب المتدخلين.

الجلسة الخاصة التي دعت إليها باكستان باسم دول منظمة المؤتمر الإسلامي، انتهت بالمصادقة بأغلبية واحد وثلاثين صوتا مقابل صوتي الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، على لائحة “تدين بشدة الانتهاكات الخطيرة والمستمرة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة الاغتيال المأساوي للشيخ أحمد ياسين في 22 آذار مارس 2004، الذي يشكل مخالفة لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب والمؤرخة في 12 أغسطس 1949″، مثلما جاء في نص القرار.

كما عبر القرار الصادر عن الجلسة الخاصة عن “القلق البالغ لما لهذه الاغتيالات والتصفيات وقتل القيادات السياسية من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي من آثار على الوضع الإجمالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة إمكانية إندلاع موجة عنف جديدة”.

الإدانة: “انحياز”؟

وكالمعتاد في مثل هذه الحالات، اشتد الجدل بين مؤيدي عقد تلك الجلسة الخاصة ومعارضيها، حيث تدخلت العديد من الدول الاعضاء وغير الأعضاء في لجنة حقوق الإنسان وكذلك المنظمات غير الحكومية، للتعبير عن مواقفها من عملية الاغتيال ومن عقد الجلسة الخاصة.

فقد اعتبر السفير الإسرائيلي جاكوب ليفي أن لجنة حقوق الإنسان “بلغت مستوى لم يسبق له مثيل بتزكية وتشجيع الإرهاب في الوقت الذي ترفض فيه حق دفاع اسرائيل عن نفسها ضد هذا الشر” على حد تعبيره.

وقد هاجم المندوب الإسرائيلي الدول العربية ودول منظمة العالم الإسلامي متهما إياها بأنها “تحاول صد هذا المحفل الدولي عن مهمته الأساسية، أي مناقشة ومتابعة انتهاكات حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم، ومعظمها تقع في تلك الدول التي ساندت قرار عقد الجلسة الخاصة”.

من جهته عدد السفير الأمريكي البنود الواردة في برنامج الدورة الحالية للجنة حقوق الإنسان التي يتم من خلالها التطرق إلى وضع إسرائيل، وهي البند الخامس والثامن والتاسع. ورأى ممثل الولايات المتحدة الأمريكية أنها كافية للتطرق خلالها إلى تصرف إسرائيل، وذلك في استعراض تبريره لمعارضة عقد هذه الجلسة الخاصة.

كما رأى المندوب الأمريكي أن هذه القضية من صلاحيات مجلس الأمن وليس لجنة الحقوق الإنسان، منتهيا إلى اعتبار أن التطرق لها خلال هذه الجلسة ما هو إلا “تعبير عن التسييس الذي يؤدي إلى انحراف هذه اللجنة عن مهامها”.

“أقل ما يمكن القيام به”

الجانب المؤيد لعقد الجلسة الخاصة رأى من جهته أن إصدار لجنة حقوق الإنسان لإدانة واضحة لاغتيال الشيخ أحمد ياسين ما هو إلا “أقل ما يمكن أن تقوم به لجنة تدافع عن حقوق الإنسان في العالم”.

فقد اعتبر سفير فلسطين أن الجرائم المتكررة التي قامت بها إسرائيل منذ سنوات دون اكتراث لقرارات لجنة حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وآخرها “اغتيال رجل عجوز مشلول عندما كان خارجا من صلاة الفجر”، لا تستدعي فقط عقد جلسة خاصة لتوجيه الإدانة واللوم لحكومة إسرائيل، بل تضع المسؤولية كاملة على المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة لكي يتحمل التزاماته في وقف هذا التدهور في احترام القانون الدولي من طرف دولة عضو”.

وتساءل السفير الفلسطيني مخاطبا رئيس لجنة حقوق الإنسان: “إذا كان الارهاب هو قتل المدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهداف معينة… فإن ما تقوم به إسرائيل في الأراضي المحتلة منذ سنوات يُدخل إسرائيل كدولة إرهابية إلى جانب الأفراد والجماعات”.

وكان إرهاب الدولة أيضا محور مداخلات العديد من الدول العربية وغير العربية المناصرة لعقد الجلسة الخاصة التي حملت على إسرائيل استعمالها المفرط للقوة، وتجاهلها لقرارات الأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان.

وفي إجابة على تساؤل يتعلق بمغزى إقدام إسرائيل على مثل هذا العمل في هذا الوقت بالذات قالت السفيرة المصرية: “إن إسرائيل لا تريد سلاما بل تريد حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد حتى تستمر الأوضاع المتردية، وحتى تبقى أمام إسرائيل حجة العيش في بيئة معادية وتدوم ذريعتها في امتلاك أسلحة الدمار الشامل”.

وإذا كان عقد الجلسة الخاصة وإصدار بيان يدين اغتيال الشيخ أحمد ياسين، يجنب لجنة حقوق الإنسان مهزلة الهروب من الخوض في القضايا الساخنة تحت ضغط القوة العظمى مثلما حدث في ملف العراق العام الماضي، فإنه سوف لن يكون أكثر من قرار آخر يضاف إلى عشرات القرارات والإدانات الصادرة ضد إسرائيل، والتي بقيت حبرا على .. ورق.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية