
مراكز الاحتيال الإلكتروني المعتمدة على ستارلينك تزدهر في بورما (تحقيق لفرانس برس)

أظهر تحقيق أجرته وكالة فرانس برس أنّ أعداد مراكز الاحتيال الإلكتروني المتّهمة باختلاس مليارات الدولارات حول العالم شهدت طفرة في بورما حيث باتت تستخدم هوائيات “ستارلينك”، وذلك بعد أشهر على عملية للقضاء عليها.
وبحسب صور أقمار اصطناعية حلّلتها وكالة فرانس برس، شُيّدت على الحدود مع تايلاند قرب منطقة مياوادي (جنوب شرق) عشرات المباني في مجمّعات محاطة بحراسة شديدة وتُجرى منها المكالمات والاتصالات الاحتيالية عبر الإنترنت.
وأظهرت صور التقطتها وكالة فرانس برس بواسطة طائرة مسيّرة صفوفا طويلة من هوائيات “ستارلينك” على بعض هذه الأسطح.
ومنذ منتصف حزيران/يونيو، أصبحت شركة “ستارلينك” المملوكة لإيلون ماسك إحدى الشركتين الرئيسيتين لتزويد خدمة الإنترنت في بورما.
وفي واشنطن، قال متحدّث باسم اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس لوكالة فرانس برس إنّ اللجنة فتحت تحقيقا في أواخر تمّوز/يوليو لتحديد الدور الذي تؤدّيه “ستارلينك” في تزويد هذه المراكز بالإنترنت.
ورغم أن هذه اللجنة تستطيع استدعاء ماسك إلى جلسة استماع، إلا أنّها لا تستطيع إجباره على الإدلاء بشهادته.
ولم تردّ “سبايس إكس”، الشركة الأم لـ “ستارلينك”، عندما حاولت وكالة فرانس برس الاستفسار منها.
في شباط/فبراير، وبضغط من الصين وتايلاند وبورما، وعدت الميليشيات البورمية المتحالفة مع المجلس العسكري الحاكم والتي توفّر الحماية لمراكز الاحتيال الإلكتروني هذه بـ”اجتثاثها”.
وفي إطار عملية “الاجتثاث” هذه، تمّ تحرير نحو 7 آلاف شخص، معظمهم مواطنون صينيون، من هذه المراكز التي تعمل على أساس نظام وحشي يستخدم، وفقا للأمم المتحدة، السخرة والإتجار بالبشر.
وصرّح عدد كبير من العمال لفرانس برس أنّهم تعرضوا للضرب وأجبرهم رؤساء هذه المراكز على ارتكاب عمليات احتيال.
وتستهدف هذه المراكز ضحاياها في سائر أنحاء العالم، لا سيّما عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
– استئناف أعمال البناء –
بعد أسابيع فقط من تصدّر هذه العمليات عناوين الصحف، استؤنفت أعمال البناء في عدد كبير من المراكز الواقعة على طول نهر موي الحدودي مع تايلاند.
بين آذار/مارس وأيلول/سبتمبر، شُيّدت عشرات من المباني في أكبر مجمّع في المنطقة هو “كاي كاي بارك”، بحسب صور لأقمار اصطناعية من شركة “بلانيت لابس بي بي سي” حلّلتها وكالة فرانس برس. كما شُيّدت طرق جديدة ومستديرة، ووُسّعت نقطة الأمن عند المدخل بشكل كبير.
وأكّدت صور لمجمّع “كاي كاي بارك” التقطها صحافيو وكالة فرانس برس بطائرة مُسيّرة في أيلول/سبتمبر، استمرار أعمال البناء، إذ تُظهر عمّالا في مواقع بناء كبيرة ورافعات وسقالات.
وظهر في صور أقمار اصطناعية أخرى ما لا يقل عن خمسة مواقع جديدة لعبور نهر موي بواسطة العبّارات لتزويد المراكز من جهة تايلاند.
ولاحظت وكالة فرانس برس أيضا إنشاءات أو تطويرات جديدة في عدد من مراكز الاحتيال الـ26 الأخرى التي أحصاها المعهد الأسترالي للاستراتيجية السياسية ASPI المموّل جزئيا من وزارة الدفاع الأسترالية، في محيط مياوادي، بما في ذلك مركز شوي كوكو الذي وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه “سيئ السمعة”.
في الشهر الفائت، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تسعة أشخاص مرتبطين بشوي كوكو والمجرم الصيني شي تشيغيانغ، مؤسس مركز ياتاي نيو سيتي الكبير في المدينة.
– استجواب ستارلينك –
دعت السيناتور ماغي حسن، زعيمة الديمقراطيين في اللجنة الاقتصادية المشتركة بين مجلس الشيوخ والنواب، إيلون ماسك إلى تعطيل الوصول إلى شبكة “ستارلينك” في مراكز الاحتيال.
وقالت في بيان “لاحظ كثيرون ازدياد الرسائل النصية والمكالمات والرسائل الإلكترونية الاحتيالية، لكنهم لا يدركون ربما أن المجرمين في مختلف أنحاء العالم قادرون على تنفيذ هذه العمليات الاحتيالية باستخدام ستارلينك”.
وبعثت حسن إلى ماسك رسالة في تموز/يوليو تطلب منه فيها الإجابة على 11 سؤالا عن دور شركته.
وبحسب إيرين ويست، وهي مدعية عامة سابقة في كاليفورنيا أصبحت رئيسة منظمة “أوبريشن شامروك” التي تنظّم حملات ضد هذه المراكز “من المروع أن تسمح شركة أميركية بحدوث ذلك”.
في تموز/يوليو 2024، عندما كانت ويست مدعية عامة متخصصة في الجرائم الإلكترونية، حذّرت “ستارلينك” من استخدام المنظمات الإجرامية التي تُدير هذه المراكز لهوائياتها، من دون أن تتلقّى أي رد.
يُعدّ الأميركيون هدفا متزايدا لشبكات الاحتيال الإلكتروني في جنوب شرق آسيا، بحسب وزارة الخزانة الأميركية، إذ قُدّرت الخسائر بنحو 10 مليارات دولار عام 2024، مما يشكل زيادة قدرها 66% على أساس سنوي.
أشار تقرير للأمم المتحدة عام 2023 إلى أن 120 ألف شخص أقلّه سيُجبرون على “ارتكاب عمليات احتيال إلكتروني” في مراكز بورمية. أما في كمبوديا فيُقدّر عددهم بنحو 100 ألف شخص.
بور-نلك-فغ/رك/ص ك