مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منظمات دولية تحمّل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة

تتفاقم معاناة الفلسطينيين بسبب نقاط التفتيش والمعابر. في الصورة: جندي إسرائيلي ينظم طوابير العابرين قرب نابلس يوم 4 مايو 2008. Keystone

حذّرت كل من منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية من "انتشار اليأس والإحباط والغضب" بين صفوف الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة بسبب البؤس والفقر، والأوضاع الصحية المتدهورة.

وأشار تقرير أصدرته منظمة العمل الدولية الخميس 22 مايو الجاري إلى أن “البطالة تفتك بثلثيْ اليد العاملة الفلسطينية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وأن الفقر يتفشى في صفوف العمال، ومستوى المعيشة في تراجع مستمر”.

ويعدد التقرير الآثار المدمرة للحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة بعد استيلاء حماس على السلطة فيها، وكذلك الظروف الصعبة التي يعايشها الفلسطينيون في الضفة الغربية نتيجة انتشار نقاط المراقبة والتفتيش.

وبحسب التقرير نفسه، 80 % من سكان القطاع أصبحوا يعتمدون كليا على الإعانات الغذائية الدولية، منذ فرض الحصار على غزة، وأوضاع الأسر الفلسطينية تزداد تأزما مع الارتفاع المشط في أسعار المواد الغذائية.

كما يلفت تقرير منظمة العمل الدولية الأنظار إلى تزايد حالات الفقر الشديدة في صفوف الشعب الفلسطيني والتي باتت تشمل 40 % من مجموع سكان غزة و19% من سكان الضفة الغربية. ويعود تحسن الأوضاع نسبيا في الضفة الغربية بحسب التقرير إلى استئناف السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله دفع أجور الموظفين بعد تلقيها دعما ماليا من الجهات الدولية المانحة.

تردي الأوضاع الصحية

وتزامن صدور تقرير منظمة العمل مع نداء وجهته الأربعاء 21 مايو الجاري جمعية الصحة العالمية الحادية والستون المجتمعة بجنيف، تدعو فيه إسرائيل إلى رفع الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة على الفور، وإلى فتح المعابر التي تصل القطاع بالعالم الخارجي.

ويُحمل القرار الذي أيدته 97 دولة، وعارضته 9 دول إسرائيل مسؤولية “النقص الفادح في الأدوية” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويدعوها إلى “ضمان ممر آمن ومن دون عوائق لسيارات الإسعاف العاملة في الأراضي الفلسطينية، وإلى ضمان سلامة العاملين في القطاع الصحي طبقا لنصوص القانون الدولي الإنساني”.

قرار منظمة الصحة العالمية الذي جاءت لغته متشددة على غير العادة ندد أيضا بما أسماه “المضاعفات الخطرة” للجدار الفاصل بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، الذي أقامته إسرائيل “لحماية نفسها من الهجمات الفلسطينية”. وبحسب منظمة الصحة فإن “هذا الحائط يمنع السكان الفلسطينيين في كل من الضفة والقطاع والقدس الشرقية من الوصول إلى الخدمات الصحية، ويحد من فعاليتها”.

ولذلك يحث القرار دولة إسرائيل على “الالتزام بقرار محكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 9 يوليو 2004، والقاضي بعدم شرعية الجدار، وداعيا في نفس الوقت إلى إزالته”.

ولمتابعة تنفيذ القرار، دعت جمعية الصحة العالمية المدير العام للمنظمة إلى “فتح تحقيق حول الأوضاع الصحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقديم الدعم التقني المطلوب للقطاع الصحي هناك، ورفع تقرير حول هذا الموضوع خلال الدورة المقبلة التي تعقد بعد سنة”.

هوة شاسعة بين الخطاب والواقع

تقرير منظمة العمل الدولية كذلك ربط بشكل مباشر بين الأوضاع المعيشية الصعبة للشعب الفلسطيني والإجراءات الأمنية والسياسية التي تتخذها إسرائيل ميدانيا. و تؤكد اللجنة التي أشرفت على إنجاز التقرير وتجولت في المنطقة قبل إعداده، على أن الآمال الكبيرة التي علقت على مسار أنابوليس واللقاءات الدولية المتكررة لإطلاق عملية السلام، لم تغير شيئا على المستوى الميداني.

وبحسب منظمة العمل دائما “تواصلت سياسات الإغلاق المتكررة، والإجتياحات العسكرية، والانتظار الطويل أمام نقاط العبور، ونظام التراخيص المسبقة للانتقال من مدينة إلى أخرى، والتوسع المستمر للمستعمرات، وفصل مدينة القدس عن بقية الأراضي المحتلة”.

وانتهت منظمة العمل الدولية بالتالي إلى “أن الظروف الصعبة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني ليست نتيجة مضاعفات العولمة، أو من آثار إعصار طبيعي ، وليس من فعل الجفاف والتغيرات المناخية، بل المسؤول الوحيد عنها هو الاحتلال العسكري الإسرائيلي، والتمييز الجماعي الذي يمارسه ضد شعب بأكمله”.

وإلى حد إعداد هذا التقرير، لم يتسنّ الحصول على رد فعل من البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة عما ورد في تقرير منظمة العمل الدولية، أو القرار الذي صدر عن الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، حيث أكدت البعثة في اتصال هاتفي معها غياب المتحدث بإسمها، وبالتالي عدم إمكانية التصريح بأي موقف.

السلطة تريد جذب الإستثمارات..و لكن!

هذه العوائق نفسها هي التي تجعل رجال الأعمال يترددون في الاستثمار في الأراضي الفلسطينية. وهو ما أشار إليه العديد من المشاركين في المؤتمر الدولي الذي ينعقد في بيت لحم في الفترة الممتدة بين 21 و23 مايو الجاري، بحضور 1900 مشارك جاؤوا من مختلف أرجاء العالم.

ويدرك هؤلاء المؤتمرون أن الوضع الأمني والسياسي في تلك المنطقة هش جدا، وأنه من الصعب نجاح الإستثمارات في ظل الحصار الإسرائيلي. ويتساءل أحد المستثمرين النرويجيين حضر مؤتمر بيت لحم: “لنفترض أنني اشتريت وسادات من إحدى الشركات هنا في نابلس، ولم يسمح المحتل الإسرائيلي لشريكي التجاري بإرسالها لي، فما هو الحل؟، وكيف سأقنع حرفائي بذلك”.

ويعترف حسن أبوليده، المشرف العام على المؤتمر أنه “في انتظار إبرام معاهدة سلام، على رجال الأعمال التوجه إلى الإسرائيليين لطلب ضمانات للقيام بأعمال تجارية”.

سويس انفو والوكالات

بلغ معدل النمو في الأراضي المحتلة سنة 2007 ما قدره 3%

تبلغ نسبة البطالة في صفوف اليد العاملة الفلسطينية 25 % في الضفة الغربية و40% في قطاع غزة.

من المتوقع أن يجذب مؤتمر بيت لحم استثمارات بقيمة مليارا دولار، بما يسمح باستحداث 5000 موطن شغل في ميادين السياحة، والزراعة والاتصال.

يتلقى 1.3 مليون فلسطيني في غزة، و 700 ألف آخرين في الضفة الغربية احتياجاتهم الغذائية من المعونات الدولية.

حتى فبراير 2008، بلغ عدد الحواجز العسكرية في الضفة الغربية 580 حاجزا.

بحسب غرفة التجارة في نابلس، تراجعت الأعمال التجارية بنسبة 40 % بسبب الإجراءات العسكرية المحيطة بالمنطقة.

زارت بعثة منظمة العمل الدولية الأراضي المحتلة في بداية أبريل 2008 وشملت جولتها قطاع غزة والضفة الغربية والجولان المحتلة. وأعدت إثر ذلك تقريرا حول الأوضاع المعيشية في المنطقة سيقدم للمؤتمر السنوي للمنظمة الذي ينعقد بجنيف بداية من 27 مايو الجاري.

ومن أهم الإستنتاجات التي توصلت إليها البعثة في زيارتها:

– ارتفاع نسبة البطالة وتدهور الأوضاع الاجتماعية واستمرار تصاعد نسبة الفقر بين السكان المحليين.

– الفارق الكبير بين الآمال المعلقة في الخارج على عملية السلام، والأوضاع الميدانية المتردية في الأراضي المحتلة.

– الدعم المالي الكبير الذي تلقته السلطة الفلسطينية في رام الله، وعدم جدوى وفعالية تلك المساعدات في ظل سياسة الحصار وتحديد الحركة على الأرض مما يعطل أي عملية إقلاع إقتصادي.

– ظهور مؤشرات قوية على ضعف المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وتفكك مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وتدهور ظروف العمل إن وجد وتشغيل الأطفال.

– نسبة البطالة المرتفعة في صفوف الطبقة المتعلمة وصفوف النساء، وانتشار الفقر خاصة لدى كبار السن، والعائلات التي فقدت عائلها بسبب الاعتقال في السجون الإسرائيلية، أو قتل في أعمال عنف.

وتضمن التقرير بالإضافة إلى توصيف الأوضاع توصيات تدعو في أغلبها إلى إنهاء الحصار والاحتلال، ودعوة المجتمع الدولي إلى مساعدة الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى ما تعتزم المنظمة نفسها القيام به لتحسين تلك الأوضاع.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية