مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الجدار الإسرائيلي” .. صور لصراع غير عـادي

إحدى الصور التي التقطها عوديد بالتيلي المعروضة منذ 15 أبريل 2006 في مدينة فينترتور Keystone

افتتحت وكالة "كيستون" السويسرية للصور معرضا حول الجدار الفاصل في المناطق الفلسطينية، يشتمل على مجموعة من المشاهد التي تسجل الحياة اليومية في ظل استمرار مصادرة الإحتلال للأراضي.

الأعمال المعروضة التقطتها عدسة المصور الإسرائيلي عوديد باليلتي، الذي اعتبرت الوكالة أن معالجته كانت “محايدة وواقعية للغاية”.

امتلأت قاعة معرض “كوالا ماين” في مدينة فينترتور مساء العاشر من مايو بالعديد من الإعلاميين السويسريين من مختلف الصحف لحضور افتتاح معرض الصور الذي يحمل اسم “الجدار الإسرائيلي” بعدسة عوديد باليلتي.

الصور المعروضة توضح معاناة المدنيين اليومية في التنقل بين المناطق التي شطرها الجدار عنوة، من تلاميذ يعبرونه من الثقوب والشقوق للوصول إلى مدارسهم، أو السيدات لقضاء حاجياتهن اليومية. هناك من يجلس لا يعرف ماذا يفعل بعد أن جرفت الآلة العسكرية أرضه الزراعية مورد رزقه. حتى أحزان الوفاة توضح بعض الصور كيف يقف الجدار حائلا بين مشاركة الأهالي بعضهم في المواساة لتجاوز محنة فراق عزيز غال.

وتسجل بعض الصور معارضة الفلسطينيين للجدار بالنقوش والرسم عليه، فهناك رسومات تتحدث عن حب فلسطين، واخرى تحث على السلام، ملصقات عليها صورة عرفات، أو دعايات لناخبين وشخصيات سياسية معروفة، وهو ما رأى فيها النقاد تعبيرا عن مشاعر فئات الشعب الفلسطيني المختلفة تجاه هذا الحاجز الهائل المخالف للقانون الدولي، فهذه النقوش والرسوم ليست سوى احتجاج طويل المدى يبقى أمام كل زائر أو عابر من هذا المكان أو ذاك.

وتقول السيدة كاتري بوري أمينة المعرض لسويس انفو، بأنها اختارت الصور المعروضة وعددها 41 من بين أكثر من 500 لقطة سجلها عوديد منذ اللحظات الأولى لبناء الجدار وحتى اليوم، وأكدت على أن ما لفت نظرها هو أن عوديد اختار أن تكون هذه المناظر بالأبيض والأسود، رغم أن جميع أعماله الأخرى بالألوان.

كما أشارت بوري إلى البعد الإنساني في الصور، سواء في نظرات التحدي أو الألم، والسعادة البريئة رغم الأوضاع المأساوية المخيفة، كما أثنت على اختيار عوديد لزوايا التصوير، ولجوئه في بعض الأحيان إلى الإستعانة بالظل بدلا من الأشخاص، واستغلال فرصة وجود نوافذ ليستخدمها في تكريب الصورة بين أصل وخيال معكوس، يكون في الغالب رد فعل للحدث الرئيس في الصورة أو مكملا للمشهد، وهو ما رأى فيه النقاد مصداقية كبيرة في نقل الحدث.

أما عوديد نفسه، فيقول عن سبب اختياره لتصوير موضوع الجدار بالأبيض والأسود، بأن قصة الجدار وما سيتركه من بصمات وآثار وكيف تعامل الفلسطينيون معه وموقف إسرائيل، جعلت التباين في نظره إما أبيض أو أسود، كقطبين متضادين، أما المساحة الرمادية في الصور، والتي لابد وأن تظهر في الظلال والأجسام الباهتة، فهي تمثل حسب رأيه احتجاجات فئة قليلة من الفلسطينيين والإسرائيليين تتجمع مساء كل جمعة بحثا عن أمل في التعايش السلمي المشترك، وذلك حسب رسالة له وجهها إلى حفل افتتاح المعرض.

“صراع غير تقليدي”

ومن هامبورغ حرص فولكر لينش مدير تحرير الصور في مجلة شتيرن الألمانية على حضور حفل الإفتتاح، لاسيما وأن شتيرن هي صاحبة أول مجلة شهرية أوروبية متخصصة في التصوير الصحفي.

وقال لينش في كلمته بأن معالجة الصراع العربي الإسرائيلي بالصورة أمر ليس سهلا، إذ يتطلب حرفية فنية عالية وادراكا بخلفيات الصراع وإلماما بتطوراته، وفوق كل هذا مصداقية في نقل الحدث كما هو بالصورة التي تراها العين، وليس كما يريد المصور أن يراها.

وقال لينش بأن الصور التي وقع الإختيار عليها في المعرض، تغني عن الكلمات لأنها مكتملة العناصر، ويظهر فيها الضحية والمظلوم والباحث عن الأمل والجندي ولغة السلاح وحجم الدمار الذي يعيش فيه الفلسطينيين، كما نوه إلى أن العمل الصحفي التصويري في المناطق الفلسطينية واسرائيل ليس تقليديا لأن الأوضاع تتغير كل يوم، وبالتالي فهناك كل لحظة موقف جديد، وصورة مختلفة، تعطي انطباعات متعددة.

وأشار لينش إلى بعض الرموز في الصور مثل مرور أسلاك الهواتف عبر الجدار العازل، وهي ترمز حسب رأيه على الرغبة في التواصل، كذلك الصورة المرسومة على الجدار لفتاة تمسك ببالونات تطير بها في السماء، هي إصرار على التحليق فوق هذا الحاجز، وأنه لا شيئ مستحيل.

تاريخيا يرى لينش بأن قضية “الجدار” ليست جديدة لا في السياسة ولا في العمل الإعلامي، فكان جدار برلين، وهناك الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، والخط الفاصل بين الكوريتين، كلها موضوعات اثرت المادة التصويرية الإعلامية، لكنه يرى بأن الصراع العربي العربي الإسرائيلي كان له بعد آخر رفع من دقة الحاسة الصحفية للمصورين العاملين في هذه المنطقة بصورة كبيرة، وأثرت قيمة العمل الإعلامي هناك بشكل كبير.

عادة ما يقال بأن الصورة قد تغني عن ألف كلمة، أما هذا المعرض فإن ما فيه من معان حول تأثير الجدار على حياة الفلسطينيين اليومية يغني عن كتاب كامل.

سويس انفو – تامر أبو العينين – فينترتور

ينتظم معرض الصور الفوتوغرافية تحت عنوان “الجدار الإسرائيلي” في قاعة “كوالا ماين” للفنون في مدينة فينترتور من 12 أبريل إلى 15 يوليو 2006
يضم المعرض 41 صورة بالأبيض والأسود التقطتها عدسة المصور الإسرائيلي بوكالة كيستون للصور الإعلامية حول تداعيات بناء الجدار العازل، منذ بدء العمل فيه وحتى اليوم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية