مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“المقاطعة ليست عقوبة بل ضرورة”

مقاطعة المنتجات الامريكية في الدول العربية بدأت عقب الانتفاضة و أظهرت نتائج ملموسة، إلا انها تراجعت بعد حين Keystone

هذا ما يراه الخبير الاقتصادي المصري د.احمد النجار، فإلى جانب أن المقاطعة مطلوبة في الوقت الراهن بسبب الأوضاع المتدهورة في المناطق الفلسطينية وغياب خطوات فعالة لإنقاذ الموقف، فهي مطلب قومي للحفاظ على المصالح والاهتمامات العربية.

“مقاطعة” في وقت الأزمات العصيبة، و”حماية” في زمن المد والجذر، هذا ما يمكن أن يطلق على التعامل مع الأطراف الأخرى في المجال الاقتصادي، مع اختلاف الأسلوب والطريقة في كلتا الحالتين.

تحمس الشارع العربي لمقاطعة البضائع الأمريكية والبريطانية في بدايات الانتفاضة وانتشرت قوائم على شبكة الإنترنت وطاف بها البريد الإلكتروني حول الأرض مئات المرات، تحذر من التعامل مع منتجات بعينها وتطرح بدائل أخرى، وظهرت بوادر تأثيره في مدن الخليج ومصر، إلا أن هذا الضغط الشعبي العربي خفت صوته بعد عشرة أشهر فقط من بدء الانتفاضة، ولم يعد الحديث يدور حولها، وانطلقت المواسم التسويقية الصيفية، بينما تزداد الأمور تعقيدا في المناطق الفلسطينية.

الدكتور أحمد النجار يؤكد على أن الحكومات العربية لها حساباتها الأخرى، وهناك بعض الدول تخضع لضغوطات خارجية من هنا وهناك، فتنسحب من المقاطعة بشكل خفي، إلا أن الضغط الشعبي هو الفعال، لانه المستهلك النهائي للسلعة، وحتى لم تتخذ حكومة دولة عربية ما قرار بالمقاطعة، فمقاطعة الشارع هنا تكون ملموسة بشكل واقعي وأكثر فعالية.

تصادم المصالح

في أوقات اللاسلم واللاحرب أو التمهيد لمرحلة السلم وما سيتبعها من رخاء موعود للمنطقة بدأ التقارب الاقتصادي بسرعة فائقة بين الدول العربية وإسرائيل، ففتحت الدولة العبرية مكاتب التمثيل التجاري في سلطنة عمان وقطر وتونس والمغرب، وأعلنت تل أبيب صراحة وبوضوح أنها ترغب في أن تكون القوة الاقتصادية الفعالة في المنطقة والمركز المالي والسياحي ومنطلق الصناعات العالية التقنية في المنطقة.

فهل ترحب لبنان بمثل هذه التصريحات لينسحب من تحت قدميها بساط المركز الاقتصادي الذي تمتعت به قبل الحرب الأهلية؟ وهل تترك مصر أو سوريا بطموحاتها وخبراتها وخبرائها الساحة لإسرائيل بكل سهولة؟
في هذه الحالة يرى الدكتور أحمد النجار أن المصلحة القومية هي التي تفرض على الدولة العربية هنا حماية خططتها و مستقبلها.

المقاطعة العربية ليست أعجوبة

لا يجب اغفال أن المقاطعة ليست سلاحا ابتكره العرب ويستخدمونه دون غيرهم، فالولايات المتحدة الامريكية هي من اكبر الدول التي تستخدم هذا السلاح ضد العديد من الدول مثل ايران والعراق وليبيا والسودان وكوريا الشمالية وكوبا وبلغ عدد الدول التي استخدم ضدها هذا السلاح سبعين دولة منذ الخمسينيات، بل ان القانون الأمريكي يعاقب الشركات حتى الغير أمريكية التي تستثمر في ليبيا وايران في سابقة لا مثيل لها في التاريخ.

وتفعيل المقاطعة العربية لإسرائيل أمر يمكن تطبيقه، حسب رأي الدكتور النجار، لأنها لا تنفرد بمنتجات لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر، والبدائل تطرحها معامل و شركات الكثير من الدول العربية أو الآسيوية وربما بأسعار اقل من الإسرائيلية وجودة لا تقل عنها.

دول منطقة الخليج العربي التي تعتبر من أكثر الدول استيرادا واستهلاكا في المنطقة يمكنها أن تطبق المقاطعة بشقيها الرسمي والشعبي، إلا أن الغرف التجارية المشتركة تقف دون تفعيل هذه المقاطعة حفاظا على مصالحها الخاصة، التي تتعارض مع الرغبة الشعبية.

كيف يمكن تفعيل المقاطعة العربية؟

يعتقد الدكتور أحمد النجار أن حاجة إسرائيل إلى الأسواق العربية قوية جدا وحرمانها منها مؤلمة لها إذا كان التعامل مباشر بين الدول العربية وإسرائيل، وفي حالة التعامل غير المباشر فتكلفة الشحن والتأمينات سترفع من الأسعار بشكل يجعلها قابلة للمنافسة بسهولة تامة، أما اللجوء إلى الطرق الأخرى والتصدير غير المباشر فيمكن أن يكون عبئا على الاتحاد الاوربي أو الدول الاخرى، كما أن هذه المشكلة لن تقابل الدول العربية لان المجال متاح أماها لاختيار البديل بسهولة.

إضافة إلى هذا تحرم إسرائيل من التغلغل في الأوساط الاقتصادية من خلال غرف التجارة المشتركة أو جمعيات رجال الأعمال أو التبادل الاقتصادي في مجال المعلومات.

كما أنه من غير المنطقي أن تقوم هناك علاقات اقتصادية مباشرة أو غير ومباشرة بين الدول العربية وإسرائيل في ظل احتلال الجولان وجنوب لبنان وغياب حل للقضية الفلسطينية.

ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

تامر أبوالعينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية