رهان التقنية

توّج المنتدى الاقتصادي السويسري ثلاث شركات تميزت بجودة منتوجاتها وقدرتها على الابتكار Keystone

اختتم المنتدى الاقتصادي السويسري للشركات الصغرى والمتوسطة أعماله في مدينة تون مساء الجمعة الماضي بالإعلان عن الشركات الثلاث الفائزة بجوائز هذا العام عن الجودة والتميز.

جرى العرف أن يتم توزيع هذه الجوائز على أفضل الشركات الناشئة التي لا يزد عمرها عن ست سنوات والتي تمكنت خلال هذه الفترة الوجيزة من تحقيق نجاح لافت أو قدمت ابتكارا أو اختراعا جديدا.

وتقوم الشركات المشاركة في المسابقة بتقديم ملخص عن ظروف تأسيسها وطبيعة أعمالها وما تعتقد أنه الجديد الذي حقق لها النجاح، سواء كان ذلك في المجال التقني أو الخدمات، ولا يخلو الأمر بطبيعة الحال من التنويه إلى الصعوبات والعقبات التي واجهتها وكيف تغلبت عليها.

وقد حصلت على جوائز منتدى هذا العام شركات Pironix , Chem Speed , IDS.

 جنون البقر وراء فوزها

حصلت بيرونيكس على الجائزة الأولى وقدرها ثلاثون ألف فرنك قدمتها مؤسسة “برايس واتر هاوس”، تقديرا لدورها في اكتشاف أسرع اختبار معملي للكشف عن المادة المسببة لمرض جنون البقر.

تأسست بيرونيكس عام ستة وتسعين ويعمل فيها الآن خمسون شخصا في مجال تقنيات الكيمياء الحيوية، أسسها برونو أوش وماركوس موزر المتخصصان في الكيمياء الحيوية بعد انتهاء الدراسة في المعهد التقني العالي في زيورخ.

وعلى الرغم من أن المختصين أعلنوا سابقا عن إمكانية الكشف عن مرض جنون البقر في وقت مناسب، إلا أن هذه الشركة تخصصت في اجراء التحاليل والاختبارات للكشف عن المرض في مراحله المتقدمة أو قبل حدوثه حيث نجحت في ابتكار طريقة تحليل سريعة للكشف عن المادة المسببة لهذا المرض.

وقد تمكنت الشركة من بيع هذا الاكتشاف إلى جميع دول غرب أوروبا لتسجل بذلك خمسين في المائة من حجم مبيعاتها في هذا المجال على مستوى العالم.

 نجاحها ارتبط بالدقة والسرعة

أما الجائزة الثانية وقدرها خمسة وعشرون ألف فرنك، وقدمتها شركة الاتصالات السويسرية “سويس كوم” فقد فازت بها شركة “كيم سبيد” المتخصصة في قطاع ماكينات تصنيع الادوية بشكل أتوماتيكي وتأسست الشركة عام سبعة وتسعين ويعمل بها حاليا ستون شخصا.

انطلق مؤسسها رولف غوللر من خبرة طويلة لدى شركة روش، حيث وجد أن الادوية الحديثة تعتمد على مواد كيميائية معقدة التركيب ويحتاج إنتاجها إلى دقة متناهية وسرعة في نفس الوقت، لذلك نجح في تصميم وإنتاج ماكينة تقوم بهذه العملية بشكل أوتوماتيكي وبدقة عالية.

وبسرعة متناهية باع ماكينته إلى العديد من شركات الادوية ليحقق مبيعات بعشرة ملايين فرنك في أول سنوات عمل مؤسسته، ويتوقع أن يتواصل هذا النجاح ، حيث بدأت بعض المختبرات من خارج قطاع الصيدلة في شراء ماكيناته.

 اختراع متميز وراء النجاح

الجائزة الثالثة والاخيرة والتي تبلغ قيمتها عشرون ألف فرنك قدمها بنك UBS، فكانت من نصيب شركة “أي دي اس” وهي اختصار لـ Integral Drive Systems.

تأسست هذه الشركة عام خمسة وتسعين ويعمل بها الآن ثلاثون شخصا وتخصصت في إنتاج المحركات أو كما يقول مؤسسها البلغاري الأصل الكسندر ستوف تحويل كل ما هو طاقة كهربائية إلى طاقة ميكانيكية والعكس.

ويكمن نجاح هذه الشركة في اختراع نظام صغير الحجم يرفع من جهد المحركات مهما اختلف مجال استخدامها، حيث يمكن استخدام هذا النظام في جميع أنواع المحركات بداية من محركات ماكينات رفع المعدات الجبلية إلى المحركات الدقيقة المستخدمة في أجهزة الحاسوب.

كما نجحت هذه الشركة أيضا في إنتاج محطات توليد الكهرباء من الرياح بتكلفة رخيصة، وهو ما سمح بأن تحقق أرباحا منذ العام الاول، ويتزايد حجم مبيعاتها سنويا بمعدل يتراوح بين عشرين وثلاثين في المائة.

ولا يخفي مؤسس الشركة مدى الصعوبات التي اعترضته في بداية الطريق بحثا عن تمويل المشروع لتحويل الأفكار والاحلام إلى واقع، إلا أنه تمكن بالمثابرة والثقة بالنفس من الوصول إلى هدفه.

 ماذا عن بقية القطاعات؟

الشركات الثلاث التي حصلت على جوائز المنتدى الاقتصادي السويسري لهذا العام هي جزء من قصص نجاح استعرضتها بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن هذا النجاح ليس دليلا على أن جميع الشركات تشهد عصرها الذهبي، فمن الملاحظ أن الشركات التي تمكنت من تحقيق نجاح هي التي تعمل في المجال التقني الدقيق، كما أنها تستقي نجاحها من احتكارها لاختراع أو ابتكار مميز.

أما الشركات التي تزاول أنشطة عادية فهي تواجه بالفعل مخاطر قد تصيبها في مقتل، وربما يحتاج صراعها من أجل البقاء إلى جوائز خاصة يمكن أن تحمل مثلا اسم “جائزة الخروج من المأزق”.

تامر أبو العينين