مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“صب الزيت على النار”

الشائعات بدأت تتردد بقوة بأن المؤسسة العسكرية الجزائرية تسعى للإطاحة بالرئيس بوتفليقة swissinfo.ch

للمرة الثانية في أقل من أسبوع، فاجأ وزير الدفاع الأسبق والجنرال المتقاعد خالد نزار، أغلب المراقبين، باتهامه شخصيات بارزة في الحكومة الفرنسية، من خلال لقاء انفرد به التلفزيون الجزائري مع الجنرال نزار الذي قال إن حديثه المباشر في التلفزيون الجزائري، يُراد منه الإعلان الرسمي عن رفع دعوى قضائية في فرنسا، ضد الضابط الجزائري السابق لحبيب سوايدية صاحب كتاب الحرب القذرة، والذي اتهم الجنرال نزار، بأنه وراء الكثير من أعمال القتل والذبح والاختطاف.

وعكست تصريحات الجنرال نزار، وضعا سياسيا معقدا للغاية، لأنه لم يكن المسؤول السابق الوحيد الذي يدلي بتصريحات خطيرة، فقد صرح مثله الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية الأسبق قائلا: إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة محاصر وأنه لم يقم بواجبه بشكل كافي.

أما ما زاد الطين بلة، فهو الاحتجاج الذي صدر عن بوعلام بن حمودة، أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني، الحزب الحاكم السابق، الذي طالب بوتفليقة بالتخلي عن سياسية التشريع بالمراسيم، وأن عليه أن يحترم الدستور في هذا المجال، إذ لابد على حد تأكيد بن حمودة من تقديم مشاريع القوانين الجديدة إلى البرلمان، وأضاف بن حمودة، انه يجب أن لا تُزور الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة، في إشارة إلى تزوير انتخابات عام 97 البرلمانية والبلدية، والتي أوصلت التجمع الوطني الديموقراطي، حزب الأغلبية الحالي، إلى السلطة.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، قال بوعلام بن حمودة، إن التيارات السياسية في الجزائر، تنقسم إلى وطني إسلامي، وعلماني؛ ما أكد الإشاعات الأخيرة من أن وزير العدل ورئيس التجمع الوطني الديموقراطي، أحمد أويحيى، يعاني من بداية حصار حقيقية، بدعم مصادر مطلعة، من الرئيس الجزائري نفسه.

الانقسام داخل الطبقة السياسية

ويعود هذا إلى ما أسماه البعض، ببداية انقسام حقيقي داخل الطبقة السياسية، دليل هذا مناداة وزير الدفاع الأسبق خالد نزار لمن وقف معه وناصر إيقاف انتخابات عام واحد وتسعين البرلمانية، والتي كادت أن تفوز بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، في حين تتكتل التيارات الوطنية والإسلامية فيما تراه موقفا مفهوما من سكوت الرئيس بوتفليقة، تجاه ما يجري، وخصوصا مع ما يُشاع من أن المؤسسة العسكرية تريد الإطاحة به.

وقال الجنرال نزار، إن الكثير من ممثلي المجتمع المدني، ناصروا فكرة إلغاء انتخابات عام 91 البرلمانية، و ووجه ما يُشبه النداء إلى كل من وقفوا إلى جانبه، ومن بينهم زعيم حركة مجتمع السلم الشيخ محفوظ النحناح.

في حين تتكتل التيارات التي تُعرف بالإسلامية، عدا حركة مجتمع السلم للشيخ النحناح، وراء مطلب محاسبة مجرمي الأزمة الجزائرية طيلة عشر سنوات، مع الاختلاف في قبول أو رفض التدخل الأجنبي من قبل محكمة العدل الدولية.

ويرى الجنرال السابق خالد نزار، ان اتهامه رفقة بعض العسكريين السابقين في الجيش الفرنسي، بارتكاب الكثير من أعمال الذبح والقتل، لا يُراد منه إلا الانتقام ممن أوقفوا انتخابات عام 91، لأنهم أنقذوا الجزائر على حد قوله من قوى الظلامية الإسلامية على حد تعبيره. ووسط هذا، أعلن أحد الزعماء اليساريين البارزين من بلاد القبائل، فرحات مهني، أنه لا حل إلا في انفصال بلاد القبائل، عبر حكم ذاتي.

إلا أن الصحافة الجزائرية، أوضحت رأيها حول ما يجري في الساحة السياسية، وأكدت العديد من الصحف الجزائرية، أن الخلاف بين المؤسسة العسكرية والرئاسة، حول صلاحيات كل طرف، وأحقيته بالقيادة، جعل الطبقة السياسية والمجتمع المدني، في حالة انقسام خطير بين مؤيدي هذا الطرف أو ذاك.

سكوت الرئاسة

أما ما يظهر من كونه تأييد للتيار الوطني الإسلامي من طرف بوتفليقة فيبقى أمرا غير واضحا، وقد يكون الدليل على هذا برأي الاغلبية، هو سكوت الرئاسة عن دعوى فرحات مهني الانفصالية من بلاد القبـائل، وعدم تعليق الرئاسة على المذابح التي قتلت عشرات الجزائريين في الأيام العشر الأخيرة، إذ لا يعني هذا السكوت الرئاسي، الموافقة على انفصال بلاد القبائل، أو على ذبح المدنيين.

يبقى أن هذا التعقيد السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد، يدفع إلى التساؤل عن الكيفية التي تُحل بها الأمور، بسبب اختلاط اتهام الجيش بالمذابح، في اتهام الرئيس بالدكتاتورية، وباستمرار المذابح اليومية، مع المطالبة بانتخابات حرة ونزيهة، في الوقت الذي رُوجت فيه إشاعات خطيرة سرعان ما نفتها الحكومة، بشأن غلق أغلب المؤسسات الاقتصادية العمومية، الأمر الذي ولد غضبا عماليا كبيرا، كأن هناك أطرافا، تريد صب الزيت على النار، مع أن مطالبها مجهولة تماما.


هيثم رباني – الجزائر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية